الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التعديلات الدستورية (٢): مُواطِن على ما تفرج


استكمالًا لما بدأناه في المقال السابق حول التعديلات الدستورية، واستعراضًا لبعض "اللغط "حول البنود المحورية التي تشملها التعديلات والفهم "الغلط " لفحوى التعديل ، فما نؤكد عليه سواء كنت مؤيدًا أم معارضًا لا تكن مواطنًا متكاسلًا عن أداء واجباته وإلا كن متراجعًا عن طلب حقوقك! وتذكر .. عيش حياتك بإيجابية وشارك في التعديلات الدستورية، مشاركتك أمانة و تلك ليست بكلمات رنانة، فالوطن يُشكل وجوده بدءًا من حمايةِ حدودِه وحتي الحِفاظ علي عهودِه.

وربما أخيرًا وليس آخرًا المادة الخاصة بتعديل فترة حكم الرئيس من ٤ سنوات وحتي ٦ سنوات وإعطاءِ فترةٍ إستثنائية خاصة بالرئيس السيسي وحده بأن يترشح لفترة ثالثة ، تلك المادة من أكثر المواد التي أثارت جدلًا واسعًا ! 

فما بين مؤيدٍ "بشدة " لأقتناعه بأن الرئيس لديه خطة ستستغرقُ وقتًا أطول كثيرًا من السنوات الثلاثة المتبقية في فترةِ حكمه لذا عليه أن يستكمل ما بدأ.
والبعض الآخر يؤيد "بحدة" حبًا في شخص الرئيس وإيمانًا بدوره ولكنها تصل إلي تخوين كل من يعارض مد الفترة أو إطالتها وهذا ما يرفضه الرئيس بشخصه ، والعاقلون بدورهم ، فمهما إختلفت الأراء طالما الدافع لها حب الوطن فالتخوين ممنوع و ظبط النفس مطلوب، أما من تبقي من البعضين هو البعض المعارض "خشية" المساس بشكل مصر الديمقراطي في المحافل الدولية، وهنا لا يسعني إلا أن أقول أن للديمقراطية أصول إذا لم يحسّن أستخدامها كشفت عن مخالب وحوافر تعبث بالعقول ، فما نصطلح عليه كشعب هو إرادتنا التي يجب أن تحترم ومصالح الوطن تعلو فوق كل شيء، ولسنا أول من قام بتعديل الدستور ولا آخر من سيقوم بذلك ، ففي الإنتخابات الروسية التي جرت وقائعها في عام٢٠١٢ تم تمديد فترة ولاية الرئيس الي ٦ سنوات بدلًا من ٤ سنوات كعلاج لتشخيص الفراغ السياسي الذي تسبب فيه قرونا عاشتها روسيا من الحكم القيصري وعقودا من سيطرة حزب واحد على المنظومة السياسية .

لذا فالواقع الذي نعيشه أن مِصْر عانت علي مدي عقود طويلة من إنهيار حاد لكل مناحي الحياة سواء في البنية التحتية التي أهتم بها الرئيس في فترة ولايته الأولي، والبنية الإنسانية التي يعمل عليها في فترة ولايته الثانية ،وكلاهما بحاجة للكثيرِ من الجهدِ والعمل والفهم الكامل لأوراق الصعابِ الداخلية والتحدياتِ الخارجية، والرئيس إلي الآن أبلي بلاءً حسنًا بلا شك فالمشروعات القومية والعلاقات الخارجية وحماية الحدود،وأستعادة مكانتنا الدولية، و محاربة الفساد بيدٍ قوية والإصلاحات الحكومية والمؤسسية، والرعاية الصحية وخطط القضاء علي العشوائيات المتفشية وإعادة الأمان للمرأة المصرية ، كلها تشهد علي عزمِ الرئيس وصدقُه، ولكن الرئيس لديه كل الآليات والأدوات لأقتحام كل الملفات التي تمس حياتا وقوت يومنا وشكل مستقبلنا ولكن لا يملك الوقت لذلك، ونحن من نملك الوقت لذا أليس العقل أن نمنحه الوقت اللازم حتي نستطيع مراجعته فيما قدم وأخر ؟

