الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اقرأ


حبا الله القارة الأفريقية بالكثير من الخيرات علي تعدد أشكالها، فمن الثروات التعدينية الغنية كالفحم و الألماس مرورًا بكل المواد المعدنية المختلفة التي وردت في كتب الكيمياء، بل ربما لا زال في تلك الأرض الكثير من الكنوز التي لم يَكشِف عنها العِلم ، ولَم يكتشفها العلماء.

القارة الأفريقية قارة شابة وفتّية، فمعظم تعدادها من الشباب معوَل بِناء اليوم ،والأطفال الذين يجسدون الأمل في الغد.
وإذا كانت أفريقيا معروفة بالقارة السمراء فيمكن أن نستخدم نفس التمييز اللوني ونذهب شمالًا لأوروبا أو القارة البيضاء!

تلك القارة التي سيطرت على ثروات القارات المحيطة، تسلقت سلم الحضارة غير عابئة بمصير القارات التي صنعت منها تلك الحضارة! كانت تلك البيضاء كثعبان يلتف حول فريسته فيعتصرها ولا يدعها إلا جثة هامدة!

وبالفعل استطاعت النظم الاستعمارية التي عادةً ما كانت أوروبية المصدر، أن ترتقي ماديًا وحضاريًا وإجتماعيًا وثقافيًا بل ونفسيًا ،و تكلُفة ذَلِك دفعتها الدول المستعمرة من استقرارها المادي والحضاري والاجتماعي و الثقافي وأيضًا النفسي!

وبالرغم من أن خسائر الاستعمار الخارجي فادحة، إلا إنه من السهل علاجها ،فلا زالت القارة تنبض بثرواتها و خيراتها، والمستعمر الذي تغذي علي مواردها الطبيعية يومًا ، جاء اليوم لنتغذي علي موارده التكنولوجية!لنواكب قطار الزمن ونستعيض الوقت المهدور، و الزمن الذي مر علي قارتنا كأهل القبور!

ولكن دائمًا هناك ما يمنع الإنطلاقة الحرة، وما يُكبل النتائج المرجوة، إنه السلاح الأبيض الذي تشهره القارة البيضاء والدول الغربية الأخرى في وجه المستقبل فيأتي لها طائعًا، ويُعلن ولاءه لها مستسلمًا، ويتحِد معها مستبسلًا!

إنه سلاح العِلْم ! وضعت تلك الدول التعليم نُصب عينيها ،ورددت تراتيله بينَ شفتيها وملأت به أذنيها، وتركتنا مشغولون بصراعات عِرقية و إثنية وأيدولوجية زرعت بذورها ببراعة قبل أن تلملم ثرواتنا وترحل!

ويكفي أن في تسعينيات القرن الماضي أحتلت أفريقيا المركز الأول في النزاع المسلح حول العالم، حيث تمركزت فيها ٢٥ بؤرة نزاع من أصل ٣٥ بؤرة علي مستوي العالم! أسفرت عن مقتل ٤ ملايين مواطن و نزوح أكثر من ٥ ملايين آخرين غالبيتهم من الأطفال!
لذا فما السبيل للتنمية المستدامة في أوطان تأكل أبنائها ! وآي طفل الذي سيتعلم وهو نازح من أرضه وشاهد علي مَصرَع عِرضه!

لا مجال للتنمية المستدامة في قارتنا ذاتِ الخيرات المستباحة إلا بتخطي الأزمات السياسية ، و وقف فوري للصراعات والنزاعات الأهلية، وذلك لن يحدث إلا أيضًا بالتعليم!

ولا غبار علي أن الاهتمام بالتعليم والحرص على جودته و محاولة تقديم منظومة تعليمية متكاملة بآلياتها المتعددة من المُدرس القادر والكتاب اللائق والمدرَسة الملائمة هي منظومة عالية التكلُفة شديدة التعقيد ، لا غني عن البَدأ الفوري في محاولةِ تلبيةِ احتياجاتها والعملِ من أجلِ تحقيقها، ولكن ذلك العمل يتطلب وقتًا طويلًا ،وعجلة الزمن ستدهسنا قريبًا ، إذ لم نلحق بركابِها سريعًا!

