ذهل وبكى كثيرا.. مكرم جاد الكريم يروي حكاية صورة اغتيال الرئيس السادات.. صور
بعض الصور تساوي تاريخا، وهذا أقل وصف يمكن إطلاقه على أعمال المصور الكبير مكرم جاد الكريم كبير مصوري جريدة الأخبار، والذي وافته المنية صباح اليوم، عن عمر ناهز الـ 80 عاما بعد تاريخ حافل بتسجيل لقطات تاريخية مهمة في عمر الوطن والمنطقة العربية أيضا.
مكرم جاد الكريم معروف في الوسط الصحفي بلقب قناص اللحظات الصعبة، حيث كان مراسلا حربيا ومصورا عسكريا بـ"أخبار اليوم"، غطى حرب اليمن، وحرب الاستنزاف، وحرب تشاد، وحرب الخليج، وحرب أكتوبر، وتعتبر صورة اغتيال السادات هي الأشهر بين لقطات المصور الراحل.
ويقول الراحل فى أحد حواراته عن قصة التقاط هذه الصورة: "استطعت تصوير كل ما حدث بالمنصة، ذهلت من الموقف وبكيت كثيرا، وحاولت تمالك أعصابي، حتى تمكنت من التقاط كافة الصور، وبدأت الحكاية عندما كان يقف جميع المصورين فوق أحد الأبراج الخشبية المتواجدة بالقرب من منصة الاحتفال بمنطقة النصب التذكاري للجندي المجهول بشارع النصر، بقيت في مكاني، وفجأة تعطل موتوسيكل أمام المنصة، وبعد قليل جاءت دبابة ووقفت أمام المنصة ووجه قائدها ماسورة إطلاق النار في اتجاه الأرض وهذا يعني تحية للرئيس ثم سارت في طريقها، وبعد قليل جاءت دبابة أخرى وتعطلت أمام المنصة أيضًا".
ويتابع :"ثم جاءت سيارة نقل جنود من قوات العرض تجر مدفعا خلفها وتحمل 4 جنود والضابط والسائق في المقدمة، ووقفت فجأة أمام المنصة ولم يلتفت إليها أحد لأن الجميع كانوا رافعين رؤوسهم إلى أعلى يتابعون إسقاط المظلات في نفس التوقيت، وإذ بأحد الجنود داخل السيارة يوجه سلاحه ويطلق النار على الرئيس فيرديه قتيلا.
وتوجه آخر وألقى قنبلة على المنصة ولكنها لم تنفجر، وأصيب الجميع بشلل مؤقت، وكان «جاد الكريم» وقتها على المنصة الخشبية المخصصة للمصورين وترتفع مسافة متر ونصف المتر إلى الجانب الأيمن للمنصة والتقط الصور المتلاحقة لهذا الحدث الهائل من خلال 4 كاميرات، فلم يكن هناك وقت لتغيير أفلام التصوير، وتمكن من التقاط 45 صورة للحدث لحظة بلحظة، ورأي رجال الأمن يلقون القبض على بعض المصورين ويأخذون منهم الكاميرات ويصادرون الأفلام، وبسرعة البرق أخرج الأفلام من الكاميرات بعد تصويرها وأخفاها في «الشراب» وأعطى أفراد الأمن أفلاما فارغة لينطلق بكل سرعة إلى جريدة «الأخبار» التي انفردت في اليوم التالي بصور صادمة للحظات اغتيال الرئيس السادات ونقلت كل صحف ووكالات أنباء العالم صور «الأخبار» التاريخية، وقد ظلت هذه الصور حتى الآن المرجع الأول لجميع الوكالات ودور النشر التي تتناول الحدث التاريخي إلى يومنا هذا".
كان جاد الكريم أيضا أول صحفي يدخل الجبهة في سيناء ويسجل لمصر لحظات الانتظار وتكون صورة الجندي الرافع أصابعه بعلامة النصر من أشهر صور الحرب المجيدة من على شط قناة السويس وتسجل العبور.
حصد جاد الكريم الكثير من الجوائز، ومنها: جائزة "وورلد برس فوتو" عن صوره لاغتيال السادات وهو المصري الأول الذي يحصدها ، وجائزتين من نقابة الصحفيين 1987 و1988، وجائزة التفوق الصحفي من نقابة الصحفيين 1981، وجائزة أحسن صور صحفية في حرب البوسنة 1986 من القوات المسلحة، وجائزة القوات المسلحة لأفضل صور صحفية عام 1993، كما فاز بـ4 جوائز عالمية من هولندا، وجائزة من النادي الصحفي الأمريكي فيما وراء البحار.
وأعلن عمرو نبيل، رئيس شعبة المصورين بنقابة الصحفيين، وفاة المصور مكرم جاد الكريم، بالدار الملحقة بكنيسة السيدة العذراء بالزيتون.
واختير مكرم جاد الكريم كأحد أهم ١٠ مصورين في القرن العشرين، هو صاحب أهم الصور في توثيق حرب اليمن وحرب ٦ أكتوبر ولحظات اغتيال الرئيس السادات.
وكانت شعبة المصورين الصحفيين في نقابة الصحفيين قد كرمته مؤخرا عن أعماله، باعتباره رائدا من رواد التصوير في مصر.
وحصدت صورة اغتيال السادات مجموعة من الجوائز المحلية والدولية، وباعتها جريدة "الأخبار" لوكالات الأنباء العالمية بنحو ١٥٠ ألف دولار.