اتساقا مع رسالة الإسلام العالمية المتمثلة في رحمته وسلامه مع الجميع، وتماشيا مع ما يلاقونه مسلمو الخارج بالمجتمعات الغربية وغيرها من صور اضطهادية، ونشرا لداء الاسلاموفوبيا المنتشر بين كارهى وشانئى ديننا ، مازالت المؤتمرات الإسلامية العالمية المعرَّفة لمكنون وماهية اسلامنا تعقد وتنشر في العالم، كشفا لنقاب هذا الخطاب الكاره والطرح الارهابى المتطرف ضد ديننا من اليمين الارهابى هناك، وتوضيحا لحقيقة وماهية خاتم الرسالات الحقة، وآخرها مؤتمر "الإسلام رسالة الرحمة والسلام" الذي تنظمه الإدارة الدينية لمسلمي جمهورية الشيشان، بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي، وصندوق دعم الثقافة والعلوم والتربية الإسلامية التابع لمكتب رئيس روسيا، ويقام في العاصمة الروسية "موسكو"، والحق أقول أن مثل تلك المؤتمرات مهمة للغاية المثلى التي تنشدها، وان كان توضيح صورة الإسلام ، ومدى تفاعل المسلمين مع مجتمعاتهم التي يعيشون بها بتفان وإخلاص لكفى.
كما أن هناك جهودا حميدة مبذولة مقدرة ومثمنة من المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، وأمينه العام،العالم الجليل الدكتور محمد البشاري، عبر تلك المؤتمرات والملتقيات الدولية، وآخرها أطروحاته الثمينة الذى قدمها مؤتمر "الإسلام رسالة الرحمة والسلام"، مما يجعلنى أضم صوتى له في وجوب تفعيلها والأخذ بها فورا، دون إرجاء، أو تسويف، ومنها اقراره وتأكيده بأنه حين تنوعت أشكال ومنطلقات "الإسلاموفوبيا"، لزم تعدد السبل والاتجاهات الموضوعة لاجتثاث جذورها، وأن خطورة الظاهرة تستدعي توحد الحكومات والمؤسسات الإسلامية كافةً، مع الشرفاء والعقلاء من العوالم الأخرى، والتحام المرجعيات الدينية وثباتهم على مبادئهم السليمة، لردع الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإسلام بشكل متزايد في الألفية الثالثة، بتعاضد وتكامل الشق القانوني والسياسي والإعلامي والثقافي وأولًا الإنساني المرتكز على الفرد بحد ذاته.
كما اقترح الدكتور محمد البشاري خارطة طريق لمعالجة ظاهرة الكراهية والعداء للأديان في مطالبته الأمم المتحدة وكل المنظمات الإقليمية والدولية العمل على تعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب نتيجة ارتكاب الإساءة إلى الأديان، ودعوة مجلس حقوق الإنسان القيام بشجب ومنع حالات التعصب والتمييز والتحريض على كراهية معتنقي أي دين، ودعوة الحكومات في الدول الأوروبية إلى مواصلة إصدار قوانين تقيد الخطابات المحرضة للأديان ولأتباعها، وتحرم الدعوة إلى العنصرية والكراهية الدينية انسجاما مع ما التزمت به من قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، جنبا الى التأكيد على أن الدعوة إلى وضع قانون لحماية الأديان، ليس القصد منه الحد من حرية التعبير، وإنما الغاية منه محاربة التحريض على الكراهية وتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات لتحسين التفاهم وتقدير أوجه الشبه والاختلال ، وتعزيز الاحترام والتسامح تجاه آراء معتقدات الآخر مع المحافظة على تعزيز واحترام التنوع الثقافي والديني التي تتفق مع قواعد ومعايير حقوق الإنسان.