تسعي الدول إلي اللا مركزية ودائمًا ما نستدعي تجارب الدول الديمقراطية وعلي رأسها الأمريكية فأنها دولة مؤسسات بجدارة ، فالدولة علي الطريقِ المفروض سلفًا و علي من يتولي الرئاسة إستكمال المسيرة، وبالطبع تلك التجربة هي الأقرب لكمال الشكل الديمقراطي، ولكن عذرًا يا سادة أي مؤسسات مصرية وجهات حكومية نتحدث عنها لديها الخطة والرؤية والموضوعية لوضعها المؤسسي في المستقبل القريب، وأي طريق نتحدث عنه ، لقد أتت سنوات الإهمال وما أعقبها من أوضاع متوترة علي الأخضر واليابس لم تبقي ولا تَذَر ! 
لا زلنا نتلمس الخطي ولا زال الفساد الذي بلغ البر والبحر في جنبات الجهاز الإداري يطل برأسه القبيح يومًا بعد يوم ، بحاجة إلي المواطِن الواعي وإلي إنتفاضة الضمير فلا تصبح الرشوة شاي والتحايل علي القانون قهوة و التعدي علي الحقوق إكرامية!
ولنتذكر ما حدث في هيئة السكة الحديد كمثال حي علي الفساد والترهل في مؤسسات الدولة التي عانت لعقودٍ طويلة من الإهمال واللا مبالاة! 
نحن بحاجةٍ لنتعلم آليات تداول السلطة فلم تتشكل لدينا بعد تقاليد الإنتقال الآمن للسلطة ، لن نتحمّل "غلطة"، فالأعداء متربصون بِنَا علي حدود الوطن وفِي داخله! لذا فالسلطة أمانة في أعناقنا وعلينا أن نأخذ الحيطة والحذر حتي نتحاشي ويلات القَدَر، والمؤمن لا يلدغ من جحره مرتين! 
إنزل وشارك ، أسأل ضميرك ! 
فالصمت لن يصنع مستقبلك.
أسأل ضميرك ولا تدع مصيرك في يد غيرك، سأحترم رأيك ولكن لن يسعني تفهُّم صمتك، فما هو إلا عزوف وكسل وتراخي عن واجبات الوطن، وما دمت لا تؤدي واجباتك فلا تُطالب بحقوقك.
أسأل ضميرك بالمشاركة بتحفظ حقك وحق غيرك.
أسأل ضميرك هل السيسي رجل يناسب تلك المرحلة؟ أسأل ضميرك هل هناك من القوي السياسية من يستطيع أداء هذا الدور بنفس الكفاءة ؟
أسأل ضميرك هل للرئيس دور في هذا الفراغ السياسي الذي يعيشه الوطن؟
أسأل ضميرك هل السيسي مسؤول عن عزوف رجل الشارع عن الأحزاب السياسية ؟
أسأل ضميرك وماذا بعد السيسي؟ 
أسأل ضميرك هل الغلاء الذي لا ننكره والذي تأثرت به جميع الطبقات خطأ السيسي أم خطايا التركة المترهلة الذي استلمها بتكليف شعبي من أبناء الوطن؟

كم كنت أتمني أن تشمل التعديلات تصنيفًا عادلًا للمواطنين مواطن درجة أولي ومواطن( علي ما تُفرج ) !كما جاء في الأمثالِ الشعبية التي تصف المتقاعسين! والتصنيف لا يعتمد علي شكل أو لون أو منصب أو دين بل يعتمد علي مدي فهمك لقوة سلاحك وهو صوتك، فلا يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون، أعمل اللي عليك مستقبل مِصْر عزيزي المواطِن بيُشكل بينَ يديك.


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-