قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أردوغان ومصر

×

تصاعدت لهجة السيد أردوغان خلال الأيام القليلة الماضية واتهامه الباطل لكل من يرفض سياساته إن كانت الداخلية منها أو الخارجية. وتتوالى تصريحات أردوغان مع اقتراب موعد الانتخابات في مدينة إسطنبول والذي يبغى من ورائها كسب أصوات الشعبويين منالشارع التركي، وبعد ذلك سيتم الاستغناء عنهم كما هي العادة بعد كل انتخابات تجري في منطقتنا التي لم تتعرف على معنى الديمقراطية واحترام رأي الشارع، خاصة حينما تكون النتائج مغايرة لما هو متوقع. وهذا ما نراه في الانتخابات التركية خلال السنوات الأخيرة إن كانت المحلية منها أو البرلمانية وحتى اللعب في انتخابات الرئاسة. إنه ديدن الشخصيات الاستبدادية والمتشبثة بالسلطة على حساب المجتمع ورأيه فيمن ينتخبه.

عويل السيد أردوغان في الأيام الماضية يمكن وضعه في خانة الاستعدادات الانتخابية التي ستجري خلال الشهر الراهن والذي يعول عليها كثيرا؛ لأن سقوط مدينة إسطنبول من سلطته يعني فيما يعنيه سقوط أردوغان بحد ذاته ومن نفس المدينة التي سطع فيها نجمه قبل العقدين والنيف تقريبا. إسطنبول التي يراها معظم المحللين على أنها الخزينة الاقتصادية لأي حزب يتطلع لقيادة تركيا، وبنفس الوقت هي الجسر الرابط الوحيد ما بين آسيا وأوروبا.

لكن بنظرة معمقة بعض الشيء فإن لمدينة اسطنبول مغزاها ورمزها الديني الأكثر أهمية بالنسبة للسيد إردوغان تركيا. فهو يراها على أنها المدينة المقدسة التي ذكرها الرسول (ص)، وإنمن يفتحها سيكون من اهل الجنة، وهنا يعتبر السيد أردوغان تركيا نفسه بمحمد الفاتح الثاني الذي منًه الله على انتزاعها من العلمانيين الكفرة من حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك. لهذا ينظر إردوغان لنفسه على أنه من احفاد السلاطين العثمانيين الذين حكموا المنطقة اكثر من أربعة قرون، وهو يحاول استعادة أمجاد سلاطينه مجددا ويعمل لبناء العثمنة من جديد على اساس ليس الإسلام السياسي وحسب بل معتمدا على اسلام الحداثة الرأسمالية الليبرالية، والذي لا يهمه من جوهر الدين اي شي سوى الشكل البعيد عن المضمون. وهذا ما يعمل السيد أردوغان تركيا على نشره في الداخل على أنه الإسلام الأردوغاني، الذي يعمل على تفتيت المجتمعات وضربها بعضا ببعض من أجل الوصول إلى السلطة فحسب.

هو نفسه يعتبر نفس المنهج المتبع من قبل جماعة ما يسمى الإخوانالمسلمين التي تأسست في عشرينيات القرن المنصرم في مصر على يد حسن البنا ومن بعده سيد قطب. إنه نفس العقيدة المتشابهة بين مرحلتين إحداهما مكملة الأخرى وان كانت باسم مختلف، إلا أن الجوهر هو هو لم يختلف البتة.

مقارنة بسيطة ما بين ما كان متبع من شعائر وطقوس وعبادات دينية على زمن العثمانيين وما بين ما يروج له من قبل الاخوان المسلمين. لا شيء مختلف، بل بمقدورنا القول بلا تردد أن جماعة الإخوان المسلمين ما هم عقائديا إلا امتدادًا فجًا العثمانيين، الذين يستخدمون نفس الأسلوب والطريقة للوصول للسلطة ومن بعدها ليذهب المجتمع للجحيم كما كان تحت حكم العثمانيين على طول القرون الأربعة المظلمة.

لذا، نرى إردوغان ينظر لمصر من منظور عثمانوي بحت وان كل من يدعون الإسلام في مصر، ما هم إلا اتباع للخليفة إردوغان. حينها يمكننا أن ندرك لماذا كل هذا التباكي الاردوغاني على الرئيس المصري السابق السيد محمد مرسي، الذي وافته المنية وهو امام المحكمة وأمام مرأى الجميع قبل انتقاله للرفيق الأعلى والعدالة الربانية. وكيف أن قميص عثمان عليه السلام بريء من ذئاب السلطة الذين استغلوا مقتله لتمزيق الدينوالاستحواذ على الخلافة، الان يسعى إردوغان القيام بنفس المسرحية وبأسلوب جديد والتباكي على قميص مرسي. كل ذلك ليستغل مشاعر البسطاء من الناس وارتداء الدين عباءة لتكفير الآخر. وكذلك هي العقلية والمنطق ذاته الذي اقترح على يزيد بن معاوية بحمل القرآن على الرماح ليكون الفصل، نفس المنطق يستثمره إردوغان فيحربه الشعواء ضد كل من يختلف معه، حاملا القرآن بيده زورا وبهتانا فقط ليسير القطيع خلفه.

من هنا يمكننا فهم أسلوب إردوغان في السياسة المنحطة التي تركت الميكافيلية وراءها بعيدا. وما تهجمه على مصر ورئيسها وشعبها ، استثمارا في التعصب الديني واتهام الآخرين بالرافضة والكفرة، وكل من يطيع إردوغان هم فقط القطيع من المسلمين.
تصدير الأزمة الداخلية للخارج وإلهاء الشعب بها لن تكون بالسياسة الناجحة بالنسبة لاردوغان. لأن حل القضايا الداخلية يتطلب سياسة ديمقراطية واعتراف بالآخر. حيث وضح السيد أوجلانفي رسالته الاخيرة أن على الكرد ألا يكونوا بيدق بيد طرفي الصراع على السلطة وعليهم أن ينتهجوا الخط الثالث الذي يعبر عن المجتمع اكثر. وان النجاح في الانتخابات يلزمه توافق استراتيجي يعتمد الاتفاق الديمقراطي، السياسة الحرة والحقوق الكونية، التي تمثل اساس السياسة الحقيقية في المنطقة.