قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

هتلر العصر أردوغان

×

من قال: إنَّ هتلر قد مات فهو مخطئ تمامًا وربما أنه لحتى الآن لم يدرك معنى فهم واستيعاب التاريخ المجتمعي للإنسان؛ لأن التاريخ ليس هو ماضٍ فحسب، بل هو الحاضر ومرآة المستقبل أيضًا وهو الذي يحدد على ما سنكون عليه في قادم الأيام. هم وهدهم الطغاة وفراعين العصر الذين يتوهمون أن التاريخ قد ذهب من غير رجعة وأنه لا يمكن تكرار التاريخ.

ما أشبه اليوم بالأمس وكأننا نعيشه بكل لحظاته المأساوية والمضحكة في آنٍ معًا أو بالأصح إنها التراجيديا بحد ذاتها. بدايات القرن العشرين كانت الحرب الكونية الأولى وما حصل فيها من أهوال وحروب ودمار وكان بطله السلطان عبد الحميد العثماني المتربع على مشهده سقوط الخلافة العثمانية وكذلك ألمانيا، ومنتصف القرن أيضًا كانت الحرب الكونية الثانية وتكرر المشهد بكل وحشيته أيضًا بالسقوط الثاني لوهم الامبراطورية الألمانية وكان بطله هتلر الألماني، والآن ونحن على أعتاب القرن الحادي والعشرون ومنذ سنوات نعيش أهوال الحرب الكونية الثالثة وبطلها مرة أخرى تركيا وأردوغان ومعها ألمانيا ثانية ونفس المشهد تقريبا يعمَّ الخراب والدمار والقتل والتهجير. السؤال المهم هو هل ستكون تركيا هي الهدف وأردوغان هو السكين في تقسيم المقسم وتشتيت المشتت؟ أم أن ايران أيضًا ستنتقل لها عدوى التقسيم وسنكون أمام مرحلة ثانية من التقسيم وستظهر دول وتختفي دول؟

كل هذه التساؤلات وغيرها الكثير التي ينبغي الإجابة عنها قبل أن نكرر ما عاشه أجدادنا في القرن الماضي.
معظم الإيحاءات تومىء إلى أنه إن لم تحصل معجزة إلهية كبرى، فأن المنطقة متجهة نحو الاشتعال الكبير أو ربما يمكننا تسميته ولو مجازًا ب "البينغ بونع" أو الانفجار العظيم. خاصة أننا نعيش مرحلة متطورة من الأسلحة الفتاكة والمختلفة كليًا عما تم استخدامه في الحربين الكونيتين السابقتين. التطور التكنولوجي والمعلوماتي أفرز معه أسلحة لا يمكن تصورها البتة والتي تنهي المجتمعات بطرفة عين. وما نراه من سباق الاسلحة بين امريكا وروسيا والصين يخفق القلب رعبًا لما سنراه إن تم استخدامها في اللحظات الأخيرة.

تعنت أردوغان الذي يعتبر نفسه خليفة المسلمين في استرجاع الخلافة العثمانية من جديد وتجييشه للمتأسليمن من على شاكلته، هو نفسه التعنت الذي أصاب السلطان عبد الحميد قبل قرنٍ من الآن وكانت النتيجة حرب عالمية أكلة الأخضر واليابس كما يقال.

عبد الحميد الذي يشاع عنه أنه ضد تهويد فلسطين وبيعها لليهود الذين كانوا السبب في عزله، لم يكن سوى أكبر عملية تزوير في كتابة التاريخ. لأن السلاطين بدون استثناء احتضنوا اليهود الهاربين من أوروبا وفتحوا لهم كافة المجالات كي يصبحوا القوة الأولى في اسطنبول وازمير وغيرها من المدن، وحتى أن معظم السلاطين كانوا مديونين بالمال لليهود ولم يستيطعوا سداد ديونهم. والسلطان عبد الحميد كان يستغل الدين في أنه لن يبيع فلسطين لليهود وعلى أنه أي السلطان هو عدو اليهود، لكنه في الحقيقة هو من كان يساعدهم على الهجرة إلى فلسطين وبيعهم الأراضي لهم واستمر من بعد ابنه حتى حصل الانهيار في الخلافة العثمانية، واستمرت من بعده جمعية تركيا الفتاة والاتحاد والترقي، اللتين كانتا مكتظة باليهود الذين كانوا يسيرونهما وفق مصالحهم. والآن أردوغان يسير على خطى عبد الحميد ويصرخ بأعلى صوته بأنه من سيحرر القدس ويطرد اليهود من فلسطين. إلا أن الواقع والحقيقة عكس ذلك تمامًا. إذ، أن تركيا وأردوغان هو المُعين الحقيقي لوجود اسرائيل وهو الذي زار ضريح هرتزل واقسم على الحفاظ على ميراثه ما دام على قيد الحياة.

نفس الشعارات ونفس السيناريوهات العثمانية – التركية أو الحميدية – الاردوغانية، يتم التغني بها واستغلال نفس الميليشيات من المتأسليمن إن كانوا من الفرق الحميدية قبل قرنٍ من الآن، أو فرق القاعدة والنصرة وداعش والاخوان المسلمين هم ذاتهم الذين ناصروا الخلافة العثمانية ولكنهم الآنباسم آخر وليسآخر.

قالها وزير خارجية أردوغان صويلو بأن "حلب ودمشق" كانتا مدينتين تركيتين وهذا معناه أن ما بين هاتين المدينتين أيضا كلها كانت تركية عثمانية. وكذلك عن الشمال العراقي. وما يحصل الآن في ليبيا والجزائر ما هو إلا استمرار لفاشية اردوغان لبسط هيمنته على المنطقة وبعث العثمنة من جديد.

ستسقط تركيا كما سقطت الخلافة العثمانية، وكذلك ستفشل المانيا إن هي استمرت في دعم أردوغان في عدائها لشعوب المنطقة كما فشلت في الحرب العالمية الأولى. وكذلك سيسقط أردوغان ولن يرى من نتائج عمله سوى الفشل والهزيمة كما فشل هتلر، حينما اراد أن يسترجع مجد الامبراطورية الألمانية. لا يختلف أردوغان عن هتلر بأي شيء وكأنهما يتممان بعضهما البعض وكذلك كأن مصير ألمانيا مرتبط بحبل سري مع تركيا.

فكيفما أنه فشل هتلر في أوهامه ونازيته، سيفشل اردوغان أيضًا لأنه لا يقل دكتاتورية عن هتلر بأي شيء. وأن هتلر لم يمت بل يحيا داخل اردوغان. وربما بفشل اردوغان ينتهي الاثنين وتعيش الشعوب بعضًا من الحرية والكرامة ولو بعد حين.