الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شبح المجهول


وتمضى أحداث الخليج بصورة تجعلك تتوقع الأسوأ، فالسيناريو العالمى الموضوع للمنطقة محكم التفاصيل ومن وضعه ترفع له القبعة.

والمتابع للأحداث يتأكد أن الولايات المتحدة فى عهد رئيسها دونالد ترامب تمضى بخطى ثابتة نحو تحقيق جل أهدافها بهدوء وتعقل شديدين، فواشنطن على إدراك تام بمدى الاستفادة القصوى من البعبع الإيرانى، وتعلم أن طهران ليست بالخصم الهين، وعليه فقد رتبت كل الأجواء لكى تستفيد أقصى استفادة من الهلع الخليجى من تمدد المثلث الشيعى، وأيضا تحرز أهدافا فى البعد الإيرانى من ترديد سياسة "سيب وانا اسيب".

فواشنطن على قناعة بأن طهران دولة ذات ثقل فى المنطقة، وأنها أيضا من الممكن أن تهدد أمن إسرائيل بصورة أو بأخرى، ليس هذا فقط بل أيضا إمكانية اتحاد طهران وأنقرة ومعهما الدب الروسى ضد الولايات المتحدة بالطبع مثلث مرعب للكيان الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة والخليج بصفة خاصة، وانطلاقا من هذه الإرهاصات تحدثت مصادر رافضة الكشف عن هويتها عن اتفاق أمريكى إيرانى يقضى بأن يظهر الجانبان غير ما يبطنان، وأنه أيضا من حين لآخر تقع عدة حوادث تبلبل أحداث الخليج.

ويقال إن وراءها طهران وإنها لا تريد خيرا لجيرانها، والمقابل صمت طهران مقابل اكتسابها أهدافا بعيدة المدى لإيران بكل ما فيها، يقابل هذا الصمت والتحرك الأمريكى تمدد واشنطن وحصولها على المزيد من المزايا الاستراتيجية والعسكرية وبالطبع المادية، والواضح أن هذا السيناريو تتشابك حبكته وحلقاته ويظهر منها بين الحين والآخر جزء يمهد لما تصبو إليه واشنطن ولما وافقت عليه طهران.

وليس بخفى ما أعلنته وسائل الإعلام مؤخرا عن استهداف الحوثيين لمطار أبها، وأيضا ما سبقه من تحركات إيرانية تبعتها تصريحات أمريكية بالتوعد والرد القاسى يؤكدها تحرك القطع البحرية الأمريكية الثقيلة فى مياه الخليج والبحر المتوسط لتعلن أن لها وقفة مع ما وصفته بالتسيب الإيرانى وعدم احترامها للأعراف والمواثيق الدولية المتعلقة بأمن جيرانها العرب، ووسط كل هذه التصعيدات والترقبات تجد تركيا هى الأخرى تقول أنا موجودة ولابد من إشراكى واشتراكى فى هذه الأحداث وإلا سأعمل بالحكمة القائلة: "لا فيها لأبوظها"، فأنقرة معروف عنها بأن دولة انتهاز الفرص ورئيسها الحالى رجب طيب أردوغان لا يدخر وسعا فى تأكيد ما يعرف عن دولته.

وبين هذين التصعيدان يفتح مرة أخرى ملف خاشجقى بكل تبعاته، ولابد أن تنظر يمينا ويسارا لتقع عينك على سوريا وأجوائها وما حققته موسكو وبكين فيها من استقرار واجتثاث لداعش وروافدها، وأيضا ما أعلنته دمشق من إعمار سوريا وأن روسيا لها نصيب الأسد فى هذا الإعمار المرتقب، والذى ينهى مرحلة امتدت ثمانية أعوام ذاقت فيها ربوع دمشق كل ألوان العذاب والشقاء ودمرت بنيتها التحتية وقتل وأصيب وشرد فيها وخارجها ملايين السوريين.

إذن الأوضاع فى الخليج تسير وفق ما يريده العملاق الأمريكى وأتباعه من مستغلى الفرص والانتهازيون منهم، فهل تظهر آفاق أخرى تخيب ما تصبو إليه واشنطن وحلفاؤها؟ وهل ترضى عنا السماء فترد كيد الكائدين فى نحورهم؟ لننتظر ونرى ما ستأتى به الأيام وتدعو أن تكون أيام خير ونصر للأمة العربية والإسلامية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط