- نشأت الديهي خلال حواره مع "صدى البلد":
- المشهد الإعلامي يشهد عملية تغيير جلد عميقة وانفراجة خلال عامين
- الدولة جادة في إصلاح المؤسسات الصحفية القومية.. وكثير من الإصدارات يجب أن تختفي
- أزمة ماسبيرو في القروض المتراكمة ويجب إسقاطها
- التليفزيون والمؤسسات القومية لا يحتاجان سوى 10% من نسبة العاملين بهما
- إغلاق المكاتب الخاصة بوسائل الإعلام الأجنبية في مصر وعلى رأسها BBC ودويتشه فيله يحافظ على الأمن القومي
- تأثير إعلام الإخوان على المصريين صفر.. وتمويله من الدول المعادية لمصر لن يتوقف
- المنظومة الإعلامية لابد أن يديرها شخص واحد
- أردوغان أقنع الإخوان بترشيح الشاطر ومرسي للرئاسة في 2012
نشأت الديهي.. إعلامي من طراز متميز يتمتع بالجرأة على الشاشة، ويمتلك أدوات الإعلامي الناجح التي تجعله ذو تأثير قوي على الرأي العام، كما أن لديه قراءة جيدة للمشهد الراهن سواء على المستوى السياسي أو فيما يتعلق بمجال الإعلام، وسبق له العمل خلال مشواره المهني بمجموعة من الوسائل الإعلامية الحكومية والخاصة وحتى الأجنبية.
واستضاف موقع "صدى البلد"، برئاسة تحرير الكاتب الصحفي أحمد صبري، الإعلامي نشأت الديهي، لتكريمه.
وخلال الندوة أدلى الديهي بمجموعة من التصريحات الهامة والخطيرة، جاء على رأسها؛ أن المشهد الإعلامي الحالي مؤقت وأننا سنشهد تغيير قواعد ملكية وسائل الإعلام خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى تأكيده على أن كثيرا من الإصدارات القومية يجب أن تختفي أو تتحول لمواقع إلكترونية.. وإلى نص الحوار:
في البداية.. نود أن نعرف ما دور الإعلام في الدولة من وجهة نظرك؟
دور الإعلام في الدولة والمجتمع، هو أن ينقل للمواطنين حزمة من الحقائق تكمل بعضها البعض وتوضح حقيقة ما يحدث في الدولة.
ونقل الأخبار يجب أن يكون في إطار لا يخرجها من معناها، وهذا هو الإعلام الصحي، وهذا يعني أن دور الإعلام أن يشكل الوعي لكننا لا نمتلك ذلك في إعلامنا لأن الإعلام جزء من المجتمع والمجتمع يعاني من نقص الوعي.
والإعلام في اللحظة الراهنة يلعب أخطر دور منتظر من جهة أو مؤسسة لأنه سيسهم في إعادة بناء المجتمع واستعادة الوعي المفقود وصناعة الأمل لدى المواطنين وهذه عملية معقدة.
كيف ترى التغييرات الأخيرة على الساحة الإعلامية؟
المشهد الإعلامي يمر بظروف صعبة ويشهد عملية تغيير جلد عميقة جدا، ولفهم ذلك يجب الإشارة إلى أنه خلال الفترة من 2005 لـ 2011 كان الإعلام هو المحرك الرئيسي لكل ما حدث في مصر وكان يتحدث بلغة تصاعدية كانت نتيجتها ما حدث في 2011.
في 2011 بدأ من خرب يجني الثمار وأقل ثمرة كانت أن بعض الإعلاميين حصدوا لقب "زعيم إعلامي"، وقاموا بدور رئيس الحزب أو المنظم أو محرك الجماهير، ولم نرى إعلاميا زعيما إلا في مصر، وبعض الوسائل الإعلامية كانت ممولة من الخارج وكان هناك بعض الإعلاميين يبتزون رجال الإعلام والدولة عبر وسائل إعلامية بشكل علني، وكان لابد من وقفة.
ما جرى في 30/6 أوقف النزيف وأنتج إعلاما جديدا لكن المشهد لم يكن يتحمل أن يتم الإصلاح بشكل جذري وإنما كان يتم بالتدريج، وتم إلغاء وزارة الإعلام في الدستور، وأصبحت هناك جهات جديدة مسئولة عن إدارة الإعلام في مصر هي المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئتان الوطنيتان للصحافة والإعلام بالإضافة للجنة الإعلام بالبرلمان ونقابتي الإعلاميين والصحفيين.
