رحلة مع الإنسانية أرادها رغم تقدمه فى العمر، وبدأ زحف ملامح العجز على وجه، الدكتور محمد مشالي الذي يبلغ من العمر 76 عاما، والملقب بـ"طبيب الغلابة والفقراء"، الذى أراد أن يمارس مهنة ورسالة الطب وعلاج المرضى بأقل التكاليف رغم صعوبات الحياة وظروف المعيشة الصعبة التي يعيشها مرضاه الذين يترددون على عيادته بمحيط ساحة مسجد السيد البدوي بطنطا، رغبة فى إجراء الكشف الطبي على أنفسهم لديه والاطمئنان على صحتهم بشكل دوري.
خطوات الخير التي ينتجها طبيب الغلابة دفعت المئات من الأسر والعائلات بطنطا إلى إطلاق مبادرة شعبية تناشد اللواء هشام السعيد محافظ الغربية بضرورة إطلاق اسمه على شارع أو ميدان عام تخليدا لدوره الإنساني فى علاج المرضى الغلابة من أبناء المحافظة.
"صدى البلد " التقى طبيب الغلابة، الذي يمارس مهنة الطب منذ أكثر من 50 عاما، بلا كلل أو ملل، ولا يتقاعس عن خدمة المرضى ورعايتهم صحيا من خلال ذهابه يوميا من أبواب منزله، مشيا على الأقدام لمسافة تزيد عن 5 كيلومترات حتى عيادته التى تقع فى أحد جوانب الدرب الأثر المحيطة بساحة المسجد الأحمدي، حيث يتواجد العشرات من المرضى والأسر التيتوافدت للجلوس داخل عيادته الصغيرة لأكثر من 6 ساعات متواصلة رغبة فى الكشف على يديه".
ورصد "صدى البلد " طقوس وعادات الطبيب الإنسان الذي يحمل كافة متعلقاته الشخصية وإفطاره يوميا داخل أحد الأكياس البلاستيكية عقب شرائها من منطقة سوق الجبان وشارع الحكمة مرورا إلى عيادته المكونة من غرفتين في أحد المنازل العتيقة إيمانا منه بأن المشي رياضة ويفيد الصحة.
" الحمد لله ربنا دايما بيقويني وبيديني صحة عشان أعالج الناس الغلابة، ومارست مهنة الطب لأكثر من 50 سنة، حيث بدأت رسالتي فى مهنة الطب منذ أن أصبحت طبيبا فى الامتياز والتكليف معا من خلال الخدمة وفتح عيادتين صغيرتين بقريتي محلة روح وشبشير الحصة بنطاق مركز طنطا قبل افتتاحي الرسمي لعيادتي الصغيرة بمحيط ميدان السيد البدوي".. بتلك الكلمات بدأ الطبيب الإنسان "محمد مشالي " حديثه معنا، وتابع " أنا بحب الناس وهم يحبوني وأنا اخترت العمل والفوز بالآخرة وليس السعي وراء مفاتن الدنيا الفانية، ورسالتي أن أكون طبيبا حاسس بآلام وأوجاع الناس".
وأوضح "مشالي " أنه تخرج فى كلية طب القصر العيني عام 1967 م فى تخصص أمراض الباطنة العامة والسمنة، مستشهدا بقوله "أنا من ايام الكشف اللي كان بـ 10 قروش، ولفيت معظم الوحدات الصحية والمؤتمرات العلمية واستفدنا، وعلينا ان نفيد المرضي بعلمنا دايما".
وأضاف: "أنا مش بحب أبالغ فى أسعار الكشف وربنا دايما بيبارك فى القليل والناس محتاجة اللى يساعدها، وأنا عمري ما أقدر أغلي على الناس ثمن الكشف وأرفعه إلى 100 أو 200 جنيه وغيره أبدا".
وتابع الطبيب :" منذ مراحل حياتي وعملي فى مجال مهنة الطب الباطنة والأنف والأذن وأنا أواصل العمل ليلا ونهارا من خلال الاستيقاظ مبكرا، والتحرك 8 صباحا حتى 1 ظهرا للذهاب لعيادتي بقرية محلة روح وقضاء 4 ساعات أخرى بعيادتي بقرية شبشير الحصة مصنع عسل النحل، والذهاب فى كل مساء إلى عيادتي الأخرى بوسط ميدان السيد البدوي، وفرحتي بسعادة المرضى بتواجدهم معي وإجراء الكشف الطبي عليهم".
وأشار "مشالي " إلى أن عيادته تجاوز عمرها الزمني أكثر من 35 سنة، ولا يجد مجال أو مساحة لضيق الوقت لإجراء أعمال التطوير أو الترميم لها"، لافتا بقوله "أوفرلي دايما أساعد المرضى غير القادرين على شراء الدواء بشرائي لهم أو اختيار أدوية أسعارها فى متناول يدهم والشفاء من عند الله وربنا يجعلنا سبب فى رعاية وعلاج مرضاه دايما الحمد لله".
وفي مشهد آخر على بعد خطوات تنتشر مقاعد خشبية وبعض الملابس شبه المهلهلة بمحيط غرفة كشف طبيب الغلابة فرد قائلا على تلك اللقطة " مساعدة الفقراء قبل الكشف عليهم طبيا رسالتي وبعض الغلابة بيحتاجوا تلك الملابس وانا بسعى وزملائي من أهالي الخير بيساعدوا معايا ولهم كل الفضل والشكر عند الله".
وكشف طبيب الغلابة، أن ربنا أكرمه بزوجة صالحة ساعدته على تحمل أعباء وضغوطات الحياة، لافتا بقوله " ربنا كرمني بتربيتي ولادي وجعلهم جميعا مهندسين قد الدنيا كلها، ولي الفخر والعزة برسالتي مع الناس، وطول ما في العمر بقيه أنا عايش وسط الناس عشان أساعدهم الحمد لله".
وعلى بعد خطوات من أبواب غرف الكشف جلست سيدة تدعى الحاجة نبيلة حسن ربة منزل وبصحبتها نجلها "محمد " الذي حرص على التقاط صورة سيلفي مع "مشالي"، وقالت " إحنا بنيجي دايما نكشف عند الدكتور محمد من قرية الدلجمون كفر الزيات عشان هو دكتور شاطر وكشفه 10 جنيه وروشته علاجه لا تتجاوز 70 جنيه، والحمد لله يشخص الحالة كويس وولادنا ربنا بيشفيهم على إيديه وربنا يكتر من أمثاله دايما".
وتابعت أن نجلها كان يشكو من آلام فى البطن وارتفاع ضغط الدم بسبب السمنة الزائدة، مشيرة بقولها" الدكتور مشالي كشف على حالته عدة مرات طوال 3 أشهر الماضية، وفعلا حالته اتحسنت وبقت أفضل، ويكفينا مساعدته للناس الغلابه بجد".