الزمان التاسع من ذي الحجة، المكان مشعر عرفات، المنسك "ركن الحج الأعظم"، توافد الحجيج من مشارق الأرض ومغاربها إلى جبل عرفات، ليجتمعوا على صعيد واحد ويذكروا إلها واحدا، توافدوا من كل فج عميق يرجون رحمة ربهم ويخشون عذابه.
«إلى عرفات إلى عرفات فإن الحج هناك».. واحدة من أشهر الابتهالات الدينية التي تردد فرحا بيوم عرفة، باعتباره أفضل أيام العام، والذي يقبل فيه الحجاج على جبل عرفات ملبين مرددين «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، ان الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»، لكن ما قصة هذا الجبل، وكيف أصبح ركن الحج الأعظم.

جبل عرفات الذي توافد عليه الحجاج في يوم عرفة، والذي يقف عليه أكثر من مليوني حاج ملبين نداء نبي الله ابراهيم حينما قال له ربه «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ»، لم يتخيل أن تلك المنطقة ليس بها سكان او عمران إلا أيام الحج باستثناء بعض المنشآت الحكومية.

عندما يقف الحجيج في عرفات ينتصب أمامهم مسجدة "نَمرة"، و"نمرة" هو جبل نزل به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة، ثم خطب في وادي عرنة بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصرًا وجمعًا، جمع تقديم، وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة، وفي أول عهد الخلافة العباسية، في منتصف القرن الثاني الهجري، بنى مسجد في موضع خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يعرف الآن بمسجد "نمرة".

وخلال حج النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) "حجة الوداع"، نهى الرسول عن الوقوف به بوادي عرنة بقوله صلى الله عليه وسلم «عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عرنة»، لأنه ليس من عرفة فهو من أودية مكة المكرمة وهو خارج عن عرفات وداخل في الحل وليس بمشعر، وهو حد فاصل بين الحل والحرم.