الدولة وضعت يدها على أسباب أزمة الإعلام، وبدأت في وضع قواعد لضبط المشهد استجابة للرأي العام، حيث قامت بتغيير أنماط الملكية وهذا أدى بشكل أو بآخر إلى أن تضع الدولة يدها على وسائل الإعلام بشكل مؤقت.
متى ستتغير الحالة الراهنة؟
مع مرور الوقت قاعدة الملكية ستتغير وسيكون لدينا إعلام مملوك للدولة والأحزاب والقطاع الخاص وهذه المرحلة مرحلة واجبة.
وأتوقع أننا خلال عامين سنشهد حالة رواج شديدة في صناعة الإعلام بعد ترتيب البيت من الداخل، وفرص عمل كثيرة على عكس قلق البعض من أن سوق العمل في مجال الإعلام أصبحت مغلقة، وأقول لهم: "أنتم على خطأ ونحن في فترة انتقالية".
هل تتحدث بناءً على معلومة أم قراءة للمشهد؟
أتحدث بناءً على قراءة للمشهد من أعلى نقطة، وأؤكد أن عملية توزيع قاعدة الملكية ستتم في أقرب فرصة، وسيتم إتاحة فرص عمل كثيرة بالمجال بما يخدم على احتياجات المجتمع ويحقق حالة من حالات السلم.
كيف ترى إعادة هيكلة المؤسسات القومية؟
الدولة جادة وصارمة في إصلاح المؤسسات الصحفية القومية وهناك مؤسسات تاريخية يجب الاهتمام بها وتعتبر قوة مصر الناعمة في الخارج مثل الأهرام والأخبار، وروز اليوسف، وأسماء كبرى أخرى يجب الحفاظ عليها.
وإصلاح المؤسسات القومية يبدأ بالناحية المالية، وإسقاط الأعباء المالية التاريخية الموروثة على المؤسسات، وأطالب بقرار سيادي بإعفاء المؤسسات الصحفية القومية من الديون.
كما أن هناك حاجة لتغيير المحتوى بحيث يصبح لدينا محتوى مثير يجذب القارئ وهادف في نفس الوقت، ويجب أن نشير إلى أن تغيير المحتوى يجب أن يصاحبه تغيير في الصياغة بحيث تكون جاذبة.
ما رأيك في دمج بعض الإصدارات؟
هناك مجموعة من الإصدارات لا قيمة لها ولم يكن يجب أن تصدر، وبعض الإصدارات صدرت خصيصا من باب المجاملة، وأرقام التوزيع الخاصة بها كارثية، فأحد الإصدارات يوزع 75 نسخة وآخر 1000 نسخة بينما مقر الإصدار موجود بمبنى يساوي 7 أو 8 مليارات، فبأي منطق يظل موجودا.
وأرى أن كثيرا من الإصدارات القومية يجب أن تختفي أو تتحول لمواقع إلكترونية وتنافس لتحقيق نسبة مشاهدة مرتفعة.
كيف ترى عملية الهيكلة في ماسبيرو؟
مبدئيا أي حديث عن هيكلة دون تمويل تضييع للوقت، وما يتردد حاليا من حديث حول ضياع ماسبيرو والمؤسسات الصحفية القومية ليس حقيقيا، وأعتقد أن كل من ينتقدون ماسبيرو ينقصهم الإنصاف لأنهم لا يشاهدون قنوات ماسبيرو، وهي ليست بهذا القدر من السوء الذي يصفه البعض والتليفزيون المصري، يمتلك كفاءات وإمكانيات تمكنه من النهوض سريعا.
إذن من أين يبدأ حل المشكلة ؟
مشكلة ماسبيرو الكبيرة تكمن في تكبله بالقروض، وماسبيرو حصل على قرض من بنك الاستثمار القومي ولم يتم تسديده، مما أدى إلى تراكم فوائد الدين حتى وصلت إلى أضعاف القرض الأصلي.
