الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إماطة الأذى عن المشاعر


فى الأساطير اليونانية نهر عبر ومنبع حكايات وأقاويل وعظات ومنح ودروس مجانية ؛ ففيها من الحكم ما يجعلك تتعرف على طبيعة المراحل التى تمر بها منطقتنا المأسوف على بعض أحداثها واأضا فيها ما يجعلك تفخر بكونك من أبناء منطقة الشرق الأوسط الخالدة.

ففى إحدى الأساطير يقولون إن المشاعر خلقت قبل خلق الدنيا بساعات قليلة وعندما نزل الناس إلى الأرض ليعمروها نزلوا إليها بلا انفعالات ولا نبضات شعورية فأصبحوا جامدين فى مكانهم لا يتحركون لأن أهداف التحرك غير موجودة . 

وفور سقوط المشاعر ظنوا أنها مطر أو فيض من خير لا يعلمون كنيته فجروا عليها وأخذ منهم منها من أخذ وحرم منها من حرم وتحكم فيها من استطاع، ومنذ هذه اللحظة وأصبحت المشاعر متفاوتة من فرد إلى آخر بحسب ما أخذ السابقين وتوارثوها من جيل إلى جيل وبحسب ما وهبوا؛ فالبعض أصبح مرهف الشعور وآخرين جامدين وأخريات قويات المشاعر وبعضهن ضعيفات دموعهن أقرب ما يكون إلى الأجفان. 

مضت منظومة الشعور لتتضاءل مع مرور الزمن ويتبقى منها الجاحدين ويصبح السائد هم أصحاب القلوب القاسية ويصبح زمام الأمور فى أيديهم ويتحكمون فى خلق الله وفقا لنظرتهم لمشاعر الآخرين وتقييمهم لها ولهم.

ووسط هذه المنظومة المعوجة تبرع رجل ونادى فى القوم بأنه من الآن وصاعدا سيقوم بعمل جديد مجمله انه سيقوم بإماطة الأذى عن المشاعر حتى يحظى بالصدقات وبرضى الرحمن عليه. وتعجب القوم كيف سيفعل ذلك وبمن سيبدأ وهل سينجح ؟! لم تكن لدى الرجل خطة ولكنه فقط أعياه ما يعايشه من مشاعر غير إنسانية ؛ وبالفعل خرج إلى أهل مدينته وبيده مكنسة وعلى رأسه عمامة كبيرة وظل الناس ينظرون إليه باستغراب وترقب عما سيصنع ؛ وعلى الفور أخذ الرجل مكنسته وظل يكنس بها الشوارع ويضع ما يصفه بأنه القلوب التى يجدها فى طريقه فى عمامته الكبيرة التى تنتفخ على رأسه من كثرة ما وضعه فيها والناس ينظرون إليه ويضحكون ويتهامسون عليه بأنه قد جن ؛ مضى يوم والرجل يواصل عمله وفى آخر النهار ينزل عمامته من على رأسه ويشعل النيران فيها ويردد : حرقنا القلوب الجامدة ؛ اللهم امنحنا القوة لنسعد القلوب الساكنة؛ وتزداد تساؤلات الناس يوما بعد يوم والرجل مواظب على فعله وفعلته بلا كلل ولا ملل ومع استمرار عمله زهد الناس فى متابعته وكفوا عن ملاحقته وتوقفوا عن السخرية منه وعليه ؛ إلا أصحاب القلوب القاسية فهم فقط الذين تحركوا ونفوا من أراد أن يميط الأذى عن المشاعر ولو بطريقة وهمية فقد خافوا على سلطانهم وهلعوا من زوال صولجانهم واتحدوا من أجل الابقاء على دولة اللامشاعر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط