الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المصريون بالخارج ومجلس النواب










نستطيع أن نؤكد بقول واحد أن أعضاء مجلس النواب الثمانية الذين يمثلون المصريين بالخارج في مجلس النواب لم يقدموا أي شيء يذكر لتلك الفئة التي يمثلونها، ولم نر لهم - لا على الأرض ولا حتى مجرد تصور في المخيلة - أثرا يذكر.

وبالنسبة لنا فهذه النتيجة ليست مفاجأة، بل إننا توقعناها منذ اليوم الأول لإعلان النتيجة التي أسفرت عن نجاحهم، فلم يكن أحد من المصريين بالخارج يعرفهم قبل الإعلان عن النتيجة! وبعدما انقضت الفترة البرلمانية أو كادت هناك الملايين لا تعرف أسماءهم، وهو ما يؤكد عدم وجود أي دور قاموا به أو أي حدث أثروا فيه.

إنني أظن بل أجزم أن الغالبية الساحقة من أبناء مصر في الخارج لا تهتم أدنى اهتمام بمجلس النواب المصري وما ينتج عنه – أعني بشأن أبناء مصر في الخارج – والغالية الساحقة منهم لن تهتم – إذا ظل الأمر على ما هو عليه - في الأصل بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية! وذلك راجع للمحصلة النهائية للتجربة الأولى التي قعد فيها ثمانية على كراسي مجلس النواب ممثلين عنهم، تلك النتيجة التي عكست دون أدنى شك عدم دراية ومعرفة هؤلاء النواب بملف المصريين بالخارج وما يتطلع إليه عُشْر أبناء الشعب المصري الذين حملوا حقائبهم تاركين بأجسادهم أرض الوطن! تاركين أرواحهم داخله.
إن المصريين بالخارج يعلمون يقينا حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي عليهم، ويدركون أنه قد أصدر أوامره واضحة للمؤسسات المعنية بأمر هذا القطاع الحيوي الهام من أبناء الوطن، بضرورة رعايتهم وتقديم الخدمات التي تليق بهم، ومن بين تلك المؤسسات المعنية مجلس النواب الذي فشل فيه الممثلون عن المصريين بالخارج بتنفيذ تعليمات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ولم يقدموا شيئا يذكر خلال فترة برلمانية كاملة، نراها كافية للحكم بتجرد على هذه التجربة.
إن التعديلات الدستورية التي حرص المصريون في الخارج بالمشاركة فيها بكل فاعلية، وأظهروا للعالم أجمع: شماله وجنوبه، شرقه وغربه، أن المصريين بالخارج كما نظرائهم في الداخل، ملتفون حول القيادة السياسية متمثلة في السيد الرئيس عبد الفتاح، حيث أن الاقتراع على التعديلات الدستورية كان بمثابة استفتاء على التفاف الشعب حول السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولذا كان هذا المشهد المذهل الذي حرص على رسمه بريشة فنان عاشق لوطنه ومؤمن بقيادته أبناء مصر في الخارج، إن هذه التعديلات نصت على تمثيل لفئات محددة ومنها فئة المصريين بالخارج تمثيلا ملائما، وهو ما يفتح الباب للأمل بأن تكون كلمة ملائمة شاملة الكم والنوع.

لم يرض حتى اللحظة الأغلبية الساحقة، إن لم يكن الجميع، من مصريي الخارج، وأظن الداخل أيضا، عن أداء مجلس النواب في العموم ولا عن هؤلاء الذين جاءوا باعتبارهم ممثلين عن المصريين بالخارج على وجه الخصوص، والذين لا تعرف الأغلبية الساحقة من المصريين في الخارج اسما واحدا من هؤلاء الثمانية، وذلك راجع لعدة عوامل يأتي على رأسها آلية الترشيح التي وضعتهم على القوائم التي أتت بهم ممثلين عن مصريي الخارج.

يؤكد ذلك ما طالبت به - في وقت سابق - إحدى النائبات عن المصريين بالخارج السيد الدكتور علي عبد العال رئيس المجلس بإرسال أسماء النواب الممثلين عن المصريين في الخارج إلى السفارات المصرية، نظرا لأننا، كما تؤكد النائبة، نواجه مشكلة كبيرة بهذا الشأن كونهم، أي المصريين بالخارج، لا يعلمون أسماء النواب والسيرة الذاتية للممثلين عنهم، فبعد انقضاء مدة مجلس النواب، يكتشف النواب، أن من يمثلونهم لا يعلمون عنهم شيئا، في مفارقة تدعو لضحك هو للبكاء أقرب، حيث شر البلية ما يضحك .

وهذه شهادة قاطعة من النواب أنفسهم أنهم يمثلون من لا يعرفونهم، وهو ما يستدعي إعادة النظر كلية في طريقة هذا التمثيل، إذا أردنا صورة حقيقية غير مزيفة، فالمقطوع به، أن هناك مكسبا قد تحقق بفضل الثورة المصرية الخالصة في الثلاثين من يونيه، وجاءت التعديلات الدستورية لتؤكده.

ولكن تبقى إثارة كيفية ممارسة كلا الحقين اللذين كفلهما الدستور وهما: حق المشاركة في التصويت وحق التمثيل في البرلمان مسئولية كل من ينخرط في العمل العام من مصريي الخارج، حيث لابد أن يخضع ذلك إلى نقاش وحوار مجتمعي، تشارك فيه كل القوى الفاعلة من مؤسسات المجتمع المدني المصرية في الخارج أولا، ولا يمنع من مشاركة خبراء في المجالين؛ السياسي والقانوني في داخل مصر.

إن المكتسبات السياسية وغيرها من المكتسبات، لا تأتي هكذا طوعا أو منحة أو هبة، دون مجهود، ولكن تحوزها وتحققها جماعة بشرية بفضل عقولٍ تفكر، وأقلامٍ تحفز وأفرادٍ تعمل ومجتمعٍ يتفاعل وقيادةٍ ترى وتقيِّم وتستجيب، وهو ما حدث في كل المعارك، وهو ما تحقق من مكسب جزئي بتضمين الدستور مادة تسمح بالممارسة السياسية لأكثر من اثنى عشر مليون مصري اتخذوا الخارج محل إقامة لهم.

وهذا ما يستلزم بالضرورة عملا دؤوبا يتصدى له بالضرورة أيضا، من يمتلكون الرؤية والبصيرة والقدرة، والتي نراها متحققة في عدة كيانات مصرية في الخارج، وكذلك في أشخاص تمتلك تلك المقومات.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط