أحمد العناني لـ«صدى البلد»:
- لن نشاهد حربا عسكرية بين أمريكا وإيران
- أمريكا لا تستغل إيران لابتزاز العرب
- إيران تضغط على المنطقة العربية بالحرب بالوكالة
- العلاقات المصرية الأفريقية متميزة
- فوز مصر برئاسة الاتحاد الأفريقي نجاح كبير وثقة من القادة الأفارقة
قال أحمد العناني، الباحث في العلاقات الدولية وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الولايات المتحدة الأمريكية لها مصالح في منطقة الشرق الأوسط، وتريد أن تحافظ على تواجدها في هذه المنطقة، إذ أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها دونالد ترامب حاليا هي الاستدارة حول الشرق لمواجهة التمدد الصيني الاقتصادي، وبالتالي فإن استغلال الرئيس الأمريكي لإيران كفزاعة للدول العربية ليس حقيقيا، خصوصا أنه كان يفكر جديا في سحب قواته من منطقة الشرق الأوسط، ولكن بعد الاستفزازات الإيرانية أصبح هناك تهديد مباشر للمصالح والقوات الأمريكية الموجودة في الشرق الأوسط كالمتمركزة في العراق، فضلا عن تهديد حزب الله لإسرائيل، وحماية إسرائيل مهمة قومية لدى أمريكا.
وأضاف «العناني» في حوار لـ«صدى البلد» عن إرسال المزيد من القوات الأمريكية إلى منطقة الشرق الأوسط بدعم من البنتاجون، أن هناك تخبطا في هذا الأمر، ولكنه يحمل بعض الرسائل لكافة الأطراف وعلى رأسها ترهيب إيران ودعم الخليج وطمأنة إسرائيل، وفي ظل استمرار التوتر القائم بين واشنطن وطهران فإنه من المتوقع أن ترسل أمريكا المزيد من قواتها إلى الشرق الأوسط.
وأوضح «العناني» أنه لا توجد حاليا حرب بين إيران وأمريكا، وأن كل ما يحدث يندرج تحت ما يصطلح عليه بـ«سياسة حافة الهاوية»، بالنسبة لإيران فإن ما يجرب هو من باب الاستهلاك المحلي، إذ أنها تعي تماما بأنه في حال أي احتكاك بالجانب الأمريكي أو بالنفط الخليجي في مضيق هرمز يتسبب في أزمة كبيرة خصوصا فيما يتعلق بأسعار النفط العالمية، ما ينعكس سلبا على دول شرق آسيا وهي في الوقت نفسه حليف لإيران مثل الصين، وبالتالي إن الاحتكاك بين إيران وأمريكا صعب، إلا إذا اتخذ الجانب الأمريكي خطوات عسكرية تصعيدية.
أكد «العناني» أن الشواهد تؤكد عدم وجود مواجهة مباشرة بين أمريكا وإيران؛ إذ أن واشنطن تمضي قدما في استراتيجية خنق إيران اقتصاديا، وستستمر سياسة العقوبات الاقتصادية على الجانب الإيراني، وفي المقابل فإن إيران تعول على أمر واحد كل وحيد لهذا الملف وهو المماطلة حتى انتهاء مدة رئاسة الرئيس دونالد ترامب الذي يتبقى له 18 شهرا في الحكم، على أمل أن يأتي رئيس من المعسكر الديمقراطي الأكثر انفتاحا على الاتفاق النووي.
أوضح «العناني» أن إيران تعمل على استراتيجية المماطلة وسياسة النفس الطويل، أما سياسة الولايات المتحدة الأمريكية فإن ترامب يحاول الضغط بشتى الطرق قبيل انتخابات 2020 لإجبار الجانب الإيراني على توقيع اتفاق جديد يكون فيه مكاسب سياسية واقتصادية، كي يخوض الانتخابات للمرة الثانية وقد حقق إنجازا بالنسبة للشعب الأمريكي وحقق بنود البرنامج الانتخابي الذي وعد به، فيما يتعلق بالعمل مع الجانب الإيراني أو تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، حيث إنه تكلم عن 12 مطلبا فيما يخص إلغاء الصواريخ الباليستية والبرنامج الصاروخي، وأيضا السماح لأعضاء وكالة الطاقة الذرية بتفتيش المزيد من المناطق العسكرية الإيرانية، وهو ما تعتبره إيران تعديا على السيادة.
أشار«العناني» إلى أنه يهم أمريكا في المقام الأول إنهاء التواجد العسكري في الداخل السوري، كما أن إسرائيل تتضرر من التواجد الإيراني في سوريا، وتسعى لخروج قوات إيران من الشرق الأوسط من لبنان والعراق وسوريا واليمن، وأيضا وقف تمويل حزب الله، وكذا إعلان الحرس الثوري كمليشيا إرهابية.
ولفت «العناني» إلى أنه ما من شك في أن إيران تقف خلف استهداف سفن تجارية في المياه الإقليمية الإماراتية، وأيضا الهجوم على محطتي نفط سعوديتين، وبالرغم من أن إيران تدرك العواقب الوخيمة للاحتكاك العسكري بالخليج أو بأمريكا وتسعى لتجنب ذلك، إلا أنها تمارس بعض المناوشات من خلال أذرعها في المنطقة مثل الحوثيين في اليمن، حتى لا يتم توريطها مباشرة في احتكاك مباشر مع الجانب الأمريكي أو الخليجي، كما أنها تحاول الضغط على الجانب الأمريكي لإعادة النظر فيما يخص تصدير النفط الإيراني؛ نظرا لأنه يعد مصدرا رئيسا للدخل الإيراني.
