توجد فجوة كبيرة بين فكر الرئيس السيسي وتوجيهاته وسرعة اتخاذه للقرار.. وبين الواقع العلمى فى الجهاز الإدارى للدولة..حقيقة يرصدها المتابعون للشأن العام في مصر.. كما أن خطر الإهمال لا يقل عن خطر الإرهاب.. وأن الفساد وانعدام الكفاءة والضمير لا يحصد الأرواح فقط بل يغتال الأمل في المستقبل الأفضل الذي تسابق الدولة الزمن من أجل تحقيقه لكل المصريين.
تضم مصر أعتى جهاز بيروقراطي يتحكم في إدارة أمور الدولة وتقديم الخدمات للمواطنين والمستثمرين ..هذا الجهاز يحتاج إلى هزات مدوية لتغييره للتخلص من الروتين والإهمال اللذين لايقلان عن الإرهاب كخطر وتحدى يدمر الوطن.. والتعامل السليم مع هذا الواقع السيئ يتحقق عبر الاعتماد على الكفاءات المحترفة صاحبة الرؤية والمطلعة على التطور الكبير في بلاد العالم المتقدمة.. وتطهير المصالح والهيئات والشركات الحكومية من هؤلاء الفشلة أعداء التطوير والإبداع والابتكار الذاتى.
كل مسئول يتولى مقاليد أحد المناصب العامة لديه قناعة أنه الأفضل ممن سبقوه أو من سيأتى بعده .. أغلب المسئولين ينتقى فريقًا يُشبهه فى الصفات والمهارات بحجة التجانس وهنا يغلب على مخرجات النظام الثبات وعدم الإبتكار بسبب تشابه الصفات والمهارات.. ولكن الإختلاف بين مهارات الفريق يعطى ثراء وتنوعا فى مخرجات النظام ويخلق جوا من الإبداع والإبتكار الذى يؤثر على جودة مخرجات النظام بالإيجاب.
ويتبنى هؤلاء المسئولون أسلوب معين فى الإدارة ويتجاهل من يخالفه ولا يتقبل النقد والآراء المختلفة حول كيفية أداء الأعمال ..و يتجاهل كل فكر أو إبداع يُخالف منهجه ويقلل منه بل قد يتربص به ويحاول جاهدًا إقصاءه عن أى موقع له تأثير فى اتخاذ القرار.. والنتيجة الحتمية لذلك هو الإحباط لكل إبتكار أو فكر جديد وتتحول الطاقة الإيجابية التى تهدف للبناء إلى طاقة سلبية وانتشار اللامبالاة بين الافراد وعدم التفكير للصالح العام.
والمصيبة الأكبر امتداد تأثير فكر تلك الفئة فى الجهة حتى بعد خروجها من المنصب لأنه غالبًا ما يكون صف ثانى يتبنى نفس المنهج.. ولذلك فى أغلب الجهات أنظر لفكر المسئول عن الجهة تتنبأ بكل سهولة بالترقيات والتى تأتى بأفراد يغلب عليها نفس المنهج .. ولو كان الفكر السائد يغلب عليه الروتين والجمود ..تدخل الجهات والمؤسسات الحكومية فى نفق مظلم بتولى قيادات ومسئولين ينتهجون نفس الأسلوب الذي يؤدي إلى نفس النتائج الفاشلة تراها حاليا في تدنى عوائد وتزايد خسائر الاستثمارات الحكومية فى الهيئات الاقتصادية..واهمال تحصيل مستحقات الدولة لدى أصحاب الأعمال والمواطنين..والعذاب والفساد في الحصول على التراخيص والأوراق الرسمية.
ويجب التصدى لكل مسئول يُحارب الإبداع والابتكار فالدولة تشجع الشباب وتتبنى أفكارهم ولكن هذه الفئة تدمر الطاقات الإبتكارية والإبداعية من أجل إرضاء غرورها.. كما يجب تجديد فكر القيادات بالدورات التأهلية المستمرة كل عام ..وتولى أصحاب الفكر الإدارى الإبداعى المناصب الحكومية.. وأن يكون هناك إلزام للقيادة بأن تستمع لمن حولها وتفهم مايدور فى عقول العاملين بكل جهة ، وهذا يؤدى إلى ثراء وتنوع فى الأفكار مما ينعكس بشكل إيجابى فى إتخاذ القرارات الصحيحة والتى تحقق الأهداف المرجوة وتنجز الأعمال بكل جهة بطريقة صحيحة ومبتكرة تضمن حق الدولة وتلبى احتياجات المواطنين.
ولكم أتمنى من كل عامل أو موظف أو محاسب أو مهندس أو فنى لديه أفكار وابتكارات تؤدى إلى حل مشاكل ومعوقات العمل أن يظل يُثابر ويجتهد من أجل عرض فكره ودراسة إمكانية التنفيذ ولتكن مقولة ستيفن جوبز صاحب شركة أبل امامه :” تصرف وكأنك من المُستحيل أن تفشل".
وتابعت تشجيع القيادة السياسية لمحور الابتكار الحكومى لتشجيع موظفى الدولة على التطوير والإبداع والابتكار الذاتى .. وتم عمل مبادرة إبداع الحكومية منذ عام 2015 .. وتم تخصيص جزء من فاعليات مؤتمر القاهرة تبتكر الذى يقام سنويا بصفة دورية للابتكار الحكومى.. وبالفعل ساندت الدولة كل فكر أو ابتكار يساهم فى تحسين مستوى الأداء الحكومى .
وحاليا لا يتعدى تشجيع الدولة عبر وزارة التخطيط والإصلاح الإدارى للأفكار والإبتكارات سوى تكريم أصحابها والتوصيات بدراسة التنفيذ غير الملزم للجهات الحكومية..
واقع الحال أنه يتم تجاهل أى فكر أو إبتكار لأى موظف فى ظل وجود قيادات غير مقتنعة بالتطوير وتقاوم أى محاولة للتغيير ويخضع التقييم للأفكار والإبتكارات للأهواء الشخصية للقيادات التى تتولى مقاليد الأمور بل يتعدى الأمر لهدم وتجاهل جميع الأفكار التى نفذت من قبل وتهميشها وعدم الإهتمام بتنفيذها.. ويؤدى ذلك لإهدار لكل فكر منفذ ويتم إهدار الموارد البشرية والمالية التى تم تخصيصها بالفعل للتنفيذ..وهذه إحدى صور الإهدار الجسيم للمال العام ،لابد أن تنتبه اليها الجهات الرقابية بالدولة ويتم المحاسبة الفعلية عليها.
ويصبح الموظف الذى يريد التغيير مسموعا ومكرما فى المحافل والمؤتمرات التى تهتم بها الدولة لعرض الإبتكارات والأفكار ..ولكن دون أى ضمانات لدراسة التنفيذ الفعلى.. وتخرج التوصيات وشهادة التقدير لموظفى الدولة المبتكرين ..ويرجع الموظف المبتكر لجهة عمله وهو محاط بنظرات السخرية من زملائه وأصوات الإحباط ان كل ما يفعله يذهب هباء بل يمكن ان يؤدى لظلمه وتهميشه من القيادات التى تحاول بكافة السبل عدم وصول صوته لمتخذ القرار.. ويكون جزاء تفكيره وإبتكاره هو الإبتعاد عن أى حافز معنوى أو مادى.
وتكون النتيجة ان يتأخر عن اقرانه فى العمل ويكون منبوذا من القيادات و ايضًا عدم أقتراب زملائه منه خوفًا من تنكيل القيادة الحالية والذين كانوا بالأمس يتهافتون على الاقتراب منه عند وجود القيادة التى كانت مقتنعه بالفكر المقدم منه.. ولكن الآن هو فى القائمة السوداء ولا يتم الاقتراب منه او مساعدته خوفًا من بطش القيادات الحالية..حقا أن الاغتيال العقلى أخطر من الاغتيال الجسدى.. ناهيك عن تجريف الجهاز الحكومى من العقول النابهة القادرة على التميز والإبداع.
الموظف الحكومى المتهم بسوء انتاجيته ضحية لبيئة العمل .. فى ظل وجود عدم استجابة من القيادات لأى فكر او تطوير يكون النجاح فى التطوير والتغيير من قبيل الصدفة البحتة حال تولى مقاليد الأمور قيادة إدارية لديها إرادة التغيير وسلطة أتخاذ القرار والتنفيذ .
ان غياب صفة الإلزام لدراسة التنفيذ الفعلى لكل فكر أو إبتكار يساعد على تحسين الأداء الحكومى بالدولة يضيع أفكار مهمة ومشروعات تطوير لو طبقت لتغيرت أمور كثيرة في الجهاز الحكومى المتحكم في كل شيء فى مصر منذ قديم الأزل.
لقد آن الأوان لتمكين شباب البرنامج الرئاسى للقيادة في كل مفاصل الدولة بعد تأهيلهم وفق أحدث ما توصل إليه العلم.. رضاء المواطنين والمستثمرين والسياح و تحسين ترتيب مصر فى مؤشر الفساد يبدأ من سهولة وشفافية التعامل مع الجهاز الحكومى.
وفى تصورى أنه على الحكومة وهى تنفذ التوجيه الرئاسى بتعديل قانون الخدمة المدنية لفصل الموظف مدمن المخدرات ان تعدل معايير اختيار القيادات ونظم تقييمها لينحصر الاختيار فى الأكفأ وصاحب الرؤية والقادر على التطوير ولديه ثقافة الابتكار.