قال الفقهاء إن حلق شعر الرأس أو تقصيره يعد واجبًا من واجبات الحج والعمرة، عند مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة، والقدر الواجب حلقه أو تقصيره من شعر الرجال في الحج والعمرة، إنما هو حلق جميع الرأس، أو تقصيره كله، وهذا مذهب المالكية، والحنابلة.
واستدلوا بعموم قوله تعالى: «لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ» [الفتح: 27]، أي أنه عامٌّ في جميع شعر الرأس، فالرأس اسمٌ لجميعه، كما أنه ورد في السنة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في حجة الوداع، أي أنه عامٌّ في جميع شعر الرأس؛ لأن الرأس اسمٌ لجميعه؛ فوجب الرجوع إليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم «لتأخذوا مناسككم»، والأصل في الأمر الوجوب.
ورأي آخرون أن حلق جميع الرأس أفضل من تقصيره، واستدلوا بأنَّ الله عز وجل بدأ بالحلق، والعرب إنما تبدأ بالأهم والأفضل، مدللين بما ورد في السُنة: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم ارحم المحلقين. قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال: اللهم ارحم المحلقين. قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال: والمقصرين»، وذهب إجماع الفقهاء أنه يجزئ التقصير عن الحلق.
وأوضحوا أنه بالنسبة للأقرع، فإذا لم يكن على رأسه شعر – كالأقرع ومن برأسه قروح – فقد اختلف أهل العلم فيه على أقوال، ومنها: القول الأول: أنه يستحب له إمرار الموسى على رأسه، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة ، وهو قولٌ للحنفية، والقول الثاني: أنه يجب إمرار الموسى، وهذا مذهب المالكية، والحنفية في الأصح، وذلك لأنها عبادة تتعلق بالشعر، فتنتقل للبشرة عند تعذره، كالمسح في الوضوء.
وذهبوا إلى أن القول الثالث: لا يستحب له إمرار الموسى على رأسه، وهو مرويٌّ عن أبي بكر ابن داود، حكم التيامن في حلق الرأس، كما أشاروا إلى أنه يستحب التيامن في حلق الرأس، فيقدم الشق الأيمن،ثم الشق الأيسر، فإن لم يفعل أجزأه، وحكي الإجماع على ذلك، والعبرة في التيامن في الحلق بيمين المحلوق، فيبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الشق الأيسر، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة، واختاره ابن الهمام من الحنفية.
واستشهدوا بما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة، ثم انصرف إلى البدن فنحرها، والحجام جالس. وقال بيده عن رأسه، فحلق شقه الأيمن فقسمه فيمن يليه، ثم قال: احلق الشق الآخر، فقال: أين أبو طلحة؟ فأعطاه إياه» أخرجه مسلم.