توقع «العناني» أن يمضي الرئيس الأمريكي قدما في سياسة خلق إيران وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية عليها، وربما تشهد الفترة المقبلة المزيد من الضغوط الأمريكي كي يرفع يده عن التعاون مع إيران؛ إذ أنه يعتبر حليفا براجماتيا لها.
وعن توابع السياسة الأمريكية تجاه إيران على المنطقة العرب، أكد «العناني» أن الجانب الخليجي مستفيد بشكل كبير من العقوبات الأمريكية الموجهة إلى الجانب الإيراني، بل إن البحرين والإمارات والسعودية تعول كثيرا على هذه العقوبات، خصوصا توجيه الضربات إلى مليشيات إيران في سوريا، كما أنها تسعى لاستراتيجية ودعم لمواجهة الحوثيين في اليمن، أما فيما يتعلق بالمنطقة العربية بشكل عام، فإن الدول العربية لا تريد حربا جديدة في المنطقة، وهناك بعض الدول التي تقوم بدور الوساطة لتجنيب المنطقة هذا المصير، مثل عمان والعراق.
وحول تشكيل ناتو عربي، كما دعت قمة الرياض 2015، وتعليق مصر انخراطها فيه، قال «العناني»، إن مصر ركيزة للاستقرار في المنطقة وتعليقها الانخراط في هذا الناتو يأتي نظرا لأن استراتيجيته غير واضحة بالشكل الكبير، فضلا عن دعمها للدول العربية بصفة عامة من خلال ميثاق جامعة الدول العربية، ولكن هذا الناتو لم تتضح استراتيجيته في ظل انتشار تقارير تشير إلى أن الرئيس الأمريكي يدعم هذا الناتو لتوظيفه ضد الروس، ومصر لديها علاقات وتفاهمات مع روسيا، وروسيا جانب مهم بالنسبة لأي دولة في المنطقة، كما أن مصر لا تريد أن تتورط في أي حروب رغم مساندتها لكل الدول العربية ودعمها بشكل مباشر في المحافل الدولية وتوافق الرؤى حول العديد من القضايا مثل مكافحة الإرهاب وتشكيل تكتل الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، لافتا إلى أن مشاركة مصر في قمتي مكة العربية والإسلامية يعد دعما مباشرا للدول العربية والإسلامية في مواقفها.
وفيما يخص الملف المصري الأفريقي، أشاد «العناني» بالعلاقات المصرية الإفريقية قائلا: إنه بعد استقرار مصر وإعادة بناء مؤسسات الدولة والاهتمام بالناحية التشريعية والاقتصادية، واستقرار سياسة الدولة، اتبع الرئيس عبدالفتاح السيسي استراتيجية الانفتاح على القارة الإفريقية ودولها.
وأضاف أن سياسة مصر عقب 30 يونيو ساهمت بشكل كبير في استعادة ثقة الاتحاد الإفريقي، وعادت مصر إليه بعد تعليق عضويتها في 2013، وعملت مصر على تغيير استراتيجيتها تجاه الدول الإفريقية، فكانت سياستها أكثر انفتاحا على دول القارة السمراء.
وأوضح «العناني» أن الدولة المصرية تمتلك برنامجا طموحا فيما يتعلق بعلاقاتها مع أفريقيا، فحتى قبل تولي مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي، فقد حملت الدولة المصرية على عاتقها العديد من القضايا التي تهم دول القارة السمراء، ومنها على سبيل المثال التغير المناخي، وأوضاع القارة الاقتصادية، ومجال مكافحة ومجابهة الإرهاب، فكانت لمصر رؤية إفريقية شاملة كللت برئاسة مصر الاتحاد الإفريقي، التي كانت جاءت للدلالة على احترام قادة إفريقيا للدور المصري ودورها الريادي في القارة.
وأوضح «العناني» أن مصر عندما كانت عضوة غير دائم في مجلس الأمن كانت تعمل بشكل كبير على إحلال السلم والأمن في الداخل الإفريقي، وكانت تحمل على عاتقها مشاكل القارة الإفريقي، كما كانت لمصر رؤية مستقبلية لحل الأزمات الاقتصادية في القارة الأفريقية فيما يتعلق ببناء الدول الإفريقية وهو ما تعكسه استراتيجية 2063 للتنمية المستدامة في القارة.
وأكد «العناني» أن مصر تريد أن تنقل خبراتها في مختلف المجالات إلى الجانب الإفريقي لتحقيق التنمية المستدامة، فضلا عن أن مصر لها باع طويل في مجابهة الإرهاب، وهو ما تريد الدول الإفريقية الاستفادة من مصر فيه، وكذا فإن الدول الأوروبية تعول على الجانب المصري للدخول إلى أفريقيا، إذ أن مصر تعد بوابة أوروبا إلى إفريقيا، خصوصا فيما يخص الاستثمارات، نظرا لأنها رئاسة الاتحاد الإفريقي ولديها تفاهمات مع قادة القارة.