قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أردوغان ومرحلة نهاية ديكتاتور

×

تتوالى الأحداث الدرامية في المنطقة بشكل عام من حيث القتل والدمار والتهجير المطبق على الشعوب إن كان في ليبيا أو اليمن والعراق وسوريا.

هذه الأحداث التي باتت جزءًا من الحياة اليومية المعتادة، حيث يعيش الإنسان في هذه البلدان الملل في حال عدم عيشها في أحد أيامه.

الأيام التي تجري بسرعة باتت بالنسبة له فقط شمس تشرق وتغرب من دون جديد، سوى برؤية نفس الأمور التي يراها يوميًا من قصفٍ وقتل وحرق، وكذلك اجتماعات هنا وهناك تكون مخرجاتها فقط التفنن في سيناريو الدمار والخراب والدموع والبكاء الصامت التي تخرس أمامها كل عنتريات القوى الإقليمية والدولية التي لا همَ لها سوى مصالحها وأطماعها.

مشاهد متكررة منذ سنوات وكلام أيضًا هو هو لا جديد فيه حتى وصلنا لمرحلة متابعة آخر المستجدات والأحداث بعد كتم صوت التلفاز الذي مللنا من ضيوفهم ومحللينهم وسياسييهم وشاهدي العيان والنشطاء منهم أيضًا.

المقتلة والمقصلة الجاثية على رقاب الشعوب من عقدٍ من الزمن جعلتنا نعيش المراحل الأولى من السينما الصامتة التي اعتدنا على متابعتها والتي كانت تهدف آنذاك لإضحاكنا فقط من دون صوت.

الآن نعيش نفس المرحلة من مشاهدة التلفزة الصامتة ولكن لزيادة آهاتنا وعذاباتنا وحزننا المغطى بقليل من بكاء الشعوب التي آمنت يومًا ما بالكرامة والحرية.

كنا نؤمن أن للثورة وقودها من دماء الشعوب والتضحية من أجل حياة أفضل، لكنهم الثوريون القدماء لم يقولوا لنا أن الدماء ليست كافية، بل ينبغي أن نعيش الحزن واللعنة والدموع والبكاء بصمت مع غصة عالقة في الحلق ولا تزال، لرؤية من آمنا بهم هاهم يبيعوننا في أقرب سوق نخاسة في البلاد الباردة روسيا وبسعر بخس لم يتعد "آيس كريم" واحدة فقط، التي كانت كفيلة بتدمير المناطق ونزوح مئات الآلاف من المدنيين نحو المجهول.

إنها قصة نهاية شعب اعتمد على دكتاتور وظالم خارجي كي يخلصهم من دكتاتور وظالم داخلي، مأساة تتكرر منذ آلاف السنين ومازالت الشعوب لم تتعلم من أخطائها.

أردوغان الذي لا يختلف عن نظام الأسد ولا الإيراني في شيء سوى بأسمائهم وتبقى شخصيتهم هي هي دكتاتورية لا تفكر لشعوبها مهما كلفها الثمن، لأن السلطة والعرش والمال هو ديدن هذه الشخصيات الدكتاتورية والأصح أن نقول عنها "كاريكاتورية"، لأنها أقرب لهذه الشخصية الهزيلة والمزيفة والكاذبة على نفسها أولًا وشعبها ثانيًا.

ما كانت تسمى المعارضة السورية أو الجيش السوري الحر ها هو اليوم ينتفض على ضامنهم أردوغان، ويحرقون صوره ويهتفون بخروجه ولعنته أيضًا، بعد أن لعب بهم وباعهم بأرخص الأثمان في بورصة المصالح الشخصية، لم يعد لدى المعارضة الكثير من الأوراق يلعبون بها مع النظام السوري الذي لا يقل إجرامًا وقتلًا وظلمًا من أردوغان، الدكتاتوريون متشابهون في كل شيء ولا يوجد ثمة دكتاتور جيد وآخر سيئ، إلا عند الذين لا يستوعبون روح التاريخ.

نعيش بكل ما للكلمة من معنى مرحلة نهاية ديكتاتور وكذلك نهاية معارضة مضادة باعت نفسها في أول يوم من أيام الثورة على ديكتاتور داخلي، لديكتاتور آخر.

الكثير كتب عن الدكتاتورية ونهايتهم المأساوية عبر التاريخ المليء بهذه الشخصيات القزمة التي كانت تدعي دائمًا "الآنا"، ونهاية المستبدين الذين عاصرناهم ليسو بقلة، رأينا صدام وصالح وغيرهم، إلا أنه تبقى العبرة فيمن يعتبر.

"أنا الأعلى" رواية تمت كتابتها عام 1974 للكاتب أوغستورو اباستوس، والتي كانت تحكي قصة خيالية عن ديكتاتور باراغواي خوسيه جاسبررو دريجيثدي فرانثيا في القرن التاسع عشر، وهي أيضًا تستند إلى وثائق حقيقة وقصص من أشخاص عاشوا حول فرانثيا.

تم اشتقاق عنوان الرواية من لقب أطلقه فرانثيا على نفسه وهو الأعلى، وكانت نهايته المأساوية كفيلة بأن يعتبر الآخرون منه، إلا أن قانون الحياة والتاريخ والذي لا يتعلم منه سوى الذي يعيش التاريخ، أما الذين يقرأونه فقط سيكررونه ثانية.

هذه هي حال أردوغان الذي يعيش نهايته كما عاشها الذين من قبله، ما يحدث في إدلب وكذلك استقالة الوزراء المقربين منه، وأيضا محاولة تشكيل حزب جديد من قبلهم والحالة الاقتصادية المزرية والانتقال من صفر أعداء إلى صفر أصدقاء، والحرب السياسية والميدانية التي يشنها الكرد على النظام الأردوغاني والتي قصمت ظهره وكذلك كل أوهامه، عجلت من اقتراب مرحلة سنعيشها معًا وهي مرحلة نهاية ديكتاتور آخر، ويسجل اسمه تحت الذين سبقوه.