في الوقت الذي يقف ملاك العقارات التابعة لقانون الإيجار القديم، منتظرين البرلمان على أحر من الجمر لإصدار قانون جديد يخلصهم من قيود التشريع القديم، الذي لا يتخطى قيمة إيجاره الشهري 5 جنيهات في بعض الأحيان، إذا بالبرلمان يوجه صدمة لهم في أكثر من مرة، ويعلن أن قانون الإيجار القديم غير مطروح على البرلمان في الوقت الحالي، ليدمر بذلك آمالا لدى ملايين الملاك منذ أن فتح نواب المجلس هذا الملف، بعد خطوات متقدمة من عدد من النواب، لإصدار القانون.
لكن كثيرا لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن، ففي الوقت الذي حملت غبار البشريات لأصحاب السكن للغرض السكني في قانون الإيجار القديم، فقد هبت في جانب آخر نسمات لها أن تثلج صدور أصحاب الوحدات في قانون الإيجار القديم، لكن التي لا ينطبق عليها الغرض السكني "المحلات والوحداث لغير الغرض السكني".
أما بالنسبة لقانون الإيجار القديم فيما يتعلق بالوحدات السكنية، فالصدمة الأولى تلقاها الملاك من رئيس البرلمان شخصيًا، عندما صرح بأن قانون الإيجار القديم غير مطروح بالمرة على المجلس، وأن كل ما يثار حول مناقشة النواب للقانون غير صحيح بالمرة.
ويقول الدكتور علي عبد العال، إنه "من وقت لآخر تخرج بعض التصريحات من جانب بعض النواب بشأن موضوعات يفترض أن تتم مناقشتها أمام البرلمان، منها ما صدر مؤخرا بأن البرلمان سيناقش قريبا قانون الإيجار القديم، وأيضا تقديم الحكومة لمشروعات قوانين متعلقة بمجلس النواب ومجلس الشيوخ، وهذا أمر غير صحيح وغير مطروح من الأساس"
توالت الضربات فيما بعد، فتارة ينفى متحدث البرلمان الدكتور صلاح حسب الله، وأخرى المهندس علاء والي، رئيس لجنة الإسكان، والذي أكد رفضه مناقشة بعض اقتراحات مقدمة من النواب بخصوص قانون الإيجار السكني القديم، مؤكدا أن هذا الأمر غير قابل للنقاش، وأنه سيرفض أى قانون مقدم لتعديل قانون الإيجار السكنى القديم حتى لو قدمته الحكومة، لأن الإيجار القديم يمس قطاعا كبيرا من المواطنين، وتعديله أمر غير جائز.
وبذلك يكون البرلمان بعث برسالة تقول إنه لا مجال للمساس بقانون الإيجار القديم، فيما يتعلق بالوحدات السكنية، لينهي بذلك حالة من الجدل التي تثار بين فنية وأخرى، ويقطع أوتارًا يلعب عليها البعض للمتاجرة بآمال الملاك.
لكن كما سبق وذكرنا، فقانون الإيجار القديم لم يغلق بتاتًا، فقد فتح باب آخر يتعلق بالوحداث غير السكنية، والمقرر تعديل قانونها، وقدمت فيه الحكومة تشريعًا.
مشروع القانون يشتمل على "خمس مواد"، تضمنت المادة الأولى منه أن تسرى أحكام هذا القانون على الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة لغير غرض السكنى التى يحكمها القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والقانون رقم 136 لسنة 1981 والقانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وبعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلها، مع عدم سريان هذا القانون على الأماكن المذكورة التى يحكمها القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدنى على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها والأماكن التى انتهت أو تنتهى عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، وفقًا لعلاء والى رئيس إسكان البرلمان.
كما تضمنت المادة الثانية حكمًا انتقاليًا يتعلق بامتداد عقود إيجار الأماكن التى يسرى عليها أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 لصالح المستأجر لمدة خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون، وفى جميع الأحوال تنتهى تلك العقود بقوة القانون ودون الحاجة لاتخاذ أى إجراء أو صدور حكم قضائى بانتهاء المدة المنصوص عليها.
كما بين رئيس لجنة الإسكان أن المادة الثالثة حددت الأجرة القانونية المستحقة عند صدور هذا القانون بخمسة أمثال القيمة الإيجارية القانونية المحددة طبقًا لأحكام قوانين إيجار الأماكن، كما راعت تلك المادة زيادة سنوية للأجرة القانونية وبصفة دورية في مثل هذا الموعد من الأعوام التالية بنسبة 15% من قيمة آخر أجرة قانونية، وذلك لمدة أربع سنوات.
المادة الرابعة تضمنت التزام المستأجرين بإخلاء المكان المؤجر ورده إلى المالك أو المؤجر في اليوم التالى لانتهاء المدة القانونية (الخمس سنوات) المشار إليها بالمادة الثانية من المشروع، وتضمنت هذه المادة أنه في حالة امتناع المستأجر عن تسليم العين المؤجرة إلى صاحبها، حيث أعطت للمؤجر أو المالك الحق أن يتقدم بطلب إلى قاضى الأمور الوقتية المختص بالمحكمة التى يقع بدائرتها العقار ليأمر بالطرد وتسليم المكان خاليًا من الأشخاص والمنقولات دون أن يخل ذلك بحق المالك أو المؤجر في التعويض أن كان له مقتضى.
وبعد أن كانت الأنظار تتجه نحو قانون الإيجار القديم، سواء فيما يتعلق بالأغراض السكنية أو غيرها، أصبح يتركز فقط حول قانون الوحدات غير السكنية، وتأكد ذلك بعد أن أرسلت الحكومة مشروع القانون سالف الذكر إلى البرلمان.
هذا ما أكده النائب علاء والي، رئيس لجنة الإسكان بالبرلمان، والذي قال إن "قضية الإيجارات القديمة للوحدات والمحلات غير السكنية خطيرة للغاية، ومشروع القانون المحال للبرلمان يعد من المشروعات الهامة التى يهتم بها مجلس النواب، حيث يهدف المشروع للحفاظ على الدور الاقتصادى والسياسى والتنموى الذى تقوم به الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة التى تشغل أماكن مؤجرة لغير غرض السكنى، وإعلاءً لكلمة الشرعية الدستورية وانفاذًا لأحكام المحكمة الدستورية العليا وتحقيقًا للتوازن بين هذين الأمرين، جاء مشروع القانون ليتحقق من خلاله النص على انتهاء جميع عقود الإيجار للأماكن التى تشغلها الأشخاص المعنوية العامة والخاصة، وذلك خلال أجل محدد لا يتجاوز خمس سنوات وهى مدة تتسم بالمعقولية يستطيع خلالها كل ذى شأن سواء كانت الدولة أو أشخاصها الاعتبارية أن يتدبر أموره ليستمر فى نشاطه، وخلال هذه السنوات الخمس تزاد أجرة هذه الأماكن زيادة معقولة بحيث يتحقق خلالها العدالة وجبر الأضرار التى تلحق بمالكى العقارات المؤجرة".