قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الإنسان يمر في حياته بأيام عصاب يجد نفسه فيها في أشد الحاجة إلى الرجوع إلى الله.

وأضاف «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه على الرغم أن ذكر الله في كل حين هو طريق الفلاح والنجاح والرباح، إلا أن الإنسان دائم النسيان حتى قال الشاعر: «وما سمي الإنسان إلا لنسيانه * وما أول الناس إلا أول ناس»، فهو يشير إلى أن اشتقاق الإنسان اللغوي من النسيان، وأن أصل كلمة الناس هو أيضاً النسيان على ما في هذا من اختلاف بين أهل اللغة.

وتابع: ويشير مرة أخرى إلى قوله تعالى: «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً» الآية 115 طه، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «وَنَسِىَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ» رواه الترمذي، ونرى طريق الذكر في القرآن والسنة ومنهج الصالحين طريقاً لازماً مؤكداً فيه ترويح للنفوس وشحن للهمة، ودافعا للصالحات ومانعا للسيئات وحصنا عن اليأس ونورا في القلب بما يبنى الإنسان، ويجدد حياته ويجعله كل يوم في ثوب جديد، ويجعله قادراً على أداء مهمته في الأرض من عبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس.

وأوضح أنه في القرآن الكريم فنرى فيه قوله تعالى: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ» الآية 152 من سورة البقرة، وقوله سبحانه: «وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً» الآية 35 من سورة الأحزاب، وقوله عز وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» الآية 45 من سورة الأنفال.

واستشهد بقوله سبحانه وتعالى: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ» الآية 45 من سورة العنكبوت، منوهًا بأن هذه الآيات تدعونا إلى دوام ذكر الله في كل حركاتنا وفي كل حين، وهذا نجده واضحاً في أمرين: الأول في العبادات، فبداياتها ذكر، وجوهرها ذكر، وختامها ذكر قال تعالى: «وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى» [الأعلى:15].

ودلل بما قال -صلى الله عليه وسلم- : «إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» (رواه مسلم)، وفي الصيام قال تعالى: «وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» [البقرة:185]، وقال سبحانه في شأن الحج: «فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ» [البقرة:198] وقال تعالى: «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ» [البقرة:203].