احترس.. 9 أحاديث منتشرة لا تصح عن شهر رجب
قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، إنه لم يرد حديثٌ صحيحٌ فى فضل شهر رجب، مشيرًا إلى أن الحافظ بن حجر ألف كتابًا سماه «تبيين العجب فيما ورد فى شهر رجب» وقال إن جميع الأحاديث التي وردت فيه لا تصح.
وأضاف «جمعة» في فتوى له، أن بعض الأحاديث التى وردت فى فضل شهر رجب، أسانيدها ضعيفة ولكنها لا تصح، لافتًا إلى أن رجب شهر الرحمات والبركات والسكينة، ووقعت رحلة الإسراء والمعراج من المسجد الحرام إلى المسجد الـقصى، مشيرًا أن رجب من الأشهر الحرم، بمعنى أنه يستعصم فيه الله الإثم.
وأكد أن ليلة الإسراء والمعراج فرضت فيها الصلاة، وظهرت رحمة النبي -صلى الله عليه وسلمح بالمسلمين، لأنه سأل للمسلمين التخفيف في عدد الصلوات.
وجرى على ألسنة الناس أحاديث عن شعبان يرددونها دون معرفة صحتها، متناسين تحذير سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-: «من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» وقال أيضًا: «من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب، فهو أحد الكَاذِبِيْنَ».
ويتبين وجوب الحرص على سنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وتمييز صحيحها من ضعيفها، وعدم العمل بسنة إلا إذا تبين صحتها من ضعفها، ورصد «صدى البلد» 9 أحاديث عن رجب حكم عليها العلماء بأنها ضعيفة وغير صحيحة.
الحديث الأول: «كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يصوم ثلاثة أيام من كل شهر فربما أخرَّ ذلك حتى يجتمعَ عليه صوم السنة فيصوم شعبان". وهذا الحديث ضعيف أخرجه الطبراني في الأوسط عن عائشة-رضي الله عنها-، قال الحافظ بن حجر في الفتح: فيه ابن أبي ليلى ضعيف.
الحديث الثاني: «كان إذا دخل رجب، قال: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان». والحديث رواه البزار، والطبراني في الأوسط، والبيهقي في فضائل الأوقات، عن أنس-رضي الله عنه-، وقد ضعفه الحافظ بن حجر في تبين العجب، وقال: فيه زائدة بن أبي الرُّقَاد، قال فيه أبو حاتم يحدث عن زياد النُّمَيْرِي، عن أنس بأحاديث مرفوعة منكرة، فلا يُدرى منه أو من زياد، وقال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي في السنن لا أدري من هو، وقال ابن حبان لا يُحتج بخبره.
الحديث الثالث: عن أبي هريرة-رضي الله عنه- «أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لم يصم بعد رمضان إلا رجب وشعبان»، وقد حكم عليه الحافظ بن حجر في تبين العجب بالنكارة من أجل يوسف بن عطية، فإنه ضعيف جدًا.
الحديث الرابع: «رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي». وهذا الحديث باطل موضوع، قال فيه الحافظ بن حجر في تبين العجب رواه أبو بكر النقاش المفسر، وسنده مركب، ولا يعرف لعلقمة سماع من أبي سعيد، والكسائي المذكور في السند لا يُدرى من هو، والعهدة في هذا الإسناد على النقاش، وأبو بكر النقاش ضعيف متروك الحديث قاله الذهبي في الميزان.
وجاء هذا اللفظ ضمن حديث طويل في فضل رجب، وفي حديث صلاة الرغائب حكم عليهما الحافظ بن حجر بالوضع في تبين العجب، وجاء من طريق آخر بلفظ: «شعبان شهري، ورمضان شهر الله» عند الديلمي في مسند الفردوس عن عائشة-رضي الله عنها-، وفيه الحسن بن يحي الخشني، قال الذهبي تركه الدارقطني، وقد ضعف الحديث السيوطي.
الحديث الخامس: «خيرة الله من الشهور، وهو شهر الله، من عظم شهر رجب، فقد عظم أمر الله، أدخله جنات النعيم، وأوجب له رضوانه الأكبر، وشعبان شهري، فمن عظم شهر شعبان فقد عظم أمري، ومن عظم أمري كنت له فرطا وذخرا يوم القيامة، وشهر رمضان شهر أمتي، فمن عظم شهر رمضان وعظم حرمته ولم ينتهكه وصام نهاره وقام ليله وحفظ جوارحه خرج من رمضان وليس عليه ذنب يطالبه الله تعالى به».
حكم الحافظ بن حجر في تبين العجب بالوضع، وقال: قال البيهقي: هذا حديث منكر بمرة، وقال هو موضوع ظاهر الوضع، بل هو من وضع نوح الجامع وهو أبو عصمة الدين، قال عنه ابن المبارك لما ذكره لوكيع: عندنا شيخ يقال له أبو عصمة، كان يضع الحديث، وهو الذي كانوا يقولون فيه: نوح الجامع جمع كل شيء إلا الصدق وقال الخليلي: أجمعوا على ضعفه.
الحديث السادس: «فضل رجب على سائر الشهور كفضل القرآن على سائر الأذكار، وفضل شعبان على سائر الشهور كفضل محمد على سائر الأنبياء ، وفضل رمضان على سائر الشهور كفضل الله على عباده». وحكم الحافظ بن حجر على الحديث بالوضع، وقال: السقطي هو الآفة، وكان مشهورًا بوضع الحديث، وتركيب الأسانيد.
الحديث السابع: تدرون لم سمي شعبان؛ لأنه يُتَشَعَّبُ فيه لرمضان خير كثير، وإنما سمي رمضان؛ لأنه يرمض الذنوب أي يذيبها من الحر. حكم السيوطي على هذا الحديث بالوضع، والحديث رواه أبو الشيخ من حديث أنس، وفيه زياد بن ميمون وقد اعترف بالكذب.
الحديث الثامن: «أفضل الصوم بعد رمضان شعبان لتعظيم رمضان، وأفضل الصدقة صدقة في رمضان». والحديث رواه الترمذي والبيهقي في الشعب، عن أنس-رضي الله عنه-، وقال الترمذي: غريب، وضعفه السيوطي، والحديث فيه صدقة بن موسى، قال الذهبي في المهذب صدقة ضعفوه، ويزاد على هذا أن في متنه نكارة ؛ لمخالفته ما جاء في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- مرفوعا:"أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم.........الحديث".
الحديث التاسع: عن عائشة، قالت: «كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وكان أكثر صيامه في شعبان، فقلت يا رسول الله: مالي أرى أكثر صيامك في شعبان، فقال: يا عائشة إنه شهر ينسخ لملك الموت من يقبض ، فأحب أن لا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم». قال ابن أبي حاتم في علل الحديث: سألت أبي عن حديث............. (وذكر الحديث) قال أبي: هذا حديث منكر، قلت وأول الحديث ( كان.....إلى...لا يصوم) قد جاء في الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها-، وقولها-رضي الله عنها- (وكان أكثر صيامه في شعبان) جاء بمعناه في هذا الحديث ، ويقصد أبو حاتم بالنكارة الجزء الأخير من الحديث (فقلت...إلى آخره).