- المفتي: مكانة خاصة للأيتام في الشريعة.. والاهتمام بهم يجب أن يكون طوال العام
- على جمعة: كفالة اليتيم من أعلى درجات الرحمة
- الأطرش: كفالة اليتيم من زكاة المال.. جائز شرعًا
ساعات وتحتفل مصر بيوم اليتيم، فقد حثنا الله تعالي على إكرامه وعدم إهانته، فيقول في محكم آياته "فأمّا اليتيم فلا تقهر"، وهذا يدل على وجوب احترام اليتيم وعدم قهره وإهانته لما فيه من إهانة للنفس البشريّة كما أوصانا الرسول الله (صلى الله عليه وسلـم) في أحد أحاديثه بقوله: "أنا وكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ كهاتَينِ"، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى، فضلًا عن أن العطف على اليتيم من أسباب دخول الجنة وشدد الإسلام على عقوبة آكل مال اليتيم وجعلها من الموبقات.
وأكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن "الشريعة الإسلامية تضع الأيتام في مكانة ومنزلة خاصة وتدعو دائمًا إلى رعايتهم والقيام على قضاء حوائجهم وتقديم جميع أشكال الرعاية لهم، للتخفيف عنهم وإشعارهم بالحب والحنان الذي يفتقدونه، وذلك باعتبارهم جزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع، ولذا ينبغي علينا أن نشعر اليتيم بوجودنا ليس في أبريل فقط بل في كل أيام العام".
وقال مفتي الجمهورية، بمناسبة الاحتفال بـ"يوم اليتيم" في مصر والعالم العربي، والذي يوافق الجمعة الأولى من شهر أبريل من كل عام، إن تخصيص يوم للاحتفال بالطفل اليتيم في مصر والعالم العربي رسالة لجميع الأيتام بأن المجتمع لا ينساهم، وأنهم جزء لا يتجزأ منه، كما أن الشريعة تجعل رعايتهم وتلبية مطالبهم من مقاصدها.
وأضاف أن الإسلام خص من يمسح على رأس يتيم بالثواب العظيم والأجر الكبير من الله عز وجل، فما بالنا بمن يقوم بزيارته باستمرار ولا ينقطع عنه ويرعى شئونه ويُدخل الفرحة والسرور على قلبه؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن جاءه يشكو قسوة قلبه: «امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين» رواه أحمد.
وأكد أن الأطفال الأيتام لهم حق أصيل على المجتمع بكل أفراده وطوائفه، فلا يقتصر على الجمعيات والمؤسسات الخيرية فقط، داعيًا الأسر المصرية إلى زيارة الأيتام طوال العام من أجل التخفيف عنهم وإدخال الفرحة والسرور على قلوبهم، خاصة أن دور رعاية الأيتام تفتح أبوابها طوال العام وليس يومًا واحدًا فقط.
وأشار إلى أن القرآن الكريم حفل بالعديد من الآيات التي تحض على رعاية شئون اليتيم والاهتمام به ورعاية مصالحه، ومن هذه الآيات قول المولى عز وجل: {وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا} [النساء : 127]، وقوله تعالى أيضًا: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَر} [الضحى: 9]، وقوله جل شأنه: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8] كما جعلت الشريعة الإسلامية التعدي على أموال الأيتام جريمةً تستوجب العقاب الشديد في الدنيا والآخرة، مصداقًا لقول المولى عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}.
ولفت إلى أن السنة النبوية المطهرة حفلت بالكثير والكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحض على الاهتمام باليتيم ورعايته وتقديم جميع أنواع العون له، ومنها قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا»، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من ضم يتيمًا بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة» رواه أبو يعلى والطبراني وأحمد، وقال صلى الله عليه وسلم: «خير بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيم يُحسَن إليه، وشر بيتٍ في المسلمين بيت فيه يتيم يُسَاء إليه» رواه ابن ماجه، وروى أبو أمامة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين» وفرق بين إصبعيه السبابة والوسطى. رواه أحمد.
من جانبه، قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن من العناصر العملية لسلوك الرحمة في حياتنا تأتي قيمة جعلها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد ما نبه إليها القرآن في أعلى قمة القيم، وأعلى ما يدل على الإنسانية، وعلى الرحمة، وهي قيمة كفالة اليتيم، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:220].
وأضاف جمعة، في بيان له عبر صفحته الرسمية: "أمرنا ربنا سبحانه وتعالى برعاية اليتيم، وجعل رعاية اليتيم مسألة مهمة، اليتيم يحتاج إلى الحنان، وإلى الأمان، يحتاج إلى الرعاية، وإلى العناية، واليتيم عند البشر هو الذي فقد أباه، واليتيم في الحيوان هو الذي فقد أمه، وفي بعض الأحيان يفقد الإنسان أباه وأمه فهو يتيم مركب، فعلينا أن نرعاه ويرعاه كل من حوله؛ ولذلك كان النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو يحفزنا إلى هذا الذي قد ينساه بعضنا يجعل وضعك يدك على رأس اليتيم لك بكل شعرة تحت يدك صدقة، وكان يقول (صلى الله عليه وسلم): «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، ويشير بإصبعه السبابة وبأصبعه الوسطى» يعني بجوار بعضنا البعض في الجنة، وتعرفون مقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الجنة؛ فتخيل تخيل أنك في جوار سيد الخلق (صلى الله عليه وسلم) في الجنة إذا أنت كفلت يتيمًا، إذن هذه أخلاق عالية لا تتأتى إلا بالرحمة".
واستشهد بحديث أبي أمامة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «من مسح رأس يتيمٍ لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرةٍ مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين».
وتابع: "إذن فرسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأمرنا بترجمة الرحمة إلى سلوك، وأعلى أنواع هذا السلوك هو رعاية اليتيم، كيف لا وفيها نوع من أنواع الكرم، والعطاء، والحب، والرعاية، والعناية، اللهم يا ربنا أقمنا فيما أرشدتنا إليه، وأرشدنا إليه رسولك (صلى الله عليه وسلم)، كفالة اليتيم من الرحمة".
فيما أوضح الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، أن اليتيم من الناحية اللغوية هو من فقد أباه أي فقد عائله، بينما اليتيم في عالم الحيوان يكون من فقد أمه، بينما في الشرع اليتيم هو من فقد أبويه. لافتا إلى أنه يجوز إعطاء اليتيم من مال الزكاة، إذا كان فقيرًا.
وقال الأطرش إن مال الزكاة هو حق للفقراء، وعليه تجوز كفالة اليتيم الفقير من مال الزكاة؛ لأن اليتيم هو مصرف من مصارف الزكاة.
وأضاف أن الفقهاء ذكروا أن للزكاة مصارف محددة، بينها الله تعالى في قوله: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ ۗ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» سورة التوبة الآية (60)، وتابع: "فإذا كان اليتيم واحدًا من هؤلاء، جاز دفع الزكاة إليه".