وحل أزمة ماسبيرو يتطلب اتخاذ قرارات جريئة، ويتحقق من خلال تسوية ديون ماسبيرو بقرار سيادي من مجلس الوزراء، خاصة أنها تدخل تحت بند التشابك المالي، وأطالب بإسقاط ديون مؤسسة الأهرام والمؤسسات القومية الأخرى أيضا من نفس المنطلق.
وأدعو الدولة إلى إسقاط ديون ماسبيرو من خلال اتخاذ قرار سيادي وإعادة توظيف العاملين، وإعادة النظر في أعدادهم لأن كلا من التليفزيون والمؤسسات القومية لا يحتاجان سوى 10% من نسبة العاملين بهما.
كما أطالب بإعادة تأهيل العاملين والموظفين وتدريبهم على أحدث النظم، واقترح نقل الموظفين غير المبدعين إلى مؤسسات حكومية أخرى للاستفادة منهم وإعادة توظيفهم، خاصة مع وجود بطالة مقنعة في معظم مؤسسات الدولة.
ويجب الإشارة إلى أن المؤسسات الإعلامية الحكومية تستهدف تشكيل وجدان المواطنين وتعكس وجهة نظر الدولة، ولا يمكن التعامل معها بفكر المكسب والخسارة.
ما رأيك في الدعوات لبيع التليفزيون أو استغلال أصوله؟
الدعوات المطالبة ببيع التليفزيون أو التعامل مع أزمته بتسفيه بالأمر غير المقبول، لأنه يمثل أمنا قوميا.
وإعادة البهاء للتليفزيون المصري والمؤسسات الصحفية القومية تحتاج لثورة تبدأ بإسقاط الديون، والتليفزيون المصري لديه إمكانيات تفوق القنوات العربية مجتمعة من استوديوهات وأصول من بينها مبانٍ مميزة على النيل.
والحديث عن استخدام الأصول غير المستغلة لحل أزمة ماسبيرو هي كلمة حق يراد بها باطل، و بيع الأصول غير مقبول لأننا بهذه الطريقة سنقوم ببيع مصر كلها، وعدم الاستغلال الجيد للأصول يرجع إلى سوء الإدارة ومصر أنشأت مؤخرا الصندوق السيادي، وهي خطوة جيدة لاستغلال كل الأصول وإعادة إدارتها بالشكل الأمثل.
وأدعو لخصخصة الإدارة في ماسبيرو وأنا من أنصار ذلك أيضا في السكة الحديد والمترو، والخصخصة هنا لا تعني البيع وإنما الاستعانة بخبرات القطاع الخاص في الإدارة.
مسألة إعادة النظر في أعداد العاملين بماسبيرو قد تصطدم برد فعل غاضب ما رأيك في ذلك؟
كل قرار صحيح لو انتظرت رد الفعل عليه لن تتحرك، لأن كل شخص يبحث عن مصلحته والضمير الجمعي في مصر ليس بخير، والبعض اعتاد على الهجوم ونقد السلطة، ويجب مصارحة الشعب بحقيقة الأوضاع للبحث عن حلول جذرية، كما يجب أن نتفق أن الدولة كانت مقدمة على الانهيار لولا جرأة السيسي في مواجهة الناس بحقيقة الظروف المؤلمة حتى تعالج بشكل سليم، والوصول للقمة له ثمن.
هل نجحت المؤسسات الإعلامية الجديدة في ضبط وإدارة المشهد الإعلامي؟
لابد أن يكون هناك شخص واحد يدير هذه المنظومة ينسق بين تلك الهيئات ويكون ولاية فنية على جميع الجهات، بحيث يكون دوره بمثابة وزير تنسيق وتعاون لأنها تعمل في بعض الأحيان في جزر منعزلة، ولابد من وجود إما وزير أو وزير دولة للإعلام أو أن يكون رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مسئول عن الصناعة بشكل تفصيلي.
كيف يجب أن تتصرف الدولة تجاه إصرار مكاتب بعض وسائل الإعلام الأجنبية على نقل صورة غير حقيقية عن الأوضاع في مصر؟
أدعو لإغلاق المكاتب الخاصة بوسائل الإعلام الأجنبية في مصر المعادية للدولة، وعلى رأسها BBC ودويتشه فيله الألمانية، لأن تلك المكاتب على صلة وثيقة بمخابرات بلادهم، خاصة المكاتب والإذاعات الموجهة من الدول الأجنبية للدول العربية، ونحن لن نخسر شيئا من إغلاق هذه المكاتب، خاصة أن الأمن القومي متضرر من وجودها لنقلهم ما يحدث في مصر بصورة مغايرة.
