وسط مئات القطع الأثرية التي يحتويها متحف الوادي الجديد سواء في العرض أو المخزن،هناك مجموعة رائعة من التوابيت التي تزينها نقوش ورسومات تروي قصصا مختلفة من التاريخ.
وخلال جولة كاميرا موقع صدي البلد في المتحف،رصدنا تابوتا خشبيا أخبرنا طارق محمود محمود مدير عام المتحف بقصته،وهو من خشب الجميز فى العصر المتأخر"525 – 333 ق.م"،وهو تابوت على هيئة أدمية، وبداخله مومياء في حالة سيئة من الحفظ لـ بادي باستت وعليه رسوم ومناظر تمثل محكمة أوزوريس وبعض أفراد عائلة المتوفي في رحاب الألهة.
وتاريخيا يعتبر "بادي باستت" وزير مصر العليا خلال عصر الأسرة الـ 26 وكبير مشرفي الزوجة الإلهية،اما أوزيريس فهو إله البعث والحساب وهو رئيس محكمة الموتى عند قدماء المصريين،وحسب الأسطورة المصرية، قتله أخوه الشرير ست، رمز الشر وقام بعمل احتفالية عرض فيها تابوت رائع، قام الحاضرون بالنوم فيه لكنه لم يكن مناسبا إلا لأوزيريس.
وألقى ست التابوت في نهر النيل وقطع أوصاله ورمى بها إلى أنحاء متفرقة من وادي النيل،وبكت أيزيس وأختها عليه كثيرا وبدأت رحلتها بحثا عن أشلاء زوجها،وفي كل مكان وجدت فيه جزءا من جسده بنى المصريون المعابد، مثل معبد أبيدوس الذي يؤرخ لهذه الحادثة وموقع المعبد أقيم في العاصمة الأولى لمصر القديمة (أبيدوس).
ووجدت رأس أوزيريس وفي رسومات المعبد الذي أقامه الملك سيتي الأول أبو رمسيس الثاني الشهير تشرح التصويرات الجدارية ما قامت به إيزيس من تجميع لجسد أوزيريس ومن ثم عملية المجامعة بينهما لتحمل ابنهما الإله حورس الذي يتصدى لأخذ ثأر أبيه من عمه وبسبب انتصاره على الموت وهب أوزيريس الحياة الأبدية والألوهية على العالم الثاني.
وتوجد في كتاب الموتى عادة صورة لأوزوريس جالسا على عرش في الآخرة وإلى خلفه تستند إليه أختاه إيزيس ونيفتيس، وأمامه أبناء ابنه حورس الأربعة الصغار يساعدوه في حساب الميت،وكان تصور المصري القديم أن حورس سوف يأتي بالميت بعد نجاحه في اختبار الميزان ويقدمه إلى أوزوريس، ويُعطى ملبسا جميلا ويدخل الحديقة " الجنة".
وقبل كل هذا لا بد من أن تتم عملية وزن أعمال الميت في الدنيا عن طريق وضع قلبه في إحدى كفتي الميزان وتوضع في كفة الميزان الأخرى ريشة معات، رمز "العدالة واللأخلاق السوية "،فإذا كانت الريشة أثقل من قلب الميت، ومعنى ذلك أن الميت كان طيبا في حياته وعلى خلق كريم فيأخذ ملبسا جميلا ويدخل حديقة "الجنة" ليعيش فيها راضيا سعيدا.
و إذا ثقل قلب الميت عن وزن الريشة فمعناه أنه كان في حياته جبارا عصيا،عندئذ يُلقى بالقلب وبالميت إلى حيوان خرافي يكون واقفا بجوار الميزان - اسمه عمعموت : رأسه رأس أسد وجسمه جسم فرس النهر وذيله ذيل تمساح - فيلتهمه هذا الحيوان على التو وتكون تلك هي نهايته الأبدية.