قصة حي كان في الأصل بركة الفيل التي انحسر عنها النيل

كشف الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق حكاية حي شبرا،قائلا أنه لهذا الحى قصة غريبة جدًا، فهو لم يكن موجودا على الخريطة أو فى الحقيقة نهائيًا،وكان موقعه حتى منتصف القرن الثالث عشر الميلادى مغمورًا بالمياه ضمن مجرى النيل أيام الفاطميين
وتابع: لهذا فإن موقعه جديد وهو عبارة عن مكان وسط النيل،ثم التحم بالأرض وبالفعل فإن اسم أو لفظ شبرا مأخوذ فى الأصل من كلمة شبرو أو جبرو، وهى كلمة قبطية معناها الكوم أو التل،وهناك فى مصر 177 مكانًا أو قرية تسمى فى بدايتها باسم شبرا مثل شبرا الخيمة وشبرا اليمن وشبرامنت،بخلاف حى شبرا الشهير بالقاهرة.
ويذكر محرم كمال أن اسم شبرا كان ينطق بالقبطية شبرا (بكسر الشين وهى أصلًا الجيم المعطشة جدًا) ،ومعنى اللفظ حقل أو غيط، وهى تدخل فى أسماء بعض البلاد وخاصة فى الوجه البحرى.
و لإثبات هذا الكلام كله يجب أن نعود للقصة الحقيقية لنشأة حى شبرا بالقاهرة وتبدأ القصة حيث كان شاطئ النيل الشرقى لمدينة القاهرة فى عهد الدولة الفاطمية ينتهى عند شارع عماد الدين (محمد فريد الآن) ثم جامع أولاد عنان – جامع الفتح حاليًا - فميدان رمسيس ثم يتجه النيل شمالًا إلى الشرابية.
وكان بالقرب من هذا المكان ميناء كبير للقاهرة هو ميناء المقس – بالقرب من موقع ميدان رمسيس حاليًا – وكان بهذا الميناء أعظم دار للصناعة وبناء السفن الضخمة ،وحدث فى أواخر حكم الدولة الفاطمية أن غرق فى النيل بالقرب من هذا الميناء مركب اسمه الفيل،وترك فى مكانه فتراكم فوقه الطمى والرمال وانحسر عنه النيل فصار جزيرة ارتفعت أراضيها بالتدريج وأطلق عليه الناس اسم (جزيرة الفيل).
وصارت هذه الجزيرة فى وسط النيل وظلت تتسع حتى أخذت شكلها النهائى فى عام 570 هـ/ 1174م فى عهد صلاح الدين الأيوبى، حيث استغلت فى الزراعة على أن مساحة الجزيرة ظلت تزداد،وكلما انحسرت مياه النيل عنها فى كل عام حتى أصبحت متصلة بالأرض.
وفى العصر العثمانى تغير اسم جزيرة الفيل وأصبحت تعرف باسم جزيرة بدران نسبة إلى الشيخ بدران صاحب الضريح الموجود بجامع الشيخ بدران بشارع جزيرة بدران الذى مازال موجودًا حتى الآن فى بداية حى شبرا أو مايعرف بإسم شبرا مصر.
ولما جاء محمد على أنشأ بناحية شبرا الخيمة قصرا خاصا به ومد إليه شارع شبرا الحالى وكان ذلك سنة 1808م، فعرفت المنطقة المحيطة بهذا الشارع باسم شبرا وأخذت هذه المنطقة فى العمران وأقبل الناس عليها إقبالا كبيرا، حتى أنها أصبحت الآن من أكبر أقسام القاهرة وأكثر أحيائها ازدحامًا.