ليس كل فاقد الشيء لا يعطيه، بل حينما يمتلكه يُعطيه ببذخ لأنه أدرى الناس بمرارة فقده، فمن الطبقة الأرستقراطية نشأت إنجي حسن أفلاطون، ولدت وفي فمها معلقة من ذهب، إلا أن بالها ظل مشغولا بالفقراء، وتعلق قلبها بهم، فلم تملك سوى المناداة بحقوقهم بفرشاتها ولوحاتها، حتى استحقت اليوم احتفاء جوجل بها، لتتصدر مؤشرات البحث لليوم الثاني على التوالي.

استشف والدها حس الفن وروح الإبداع بها ومنذ طفولتها، فاتفق مع كامل التلمساني، أحد الفنانين الذين أثروا في الحركة الفنية، على تعليمها وتنمية موهبتها، ففتح لها آفاقا جديدة في عالم الفن، تعرفت أفلاطون على جماليات السريالية والتكعيبية، فآمنت بالمدرسة السريالية في الفن، وعبرت عن أفكارها في لوحاتها، فرسمت لوحاتها لتحظى بشعبية كبيرة داخل وخارج مصر.
انضمت إنجي حسن أفلاطون أيضًا إلى الحركة النسوية، وانضمت إلى إيسكرا - وهي حزب شباب شيوعي - في عام 1942، وأصبحت عضوًا مؤسسًا في عصبة الشابات من الجامعات والمعاهد في عام 1945 وتمثل الرابطة خلال نفس العام في المؤتمر الأول للاتحاد النسائي الديمقراطي الدولي في باريس.
التحقت بالقسم الحر بالفنون الجميلة، وتعرفت على الفنانين السرياليين فتأثرت بها فى حياتها، وظهر فى أول أعمالها الفنية "الفتاة والوحش" عام 1941، لوحاتها كانت مستوحاة من قِبل الطبقة العاملة المصرية، وقدمت معرضها الخاص الأول عام 1951 والذي غلب عليه الطابع الواقعي الاجتماعي سواء في اللوحات التي عبرت فيها عن هيمنة الرجل على مقدرات المرأة أو اللوحات التي صورت الكفاح المسلح ضد قوات الاحتلال البريطاني مثل "لن ننسى" التي عبرت عن شهداء الفدائيين في معارك قناة السويس.
كانت إنجي أفلاطون مناصرة نسوية رائدة، عملت على ضمان مراعاة حقوق المرأة، كما كتبت كتيبتين سياسيتين - "ثمانون مليون امرأة معنا" في عام 1948 و"نحن النساء المصريات" في عام 1949 - التي هاجمت بشدة القمع الطبقي والجنساني، وذلك أساسًا بسبب الحكم البريطاني.
تم اعتقالها وسجنها خلال تجمع للشيوعيين في منتصف الخمسينيات، وخلف القضبان، لم تستطع الابتعاد عن فنها، فلم تتمكن الجدران من إيقافها عن الرسم، وقام أصدقاؤها بتهريب الطباشير الملون والزيوت إليها في السجن، ورسمت لوحاتها هناك، وأبدعت لوحاتها الفنية خلال هذه الفترة منها "شجرة خلف الحائط" التي نادت بها وبأمنيتها فى الحياة خارج جدران السجن، وأيضا لوحة "ليلة خلف قضبان السجن"، ولوحة "الصور النسائية في السجن" الرائعة.
وبعد خروجها من السجن عام 1963، كرست معظم وقتها للرسم، وفي وقت لاحق ركزت على المناظر الطبيعية.
حصدت العديد من الجوائز، فنالت وسام فارس للفنون والآداب من وزارة الثقافة الفرنسية، ورحلت عن عالمنا في 17 أبريل 1989، بعد يوم واحد فقط من عيد ميلادها الـ 65، شعبية إنجي وإبداع رسوماتها، جعلت من أعمالها حاضرة المتاحف والمعارض في جميع أنحاء العالم.