كتاب جديد يكشف تأثير الثورة الصناعية الرابعة على الأمن القومي
قال مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة " بأبوظبي إنه فى غضون سنوات قليلة ستتغير الحياة بشكل غير مسبوق،لافتا الى أن العالم على أعتاب ثورة جديدة تعيد تشكيل الحياة البشرية لتقودها التقنيات فائقة التقدم، تكون على مختلف المستويات، الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، حيث تتزايد التطبيقات الذكية بصورة يصعب حصرها.
واوضح المركز فى الكتاب الذى أصدره مؤخرا بعنوان "مجتمع ما بعد المعلومات: تأثير الثورة الصناعية الرابعة على الأمن القومي" للباحث إيهاب خليفة ان التطور غير المسبوق المتوقع قد يعيد صياغة العديد من الثوابت والبديهيات، فعلى سبيل المثال فإن بعض البشر حول العالم سوف يكتفون بالروبوت رفيقًا وزوجًا بدلًا من جنسهم، يشبعون حاجاتهم النفسية والجسدية مع الآلة التي قد يرون فيها مؤنسًا وصديقًا جديرًا بالرفقة والضحية في تخلي صريح عن الحياة الإنسانية، وقد يبدأ حينها الحديث عن منظومة قيمية حقوقية للروبوت مثل الحق في الجنسية والمواطنة والتقاضي والزواج والتعلم، إلى الحديث عن الحقوق السياسية كالانتخاب أو التمثيل السياسي، ومع تغلغل الروبوت في كافة أشكال الحياة اليومية ستكون كثير من المفاهيم الراسخة مثل العدالة والمساواة والخصوصية والحرية في حاجة إلى إعادة النظر.
وأشار الكتاب إلى أنه مع توجُّه الدول لتبنِّي نماذج ذَّكيَّة تعتمد بصورة رئيسية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لإدارة جميع متطلبات الحياة اليومية فيها، واعتماد النظم المالية والمصرفية والإدارية على الانترنت، وانتشار أجهزة انترنت الأشياء والذَّكاء الاصطناعي في كل مكان، تُصبح الدول والأفراد أكثر عُرضة للاختراق، وجميع الخدمات الحكومية أكثر عُرضة للتوقف المفاجئ من خلال هجمات القراصنة، وقواعد البيانات والخطط والاستراتيجيات والوثائق والمعلومات السرية عُرضة للتلاعب بها وتسريبها،كما تصبح الأسلحة والأدوات العسكرية قليلة التكلفة وسهلة التصنيع وشديدة التدمير هى فيروسات كمبيوتر.
ويتناول الكتاب - الذى يتكون من أربعة فصول رئيسية- القوى التكنولوجية المُحرِّكة للثورة الذَّكيَّة التي سوف تؤثر على حياة البشرية في المستقبل القريب، لتنقلها إلى مرحلة "مُجتمع ما بعد المعلومات"، أو "المُجتمع الخامس" والذي يأتي بعد أربعة مُجتمعات هي الصيد، والزراعة، والصناعة، والمعلومات، لينهي بذلك مرحلة من الحياة الإنسانية، ويعلن تدشين مرحلة جديدة، قد تهيمن فيها العقول الصِّناعيَّة على العقول البشرية.
واشار الباحث إلى أن هذا التطور الهائل سوف يؤثر بصورة كبيرة على إعادة صياغة كثير من المفاهيم الأمنية التقليدية، مثل القوة، والحرب، والصراع، والدفاع، والردع؛ حيث تتغيَّر مصادر تهديد الأمن القومي للدُّول، لتُصبح الهجمات (السيبرانية) أحد أخطر مصادر التهديد، وتحل الأسلحة (السيبراني) أو الالكترونية محل كثير من الأسلحة التقليدية، وتتجه الدول نحو إنشاء قوات عسكرية وأحلاف عسكرية سيبرانية مهمتها الدفاع عن مصالح الدولة عبر الفضاء الالكترونى، مما قد يدفع المُجتمع الدولي قريبًا لتبنِّي مُعاهدة دولية تحافظ على الطبيعة السلمية والمدنية للإنترنت الذي يُمثِّل العمود الفقري لجميع التطورات التكنولوجية.
وتوقع مركز المستقبل بشكل اجمالى أن تتحول حياة الأفراد إلى ما يشبه أفلام الخيال العلمي.. حيث تتحكم البرامج الالكترونية فى كل تفاصيل حياتهم وتُرتِّب لهم أولوياتهم، وأفكارهم، واحتياجاتهم، وتتَّخذ بدلًا منهم قراراتهم، وتُدير شؤون حياتهم اليومية،وتقوم الطابعات ثُلاثيَّة الأبعاد ايضا بطباعة أطعمتهم الغذائية، وأعضائهم البشرية.