قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

كُنتُ سفيرًا لدى السُلطان

×

الأحد 17 مارس، كنت ضيفًا على حفل توقيع كتاب "كُنت سفيرًا لدى السلطان" للسفير عبدالرحمن صلاح، الصادر مؤخرًا عن نهضة مصر، حيثُ تحول "حفل التوقيع" إلى "حلقة نقاش" شديدةُ الأهمية، شهدت طرح رؤى مؤثرة، حول أحد أبرز القضايا بالدائرة الإقليمية لمصر، وهي العلاقة مع تركيا، فالمنصةُ التي كانت تتصدر القاعة الأنيقة، استضافت ثلاثُ قامات دبلوماسية رفيعة، هُم السفير عبد الرؤوف الريدي، الرئيس الشرفي للمجلس المصري للشئون الخارجية، رئيس مجلس إدارة مكتبة مصر العامة، وأحمد أبو الغيط، الأمين العام الحالي للجامعة العربية، وعمرو موسى، رئيس لجنة إعداد دستور 2014، أمين عام الجامعة السابق، وزير خارجية مصر الأسبق.

ذهبت إلى الحفل بعد أن قطعت شوطأً جيدًا في قراءة الكتاب ـ حيثٌ اقتنيته من معرض الكتاب الأخير ـ وساعدني ذلك على استيعاب الكثير مما قيل خلال الندوة، وقد حرص السفير عبد الرحمن صلاح على مدار صفحات كتابه، على الالتزام بسرد الوقائع التي شهدها هو بشخصه، ليستشف منها القارئ كيف كانت السياسة الخارجية تُدار في حقبة حكم جماعة الإخوان المسلمين، وكيف كانت تعامل الإدارة التركية مع مصر وماهو نمط العلاقة الثانية التي كانت تحاول صياغته.. إلا أنه لم يستطع أن يخفي رؤيته الخاصة، في أهمية إبقاء الباب مواربًا مع تركيا متى عادت إلى رشدها في يومٍ ما، وهو السيناريو الذي قد يراه البعض "أمنية"، طالما ظل رجال حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان على رأس الحكم في أنقرة، ولكن تظلُ رؤية "صلاح" تستحق النظر إليها بجدية، باعتبارها نابعة عن سفير بلادنا في لدى "السلطان" لنحو 4 أعوام.

رؤية السفير عبد الرحمن صلاح لما يجب أن يكون عليه مستقبل العلاقات المصرية التركية، كان مقاربًا إلى نحو كبير لما تم التعبير عنه خلال النقاش حول الكتاب، سواء من خبرة عمرو موسى، أو مسئولية المنصب العربي لأحمدأبو الغيط، حيث اتفق الإثنان على أهمية سياسة الباب المفتوح مع جانب مصر مع كافة الأطراف الدولية الفاعلة، ومنها تركيا، والتي ورغم أنها تتعمد "التغوُل" في ممارسة دورها الإقليمي بصورة فجة غير منضبطة، فإنه يهمها بقاء مصر كأحد القوى الإقليمية الفاعلة في دعم المحور السني في مواجهة الهلال الشيعي، وكذا ممارسة دورها في تسوية الصراعات التي تتشب في المنطقة وفي مقدمتها المسألتين السورية والليبية، ناهيك عن أزمة القضية الفلسطينية.

كان السفير عبد الرحمن صلاح شُجاعًا في تضمين رؤيته لمستقبل العلاقة مع تركيا، في لحظة تُُناصب فيها تركيا العداء لمصر عن طريق ايواء عناصر ارهابية ودعمهم على نحو مباشر، بل سعى أيضًا بشجاعة يُحسد عليها، إلى الدعوة بوضوح إلى الاحتذاء بالنموذج التركي في بعض برامج وخطط التنمية وعلى رأسها " تطوير العشوائيات" لافتًا إلى الأسلوب المختلف الذي اتبعته تركيا في هذا الإطار، وساهم في تحسين جودة الحياة لقاطني المناطق العشوائية، بل وتحويل العديد منها إلى متنزهات يمتزج فيها اللون الأخضر مع زرقة البسفور، في مشهدٍ بديع، ملهم للخيال، وجاذب للمواطنين، ولعل طرح هذا الملف جاء في وقته، حيثُ تبذل الدولة المصرية جهدًا كبيرًا لنقل قاطني المناطق العشوائية إلى أماكن لائقة، وتوفير كافة الخدمات لهم، وهو الاهتمام الذي لم يتوقف رغم الفترة الوجيزة لعمر "وزارة التطوير الحضري والعشوائيات" التي بلغت عامًا وثلاثة أشهر، حيثُ ظهرت الوزارة ضمن تشكيل الحكومة الثانية برئاسة المهندس إبراهيم محلب في يونيو 2014، وتولت حقيبتها الدكتورة ليلى اسكندر، ولم يكن لها وجود لدى تكليف المهندس شريف اسماعيل بتشكيل حكومته في سبتمبر 2015.

وأخيرًا.. أضمُ صوتي إلى صوت القامات الدبلوماسية الثلاث، التي اعتلت منصة حفل التوقيع، والتي طالبت جموع السفراء بكتابة مذكراتهم حول البلدان التي يخدمون بها، حيثُ أرى أن هذه الكتب سيكون لها أثرٌ هام في التأريخ لمسار الدبلوماسية المصرية، والتعريف بنمط العلاقات بين مصر ومختلف بلدان العالم، وتقديم هذه الخبرات وجبة دسمة لشباب الدبلوماسيين، بل وأكاد أجزم أن السفراء هم الأقدر على نقل التجارب الناجحة من عواصم الدول التي يمثلون بلادهم لديها، لتكون روشتات نجاح في العديد من القطاعات، يمكن الاعتماد على بعضها بما يتناسب مع خصوصة التجربة المصرية والمجتمع، لاسيما في هذه المرحلة الهامة من تاريخ الوطن، التي تستمرُ فيها جهود البناء والتنمية، لتعويض ما فات، والمضي بخطى ثابتة نحو المُستقبل.