وبعض الدول تتجسس على مصر من خلال مكاتبها عن طريق تجميع المعلومات ومتاح لهم التجول والدخول إلى أماكن كثيرة وجمع المعلومات؛ حيث إنهم يحملون كارنية يسمح لهم بذلك، وهم يحرصون على تصيد أخطاء وعرضها في إعلامهم.
وBBC مشروع استخباراتي ضخم من صناعة المخابرات البريطانية وتديرها المخابرات البريطانية حتى هذه اللحظة، ولدي معلومات تفيد أن القسم العربي بأكمله في الـBBC ممول ومدعوم من عزمي بشارة المستشار السياسي لدى أمير قطر.
ما رأيك فيمن تختارهم تلك القنوات كرموز للتعبير عن المعارضة؟
أحترم المعارضة ولست ضدها والسؤال؛ أين هي المعارضة النزيهة أمثال إبراهيم شكري، زعيم المعارضة في مجلس الشعب وعلوي حافظ؟ وأرى أن الـ bbc تتعمد تصدير الأخبار السلبية عن مصر في نشراتها الإخبارية وتستعين بأشخاص لهم أغراض غير شريفة أمثال علاء الأسواني لكتابة المقالات، ومن يعارض من خارج مصر خائن وعميل ويجب أن يعامل معاملة الجواسيس، أما المعارضة الحقيقية تكون من الداخل عبر كيانات مخصصة لممارسة السياسة.
ما رأيك في دور الهيئة العامة للاستعلامات في مواجهة أكاذيب الإعلام الغربي؟
أعتقد أن ضياء رشوان غير كثيرا من شكل ودور الهيئة، ونحتاج لعمل مضاعف حتى يكون لدينا مبادئه، وليس فقط رد على الهجوم، ويجب أن تحرص الهيئة على أن يكون هناك رموز مصرية تكتب مقالات في الصحف الأجنبية بدلا من ترك هذه الساحة لقيادات الإخوان.
حاليا أتيح للهيئة بعض الإمكانيات المادية، وأصبح لدينا من يرد رد حرفي وسريع على الأكاذيب في وسائل الإعلام الأجنبية.
هل هناك تأثير لإعلام الإخوان على المصريين؟
تأثير إعلام الإخوان على المصريين صفر من وجهة نظري، ولكنه بالنسبة للإخوان في الداخل بمثابة أكسجين للاستمرار والإعلام المصري أدى دوره في كشف الأكاذيب، ورسائل الإخوان من الخارج تعيد الحياة للإخوان في الداخل.
إلى متى ستواصل قنوات الإخوان في الخارج بث سمومها؟
للأسف لديها القدرة على الاستمرار لوقت طويل لأن هناك جهات أجنبية معادية لمصر تمول تلك القنوات بهدف الضغط على الدولة المصرية.
ماذا عن تجربتك في الإعلام التركي؟
خضت ٣ تجارب في الإعلام الأجنبي، وفي تركيا عملت بمحطة ممولة وتدار من مكتب أردوغان مباشرة.
في هذا الوقت كان لي صديق علماني في تركيا وكان يقوم بتغطية بدايات الأحداث في سوريا، وفي إحدى المرات وخلال ظهوره على الهواء ليكشف سبقا بشأن حصول المعارضين على سلاح من الناتو قطعوا عليه الهواء، وفسر لي صديقي ذلك بأن أردوغان كانت له أطماع في سوريا.
وعندما سألته إذا كان لأردوغان أطماع في مصر، قال: "نعم له أطماع في السيطرة على مركز اتخاذ القرار في مصر، وليس من الاتحادية ولكن من المقطم"، بمعنى من مكتب إرشاد الإخوان.
وما حدث بعد ذلك أن أردوغان كان وراء قرار الإخوان بترشح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، ومحمد مرسي احتياطي له، وذلك في زيارة قام بها إلى مصر في 2012، وبعد شهرين من إعلان المرشد محمد بديع عدم الترشح.
وقال أردوغان لمرشد الإخوان في ذلك الوقت: "إما أن تتولى الحكم بالكامل وإلا مشروعك سيكون محكوما عليه بالفناء".