لم يعلم أهله عندما قاموا بـ"تكفينه" والتحضير لدفنه بأن رضيعهما سيثبت ذات يوم أنه جدير بالحياة، فبعد تعرضه للخنق بالحبل السري أثناء الولادة لم يصرخ أو يبك كأي مولود بل كان صامتًا ساكنًا لا يظهر عليه ما يبوحي بأنه على قيد الحياة، لكن المفاجأة كانت عندما صرخ في آخر لحظة ليعلن تمسكه بالحياة وقبوله للتحدي على مدار 30 عامًا.
تركت الولادة الخاطئة أثرها طويل الأمد على «محمد رياض» ابن القاهرة البالغ من العمر 30 عامًا، حيث أُصيب بالشلل الدماغي CP الذي أثر على حركته وكلامه والنمو الطبيعي لجسده، قبل رياض تحدي الحياة له وقرر أن يأخذ "الكرة في ملعبه" حيث عشق الساحة الخضراء، ودفعه حبه للنادي الأهلي أن يصبح أبو تريكة الثاني، بينما أخذ لمساته الساحرة للكرة من حبه لـ كريستيانو رونالدو.
"قررت إني لازم أعرف كل واحد إن ربنا بيعوض الإنسان عن حاجات كتير سبحانه بياخدها".. يحكي محمد عن صدمته الأولى عندما لم تقبله المدرسة العادية وأرادوا إرساله إلى مدرسة "للمعاقين ذهنيًا" لكنه رفض وأصر على أنه لا يختلف كثيرًا عن أي طفل في سنه وبمساعدة والديه بعد محاولات كثيرة دخل إلى المدرسة وأخذ التحدي الأول في حياته بإثبات ذاته.
الإعاقة عمرها ما كانت حاجز
تعلم محمد رياض الشعر الحلمنتيشي وطغت موهبته على أسلوبه، فكتب "يسيح الكحل في عينيكي فيتلون بلون دمعك .. ياكارهة ريحة البن حواليكي عشان واحد .. ماهوش سامعك"، بينما اجتهد حتى أنهى دراسته الجامعية في كلية الآداب جامعة عين شمس، وسلك طريق "الساحرة المستديرة" ليثبت وجوده بين العالم ضمن أول فريق كرة قدم لمصابي الشلل الدماغي في مصر «نادي سيفن7»
يعمل محمد رئيسًا للجمعية العمومية لنادي سيفن إلى جانب عمله في التجارة مع والده، ويتمنى بأن تسمح لهم الدولة بالمشاركة في دوري وبطولات ويحلم بأن يرفع فريقه علم مصر بين دول العالم، وقد حقق من قبل مركز ثاني في بطولة كأس مصر للجامعات والمركز الأول في الدورة الرمضانية، وحصل على ميدالية فضية وأخرى برونزية مع جامعة عين شمس.
تعليقات الناس مابترحمش
في مجتمع معظمه لا يمتلك ثقافة التعامل مع أصحاب الإعاقات من مختلف الأنواع، يقابل محمد وغيره التلعليقات السخيفة من كل شخص يوميًا في كل مكان (الشوارع، ووسائل المواصلات، وغيرها)، يميل كل شخص على الآخر ويشير إليه "راميًا اسوأ الكلمات التي بإمكانها تحطيم نفسية وعزيمة أي شخص، ورغم ذلك يثبت المصابين وأصحاب الإعاقات كل يوم بأنهم أقوى وأفضل من الأشخاص الأسوياء، فلطالما رفعوا علم مصر دائمًا بفخر بين العالم.
يشكي محمد من التعليقات المسيئة التي يواجهها بشكل غير مباشر عندما ينظر إليه البعض في المترو ويشيرون "ده مابيعرفش يمشي" .. "مابيعرفش يتحرك" .. "ده تعبان" .. "مابيعرفش يتكلم كويس"، ومثل هذه الجمل الشنيعة التي تجلد بلا رحمة، وقد تعلم "السواقة" كتحدي لكل من يقول بأنه "لا يستطيع"، ويتمنى بأن تعطيه الدولة سيارة لترحمه من "بهدلة المواصلات".
نفسي اتصور مع أبوتريكة وحازم إمام
"صالح جمعة هو أحسن خط وسط في مصر.. وبحبه جدًا ونفسي أقابله".. يتمنى محمد بأن يقابل كابتن حازم حمادة إمام وأكثر أمنياته بأن يلتقط صورة معه، بينما تمنى بأن يلتقط ولو صورة واحدة مع نجمه المفضل "محمد أبو تريكة" لاعب الأهلي سابقًا يقول "نفسي اتصور معاه حتى لو صورة واحدة".
حملته أمه وهنًا على وهن
بعد تأديته للعمرة في زياته لبيت الله الحرام، التفت حوله فلم يجد والدته، بحث عنها في كل كان داخل الحرم المكي، لكنه اكتشف بأنها "تاهت منه" انهار ودخل في حالة هستيرية فلم يستوعب إلا أنه قد فقدها إلى الأبد، لكن بعدما لمس الله قلبه وأعادها إليه سالمة يقول "حسيت إن روحي رجعتلي".
ويوجه محمد رسالة لوالدته من خلال صدى البلد "ربنا يقدرني وأخدمك زي ما خدمتيني" ويضيف "ربنا يوعدك بالجنة زي ما انتي علمتيني آكل وأشرب وأمشي .. وأعمل كل اللي في نفسي لوحدي".