من كل فج عميق يقبل ملايين المسلمين كل عام إلى الأراضي المقدسة، يتكدس الحرمان الشريفان بأولئك الذين اتسعت لهم الأرض بما رحبت، وفي كل عام تتزايد الأعداد، وتستوعبهم أرجاء الحرم المكي والنبوي، بعقلية من رسم وخطط وصمم توسعة الحرمين لاستيعاب تلك الأفواج، ذلك الذي أحب المعمار والهندسة حتى أطلق العنان بخياله وحلم بتصميم يكلل به حياته وآخرته، عشق مساجد المحروسة حتى أصدر مجلداته التي وصل صداها أوروبا وتخط حدود المحروة، لتقع صفحاتها بين أيدي خادم الحرمين الشريفين، الذي أعجب بإبداع وعقل ذلك المهندس المصري النابغ، ويقرر أن يوليه مهمة تطلع الكثيرون للتشرف بها، إلا أن ذلك النابغ المعماري استحقها بجدارة، لينال المهندس محمد كمال إسماعيل شرف تخطيط توسيع للمسجد الحرام والمسجد النبوي.


"مهما اديتني من ملايين ما يسواش الشرف الذي سوف آخذه، شرف عظيم إني سوف أقوم بتوسعة الحرم النبوي الشريف".. رفض شيخ المعماريين الحصول على مقابل مادي من الملك فهد بن عبد العزيز، ملك السعودية، إلا أن الأخير أصر على إعطائه أتعابه، وكشف شيخ المعماريين في أحد اللقاءات الإعلامية أن الملك فهد أصر على إعطائه أتعابه ثمنا لمجهوداته، إلا أنه رفض بعدما رأى أن أعظم ثمن هو نيل شرف ذلك التصميم، ووافق في النهاية إرضاءً له.

لم يكن الملك فهد الوحيد الذي اختار المهندس المصري لوضع لمساته في أرض الحجاز، ففي عام 1952، وقع اختيار الملك عبد العزيز على شيخ المعماريين لتصميم مبنى وزراة الخارجية السعودية، إلا أن المشروع لم يكتمل لعدم توفر الميزانية.