علي جمعة: الاستعاذة من الشيطان لن تخلصك من الوسوسة في هذه الحالة
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الوسواس هو مما ابتلي به الناس في هذا الزمان، مشيرًا إلى أنه يختلف عن حديث النفس.
وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن الوسواس مما ابتلي به الناس، فقال الله تعالى: «مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ»، منوهًا بأن الوسواس يختلف عن حديث النفس فالشيطان يلقي ما يلقي في قلب الإنسان وينصرف فترى الوسواس جاءك مرة فإذا صرفته انصرف لأن الله لم يجعل للشيطان على الإنسان سبيلا.
وتابع: ولذلك فهو يأتي فيلقي فإذا استعذت بالله أو صرفت الخاطر السيئ انصرف ولا يعود ثانيةً أبدًا لأنه يبحث عن غيرك وهو مشغول، لأنه عنده مهمة الإضلال ويريد يلقي هنا ويلقي هنا ويعمل ويجري هنا، أما النفس فالنفس بين جنبيك فتراها تحدثك بالسوء، كما ورد بقوله تعالى: «إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ»، فتراها تأمرك أمَّارة فعالة صيغة مبالغة من فاعل يعني يفعل مرارًا وتكرارا فتراها تأمرك بالمنكر وبالسوء فإذا صرفت خاطرها أمرتك مرة ثانية.
وأضاف: فإذا قاومت نفسك غلبت نفسك على هذا الأمر فإذا استمرت المقاومة بدأت تخفت وتذهب ولكن بعد تكرار وإلحاح فإذا رأيت المعصية تلوح لك ثم تلوح لك ثم تلوح لك وهناك ما يدفعك إليها دفعا فإنه من نفسك لا تتهم الشيطان لأن الشيطان يخنس ويجري، لافتًا إلى أن الإنسان ينتابه الوسواس والوسواس ينتابه ابتداءً من الطهارة أنا اتوضيت أم لا، وبعد ما يتوضأ هل أنا غسلت يدي ؟ هل أنا غسلت وجهى وبعده رجلى ؟ هل مسحت الرأس ؟ ثم يرجع المسكين يتوضأ مرة أخرى وهكذا.
واستشهد بما روى أنه جاء رجل لأبي الوفاء بن عقيل وقال له قد ابتليت بالوسواس، قال : وما ذاك ؟ قال : اذهب إلى شط الفرات فاغتسل ثم أخرج وأظن أن بقعةً في رجلي لم يصبها الماء فأغطس مرة ثانية ثم أخرج فأظن أن لُمعة في يدي لم يصبها الماء ثم أغطس مرة ثالثة فأخرج فأظن أن شيئًا من رأسي لم يصبه الماء فماذا أفعل في الصلاة فقد اشتد الأمر ؟ قال: لا صلاة عليك فإنك مجنون، وأبو الوفا بن عقيل كان من كبار الحنابلة.
واستطرد: إذًا الإنسان لو سلَّم نفسه للوسواس يفعل أفعال المجانين يغطس تلات أربع مرات في الماء ثم بعد ذلك يظن أنه ما زال لم يصل الماء إلى جسمه، ولذلك فإن من رحمة الله بالمؤمن أن يقيه الوسواس، والوسواس يجب علينا أن نقطعه بالعزم والقوة.
ونبه إلى أنه فى بعض حالات الوسواس القهرى يكون هناك خلل في الكيمياء في المخ فتذهب للطبيب ويعطيك علاج فيذهب الوسواس، ولكن العلاج الأقوى هى همة نفسك، فالمؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف.