هزة جديدة تضرب العدالة والتنمية التركى.. الحزب يستعد لفصل رئيسه السابق أحمد داود أوغلو.. معسكر أردوغان يتصدع بانشقاقات زعماء من الوزن الثقيل.. وحركة جديدة تتشكل لتحدي سلطته
داود أوغلو اعترض على سياسة أردوغان التعسفية مع معارضيه
رفيق أردوغان السابق يهدد بفضح معلومات عن دعمه للإرهاب
مشاورات بين كبار المنشقين عن حزب العدالة والتنمية لتأسيس حركة معارضة
ذكرت شبكة "بي بي سي" البريطانية أن اللجنة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وافقت على إحالة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، إلى مجلس تأديب تمهيدا لعزله.
وجاء القرار بالإجماع بعد اجتماع استمر حوالي خمس ساعات للجنة التنفيذية المركزية لحزب العدالة والتنمية التي يرأسها أردوغان.
وقال مسؤول كبير في حزب العدالة والتنمية إن هناك اتجاها لعزل ثلاثة أعضاء آخرين في الحزب لانتقادهم الرئيس أردوغان والسعي لتأسيس حزب سياسي جديد.
ونقلت وكالة رويترز عن المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، قوله إن اللجنة التنفيذية المركزية لحزب العدالة والتنمية طلبت في اجتماع يوم الاثنين، عزل داود أوغلو إلى جانب أيهان سيف أوستون وسلجوق أوزداغ وعبد الله باسكي، من الحزب.
وشغل داوود أوغلو منصبي وزير الخارجية ثم رئيس الحكومة حتى استقال بعد خلاف مع أردوغان عام 2016، ليوجه بعد ذلك انتقادات لحزب العدالة والتنمية الحاكم ويتهمه بـ"الانحراف عن مبادئه الأساسية".
كما انتقد أيضا إصرار حزب أردوغان على إعادة الانتخابات على منصب رئيس بلدية اسطنبول، في يونيو الماضي، بعد أن خسرها أمام المعارضة في مارس، علما بأن المعارضة فازت أيضا في جولة الإعادة.
كما رفض داوود أوغلو أيضا قرار أردوغان إقالة ثلاثة رؤساء بلديات في شرق تركيا، بسبب مزاعم متعلقة بالإرهاب.
وتأتي هذه الخطوة لعزل رئيس الوزراء السابق من الحزب، في وقت تعالت فيه أصوات هامة بانتقاد أردوغان ومنهم الرئيس التركي السابق ومؤسس حزب العدالة والتنمية عبدالله جول، ونائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان.
واستقال باباجان من الحزب الذي شارك في تأسيسه في يوليو الماضي بسبب "خلافات عميقة" بشأن السياسة وقال إن تركيا في حاجة إلى "رؤية جديدة".
ومن المتوقع أن يطلق باباجان وجول حركة منافسة هذا العام، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر، في تحد لسيطرة أردوغان على الساحة السياسية.
وقد تردد أن داود أوغلو يدرس الانضمام إلى حزب باباجان وجول الانفصالي. لكن مصدرا مقربا منه قال إنه لم ينضم إليهم في الوقت الحالي، رغم أنه كان يسعى إلى "خطوة جديدة".
وبحسب قناة "سكاي نيوز"، يمثل فصل داود أوغلو من حزب العدالة والتنمية نقطة اللاعودة بينه وبين ورفيقه السابق أردوغان، بعدما وصلت العلاقة بين حليفي الأمس إلى أزمة غير مسبوقة، عمقها تبادل الاتهامات والشتائم.
والأسبوع الماضي، هدد القيادي السابق في الحزب أردوغان بما سماه "دفاتر الإرهاب"، وقال في تصريحات صحفية: "إن الكثير من دفاتر الإرهاب إذا فتحت لن يستطيع أصحابها النظر في وجوه الناس"، وأضاف أن الفترة من الأول من يونيو حتى الأول من نوفمبر من عام 2015، تعد أخطر وأصعب الفترات السياسية في تاريخ تركيا.
وجاء حديث داود أوغلو، بعدما اتهمه أردوغان صراحة بـ"الخيانة"، والعمل مع قوى خارجية لإسقاطه.
وقال الكاتب والباحث السياسي التركي إسلام أوزكان إن حديث داود أوغلو عن الإرهاب فُسر داخل حزب العدالة والتنمية على أنه تهديد جدي، لذلك بدأ بالتحرك ضده.
وأضاف أوزكان: "داود أوغلو التزم الصمت طيلة 3 سنوات، لكن هذه الفترة تراكمت المشكلات بين الطرفين، مثل انتهاكات حقوق الإنسان والفساد والتراجع الاقتصادي وغيرها".
ومؤخرا، بدأت التبريرات تظهر داخل حزب العدالة والتنمية تمهيدا لخطوة عزل الرئيس الأسبق له، مثل أن هذا القيادي يحتفظ بعضوية الحزب ويخطط في الوقت عينه لإنشاء حزب آخر، فلماذا يبقى؟
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة إن تمت فسوف تعني اتساع الشرخ داخل الحزب المتصدع، وأنه كان من الأجدى بأردوغان اتخاذ خطوات إيجابية بالنسبة للأصوات المعترضة على سياساته، لا إزاحتها من الطريق.
ويقول عضو حزب الشعوب الديمقراطية بركات قار، إن داود أوغلو لم يعلن حتى الآن رسميا عن الاستقالة من الحزب الحاكم وتأسيس حزب جديد، وذلك لمراهنته على الإصلاح الداخلي للحزب.
ولم تتبلور الأمور إلا مؤخرا، بعدما صارت هناك تهديدات واتهامات متبادلة بين القيادي السابق وأردوغان، حسبما يضيف قار.
وتقول تقارير إعلامية في تركيا إن القياديين السابقين في العدالة والتنمية عبد الله جول وعلي باباجان، يسيعان هما أيضا لتشكيل حزب سياسي آخر، فيما أضاف قار أن "تشكيل هذه الأحزاب سيهز حزب أردوغان هزة كبيرة، لذلك أقام الأخير مهرجانات في مناطق عديدة من أجل ترتيب أوضاع الحزب".
وبدأ العمل على إنشاء ما يعرف باسم "مجالس الوفاء"، لجمع المتذمرين داخل الحزب، في محاولة لمنع مزيد من التصدعات والانشقاقات، وفق قار، حيث قدم عدد آخر من قادة حزب العدالة والتنمية استقالتهم قبل عدة أيام.
ورأى قار أن الأمر يظهر حالة الاحتقان الكبيرة داخل الحزب الحاكم الذي يمنع الانتقادات، متوقعا أن يحدث انفجار داخل الحزب، الذي لا يسمح رئيسه أردوغان بأي اعتراض، وهو أمر لا يمكن أن يستمر.
ومن جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية سمير صالحة إن مسألة فصل قيادي كبير في حزب حاكم لا تحدث كثيرا في التاريخ السياسي التركي، مشيرا إلى أن الأمر يعكس أزمة داخلية في "العدالة والتنمية".
وأشار إلى أن المسألة لا تتوقف عن أحمد داود أوغلو، بل في الحزب نفسه الذي لا يتحمل النقد والمراجعة الذاتية.
وقال صالحة إن حزب العدالة والتنمية يعاني تراجع الأصوات والشعبية، وفي حال أعلن داود أوغلو تأسيس حزبه فيسكون منافسا قويا لحزب أردوغان.