فنون العمارة تعد واحدة من الأمور التي برع فيها المصريين القدماء، ومنها الأهرامات خاصة «هرم زوسر» المميز الذي ما زالت أسراره بحاجة لمن يكتشفها، فلم ينل شهرة واسعة لأنه أول هرم حجري ضخم في مصر القديمة، ولكن بسبب تعقيده وبناءه من مواد بدائية كالطوب الطيني فقط.
نشر موقع كوريوزموس المتخصص في الأخبار الغريبة، تقريرا عن هرم سقارة، فقد كانت تغطية الجثث بأكوام من التراب والمصاطب الحجرية هو الأمر السائد في بناء المقابر وكان ذلك في عصر ما قبل الأسرات، ولكن تطورت مهارات البناء حتى بداية الأسرة الأولى حوالي عام 2900 قبل الميلاد، حيث قرر الحكام بناء مقابر مصنوعة من صناديق طينية في الصحراء لهم ولأسرهم، وتم بناء هرم زوسر العملاق حينها كأول هرم يعلو مقبرة ملكية، وبني خصيصا لسلالة الفرعون زوسر الثالث، وتم تقسيم المقبرة ذات الشكل الجديد بطريقة الغرف تماما كالمنزل.
ويرتبط هرم زوسر بالكثير من الأسرار والألغاز، ففي البداية يعد هرم زوسر هو أول هرم يتم بنائه ورغم ذلك فإن براعة ومهارات المصريين في البناء ظهرت فيه، والتي تطورت منذ بنائه وحتى الانتهاء من هرم خوفو حوالي عام 2560 قبل الميلاد.
بنى هذا الهرم المهندس إمحوتب والذي لاقى نتيجة غير متوقعة وإعجاب كل من رآه، حيث وصفه العديد من العلماء بأنه سبب التطور المعماري للعمارة المصرية، حيث تعد هذه المقابر بالأهرامات التي تعلوها سوابق معمارية في العالم، وصمم إمحوتب هرم زوسر بطريقة مذهلة، حيث نصب جدارا ضخما من الحجر الجيري يبلغ ارتفاعه 10.5 مترا، ويمتد بطول 1645 مترا، ويغطي مساحة ضخمة تعادل ما يقرب من حجم بلدة صغيرة خلال القرن الثالث قبل الميلاد، ويضم العديد من الغرف، البعض منها غرف دفن وهمية لتضليل اللصوص.
لم يقتصر نجاح هرم زوسر على الإبداع الشكلي فقط، حيث أدى هرم زوسر دورا حاسما في تنمية المجتمع المصري القديم، من حيث الاقتصاد، والتجارة، والدين، والأهرامات التي تلت زوسر كانت سببا في تطور المجتمع المصري بشكل كبير حيث أتاحت الكثير من فرص العمل.
ويعد بناء هرم زوسر سببا في أن تصبح هذه الحقبة هي عصر بناء الهرم الكلاسيكي في مصر القديمة، ووفقا للتسلسل الزمني فإن فرق الزمن حوالي ستون عاما فقط بين هرم زوسر وبداية بناء هرم خوفو، مما جعل علماء المصريات يقولون أنه لولا بناء هرم زوسر لما كان هناك هرم خوفو
يقول علماء الآثار إن هرم زوسر يعد مذهلا لعدة أسباب، أولها أنه تم بناؤه على أكثر 5.7 كم من الأعمدة والغرف والأنفاق التي صممها البنائين المصريين بطريقة دقيقة للغاية جعلت البنية التحتية لهرم زوسر لا مثيل لها، حيث تم تزويد هرم زوسر بواجهات منحوتة بشكل معقد، وشرفات ضخمة، وكان يوجد به تماثيل بالحجم الطبيعي لفرعون، أما الأمر المذهل به هو بناؤه بـ 3330400 متر مكعب حجري من الطين والحجر.
وبُني هرم زوسر تدريجيًا في مراحل مختلفة حيث تطور شكله الأولى إلى هرم مكون من ست طبقات، ثم تم تغليفه بطبقة من الحجر الجيري، وتوسع المهندسون في بنائه حتى أصبح حجم الأهرامات ضخمة بحجم مدينة بأكملها.
وعلى الرغم من أن شكله الخارجي مبهرا إلا أن ما يكمن تحته هو الأمر الذي لا يصدق، حيث اكتشف علماء الآثار أن هرم زوسر ليس مبنى فوق الأرض فقط، بل هو جزء صغير يغطى هيكل عملاق مبني تحته، ولم يكن معروفا من قبل، حيث أزال العمال مواد لمساحة أكبر من 5.7 كم داخله، ويتكون من ممرات وغرف معقدة تعد الأكثر تطورا وتعقيدا مقارنة بأي هرم آخر.
ويوجد أسفل هرم زوسر ممر مركزي يمتد لأكثر من 365 مترا ويوجد به ما لا يقل عن 400 غرفة تحت الأرض، وهذه الغرف تم بناؤها بطريقة معقدة جدا، كأنها قرية صغيرة تحت الأرض.
ابتكر المصريون القدماء في بنائه ما يسمى بالمحور المركزي، وهو عبارة عن غرفة عمقها 28 مترا وطولها 7 أمتار، لدفن الفرعون، والتي وضع فوقها الهرم العلوي، وكانت غرفته منحوتة من الجرانيت الملون، ولكن على الرغم من ذلك لم يتم العثور على رفات زوسر داخل الغرفة، والغريب في الأمر أن الغرفة يتم إغلاقها بحجر من الجرانيت يبلغ وزنه حوالي 3.5 طن.
وكان المصريون القدماء يبنون قصرا ضخما تحت الأرض لجثة الملك قبل أن تبدأ خطوات بناء الهرم، ووفقا لعلماء الآثار فإن المصريين القدماء قد بنوا ممرات تحيط بالغرفة الملكية من كل الاتجاهات.
أما في داخل الهرم، فقد تم العثور على 2 من التابوت السليم، وتم اكتشاف بها عظم لمفصل لامرأة تبلغ من العمر 18 عاما، وكشف الكربون المشع أن عمرها أكبر من زوسر، أما أغرب الاكتشافات الأخرى والمتعلقة بالهرم فتتلخص في أن هذا البناء الضخم خارج وداخل الأرض لا يوجد به جثة زوسر.
وتم العثور على أكثر من 40 ألف رسمة منقوشة على جدران الممرات السفلية، والتي اتضح أنها لم تُرسم لزوسر، بل لأسلافه الملوك، مما يعني أن هذا الهرم لسرد الماضي، فضلا عن عمر السيدة الكبير.