المشهد الليبي الحالي أصبح أكثر إثارة ومتابعة بالنسبة لي من دراما رمضان وما قبل وما بعد رمضان.. ولكن شد إنتباهي أن هناك مسلسل رمضاني ليبي إسمه "زنقة الريح" والمثير أن دراما "زنقة الريح" سحب البساط من تحت أقدام السياسة والاشتباكات والتراشق الليبي - الليبي أو بين الشرق والغرب وأشعل السوشيال ميديا بشكل كبير.. المسلسل يعتبر هو الإنتاج الدرامي الليبي الأكبر والأضخم والأول وفي إعتقادي يؤسس لدراما وأعمال فنية ودرامية إفتقدها الواقع الليبي لعقود رغم توافر الموارد المادية والعوائد النفطية التي كان من المفروض أن تفتح المجال أمام إنتاج إعلامي وفني ودرامي ضخم كان من الممكن أن ينافسمثيله السعودي والذي تقوم به عدة مؤسسات إعلامية سعودية خاصة ومعروفة للجميع ومنها مادخل الى السوق المصري لينافس وبقوة .. نعود لمسلسل "زنقة الريح" وهو من إخراج المخرج الليبي أسامة رزق ومن تأليف الكاتب الليبي عبد الرحمن حقيق وشارك في المسلسل أكثر من 250 فنان وفنانة من ليبيا وتونس وسوريه .. وكما قلت سابقا هو العمل الدرامي الليبي الأضخم .. أما عن جودة التصوير وتقنياته العالية .. حدث ولا حرج ومدير تصوير المسلسل هو الفنان المصري (محمد أحميدة) الذي قال عن المخرج أسامة رزق بأنه من المخرجين الليبيين الذين لفتوا الانتباه بطريقة عملهم ولديه فكر عال على المستوى الدرامي .. المسلسل تاريخي وكانت هناك مخاوف من عدم تمكن فريق العمل من الانتهاء منه قبل شهر رمضان .. يدور المسلسل حول القضايا الهامة التي تعرض لها المجتمع الليبي أثناء الحروب وفترة الاحتلال البريطاني لليبيا بعد الحرب العالمية الثانية وكيف كانت علاقة المجتمع الليبي بعضه ببعض ومعاناته مع هذا الاحتلال في إطار اجتماعييوضح اختلاف العقائد والثقافات التي أثرت على المجتمع في تلك الفترة ..
تبدأ أحداث المسلسل عام 1945م عندما احتلت بريطانيا ليبيا.. وكانت منحازة للجالية اليونانية والإيطالية التي كانت تعيش هناك وقتها على حساب أبناء البلد الليبيين وأيضا تناول المسلسل حياة المجتمع المصري مع اليهودي وكيف اجتمعت العديد من الأعراق بمختلف تقاليدهم وعاداتهم بدون وجود أزمات بينهم .. وهذا يُذكرنا بمسلسل (حارة اليهود) الذي تم إذاعته في مصر منذ 3 سنوات ويروي شكل الحياة في حارة اليهود بوسط القاهرة والتي تتبع حي الجمالية التاريخي وسرد أنشطة ونمط حياة اليهود عقب ثورة يوليو 1952 م وتطرق أيضا الى الاوضاع السياسية في مصر وقتها .. واستند المسلسل إلى وقائع تاريخية مثبتة ..نعود الى "زنقة الريح" وتفاصيله وجودة تصويره وشخوصه بشكل عام هو عمل درامي راقي نتمنى أن يكون بداية موفقة لدراما ليبية قوية قادرة على المنافسة .. كما نتمنى نهاية لدراما الواقع الليبي السياسي المؤلم لنا جميعا وأن يتفق الأشقاء على أن يلتقوا على ما أتفقوا عليه ويتركوا ما اختلفوا فيه .. المهم أن يلتقي الفرقاء على مصلحة وطنهم ويتركوا الخلافات جانبا .. حتى لا تظل ليبيا في زنقة الريح وحتى تخرج ليبيا من زنقة التاريخ الى آفاق أرحب وأن يبدأوا في تعمير وإعادة بناء ليبيا من جديد .. وكل عام وأنتم بخير .. والله المستعان