من أطروحاته الثمينة أيضا، وخارطته، أنه لا يجوز استغلال حرية التعبير كحق من حقوق الإنسان، للإساءة أو الازدراء أو الفتنة أو الافتراء من قِبلِ بعض أهل الأديان على بعض، أو من اللادينيين والعلمانيين على أهل الأديان، وتأكيده على ضرورة قيام الأمم المتحدة بوضع قانون دولي ملزم، يتم بموجبه احترام الأديان ومنع "التجديف" والتمييز بين حرية الرأي والتعبير من جهة، والإساءة إلى الأديان واعتبارها بمثابة مساس بحقوق الإنسان من، جهة ثانية، ودعوته الحثيثة إلى ربط حرية التعبير بالمسئولية، وإلزام مؤسسات الإنتاج الاعلامي بأخلاقيات العمل التي تساعد على ترويج رسائل إعلامية تراعى ثراء التراث الثقافي الإنساني، وتراعي واجب احترام الأديان، في إطار التسامح، مع الالتزام بالمبادئ الأساسية لأخلاقيات مهنة الصحافة، بما في ذلك التحلي بالمسئولية، والإنصاف والدقة الموضوعية والترفع عن كل أشكال العنصرية والتحريض على العنف وعدم التسامح، والكره العنصري والديني، وحث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على تفعيل القرارات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان، وعن المندوبية السامية للأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان، وعن الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخاصة بمنع الإساءة إلى الأديان، وبالخصوص قرار الجمعية العامة لسنة 2011.
من عظيم أطروحات أيضا التي أنادى -مع فضيلته- بضرورة تفعيلها وحتمية وجوبها سريعا، توصيته المواطنين المسلمين في الدول الغربية، التي تسيء وسائل إعلامها إلى الإسلام والمسلمين، باللجوء إلى القضاء الوطني من أجل مقاضاة هذه المنابر الإعلامية، تحت مبرر الدعوة إلى الكراهية الدينية، اعتمادا على القوانين الوطنية لتلك الدول، وعلى قواعد القانون الدولي التي تحرم ذلك، وعلى التصدي لهذه هجمات من خلال العمل مع المنظمات المحلية والعالمية لتشكيل قوة للضغط على وسائل الاعلام التي تقوم بهذه الهجمات، والأدانة بشدة للعمليات الإرهابية التي تنشر الرعب والدمار وتقتل الأرواح البريئة باسم الدين، وتأكيده أن الإرهاب ليس له دين، ولا لغة، ولا قومية، وتشديدهعلى أنه فعل إجرامي يستهدف سلامة الإنسان وأمنه، ويهدد حياته وحياة المجتمعات الإنسانية، ودعوته المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود من أجل استئصاله والقضاء عليه من خلال اعتماد مقاربة مندمجة ومتكاملة تشمل المجالات التربوية والثقافية والإعلامية والاقتصادية والأمنية والتعاون الإقليمي والدولي.
كما كانت من أطروحات العالم الجليل الدكتور محمد البشاري أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة المهمة،طرق أبواب مواقع التواصل الاجتماعي، بالتركز على معالجة التأثير البالغ الأثر المفروض قسرا على أجيالنا من خلال الأجهزة ووسائل وتطبيقات الاتصال الحديثة، وإيلاء مواقع التواصل الاجتماعي الضرورة القصوى سعيا لتوظيف غرف عمليات لإدارتها، واتجاه سير بوصلة النقاشات المطروحة، والملتهبة ونوعية المعلومات المتدفقة، إضافة لحتمية ووجوب صناعة محتوى دقيق موضوعي ينهض برأي عام حول"الإسلاموفوبيا"، يراعي التنوع من حيث المضمون، وبخاصة المرئية منها، إذ وجد أن أكثر من 700 مليار مشاهدة لمقاطع الفيديو في عام واحد، بمقدار 100 مليون مشاهدة عن طريق الهواتف يوميا.
هكذا أقف مصفقا تحية اجلال وعرفان لهذا العالم الفاضل الدكتور محمد البشارىأمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، على أهمية اطروحاته، مناديا معه بضرورة تفعيلها وتنفيذها من كل المؤسسات والجهات المعنية، كل في مجاله، وموقعه، ودولته، حتى يعلم العالم علم اليقين أن الإرهاب صناعة عالمية، ليس للإسلام دخل بها، من قريب أو بعيد، رسالة الرحمة والسلام، وإنما هي افتراءات أعدائه وشانئيه، وحاقديه، وكارهيه، هداهم الله تعالى جميعا إليه.