خطيب الحرم المكي يحدد الضوابط الشرعية للتصرف في أموالك

قال الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، إمام وخطيب المسجد الحرام، إنه في تقرير حرمة الأموال التي جاءت بها هذه خطبة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع الجامعة العظيمة، كفلت الشريعة المباركة المطهرة للإنسان حرية التملك بالوسائل المشروعة، والسبل المباحة، وحرية التصرف في ماله على الوجه المأذون فيه.
وأوضح «خياط» خلال خطبة الجمعة اليوم بالحرم المكي الشريف، أنها كذلك بيَّنت طرق التملك وشروطها التي تتحقق بها العدالة بين الناس، في تعاملاتهم، وقررت أن مع حقه في هذا التصرف المشروع بماله واجب مراعاة حق غيره، فلا يجوز الإضرار بهم بأي لون وفي أي تعامل، وألزمته إن أخلَّ بذلك بالتعويض أو ردِّ البدل عما تعدَّى عليه أو أتلفه أو أخذه بغير حق، وأساس ذلك وقاعدته.
وأشار إلى أنه وفي سبيل حفظ المال وحمايته من العوادي، شرع حد قطع يد السارق، وحرم الغش والخيانة، وإتلاف مال الآخرين، وألزم من أتلفه بالضمان، كما شرع الحجر على السفيه الذي لا يحسن التصرف في ماله، وحرَّم الربا، ورفع الضرر بكل دروبه، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (لا ضرَرَ ولا ضِرارَ).
وأضاف أن الرسول صلى الله عليه وسلم ختم هذا الجزء من خطبته بقوله مستجيشًا في النفوس عوامل الرهبة من لقاء الله تعالى، والخشية من مناقشة الحساب عنده فقال: (وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، وقد بلَّغت..). ثم انتقل – بعد ذلك – إلى الحض على أداء الأمانات، ورعاية حق المؤمن، وفاءً بالحقوق الفردية، وحفاظًا على الذمم، واستدامة للثقة بين المسلمين.
واستشهد بما قال –صلى الله عليه وسلم-: «فمن كانت عندَهُ أمانةٌ فليؤدِّها إلى منِ ائتمنَهُ عليْها»، وعقّب صلى الله عليه وسلم بهذا التعامل الفردي بالنهي عن أخطر تعامل اجتماعي تواضعت عليه الجاهلية، وتعارفت عليه مجتمعاتها، ألا وهو أكل الربا، فقال: «وإنَّ كلَّ شيءٍ مِن أمْرِ الجاهليَّةِ تحتَ قدَمَيَّ موضوعٌ، ورِبا الجاهليَّةِ مَوضوعٌ».
وأكد أن صلوات الله وسلامه عليه شرع بإنفاذ ذلك وهو في موقفه، فبدأ بوضع وإسقاط ربا أهل بيته ليختط بذلك القدوة، ولتكون فيه الأسوة، فقال صلى الله عليه وسلم: (وإنَّ أَولَ ربا أبدأُ به هو ربا العبَّاسِ بنِ عبدالمطَّلبِ فهو موضوعٌ كلُّهُ)، وهو خروج من العهدة، وتجافٍ عن التبعة في هذا الكسب الذي توعد ربنا عز وجل آكله والآخذ في دروبه بأشد الوعيد.
وتابع: كما بدأ صلى الله عليه وسلم في وضع الربا وإسقاطه بأهل بيته، بدأ في وضع دماء الجاهلية وثاراتها التي كانت مبعث عدم استقرار، وشرارة اشتعال النار بينهم، بدأ وضعها بأهل بيته أيضًا فقال: (وإنَّ كلَّ دمٍ كانَ في الجاهليَّةِ موضوعٌ، وإنَّ أوَّلَ دم أضعه دمُ ربيعةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدالمطَّلب – وَكانَ مستَرضَعًا في بني سعد، فقتلتْهُ هُذيلٍ)، وتلك أنجح وسيلة، وأمضى طريقة للقدوة، وأحكم سبيل لإنفاذ ما يرسمه المُشرِّعُ لتشريعه، أن يبدأ بتنفيذه في خاصة نفسه وذويه.