لكن ما لا يُدرَك كله لا يُترَك كله، فمُنذ فجر تاريخ أعمارنا ، التي إلتهمت من الزمن عدة عشرات من السنين، ونحن نعرف الوزارة المسؤولة عن منظومة التعليم في مِصر باسم "وزارة التربية والتعليم " ، ويمكن أن نجدها تحت مسميات أخري في دول القارة الشقيقة ولكننا سنستعرِض و نستشهِد بالواقِع المصري .

ولا يُمْكِن أن نغفَل أن ذلك الاسم كان اسمًا نابعًا من فِعل حقيقي وهو تربية الجوانب النفسية والرياضية والفنية في جنبات المدرسة كتفًا إلى كتف مع مناهج التعليم، التي كانت أيضًا محل اتهام بأنها لا تتسق ومتطلبات العصر الذي نعيشه!

لذا ستظل مناهج التعليم دائمًا هي محل جدال لن ينتهي ، ولأن أعظم أزماتنا السبب فيها ثقافتنا في الإصرار علي الوقوف على أسباب الاختلاف حتى نصل لنقطة الخِلاف، دون أن ننتبه إلا أننا لو اجتمعنا علي نقطة للوفاق وهي دائمًا موجودة سنحقق أهدافنا ولو على اختلافها ! لذا فلنجتمع على التربية التي قطعًا لا مجال للشك أنها هي الداء والدواء!

إذا أردت أن تقدم للغد جيلًا ذا أخلاق ، و علي قدر من الثقافة، له فِكْر يتسع للآخرين ، فعليك بالمكتبة! أما إذا أردت هذا الجيل مُتصالح مجتمعيًا ، سوي نفسيًا ، مُتفتح عقليًا فعليك بالمكتبة!
وإذا كانت الأزمات موجودة في المجتمع بسبب الصراع السياسي والديني والطائفي والعِرقي فلن يُقرِب وجهات النظر ويضعها على طاولة الاتفاق إلا بعد المرور على المكتبة!

فالتربية تبدأ بالمكتبة! ألم يَكُن أول أمر رباني لنبينا الكريم " اقرأ " ؟ أليست تلك إشارة ربّانيّة !
التعليم سيقدم لنا المهندس والدكتور الذي قد يساهم في حل مشكلة تخصصية ، لكنه ربما يساهم في خلق أزمات مجتمعية!

أما التربية عن طريق القراءة ستقدم لنا الإنسان الذي نحتاجه ، ستمهد العقل بالعلم ،وترصف دروبه بالأدب، وتنير جوانبه بالفن، و تزرع في بواطنه بذور التسامح مما لا يجعل للأفكار الهدامة موطئ شر بداخله.

فليكن رسالة مِصْر للقارة الأفريقية التي ترأس إتحادها القراءة ، فلنجنَح للسلام بالكلمات لتذيب مواطِن الخلافات، ٥٨ دولة تقع داخل إفريقيا يبلغ عدد مواطنيها ما يزيد عن المليار نسمة، تمثل القارة ٦٪؜ من مساحة الكرة الأرضية ، وتقع بها ١٠ دول عربية، تاريخ يجب أن يُقرأ ، لنصنع مستقبلًا يُمْكِن أن يُعاش!

القارة الأفريقية قارة عانت الإحتلال لسنواتٍ طويلة، بَذر فيها المُستعمِر بذور الخلاف والدم و الفُرقة ، خِشيةً من أن تتسيد تلك السمراء العالم ، فلنقرأ كبارًا وصغارًا ، لنستفيد من تلك المرحلة العصبية في تاريخِ القارة ، وما أقساها من تجربة!

تحرِص الدولة على توطيدِ العلاقات مع أبناءِ القارة التي نتتمي إليها ، و إذا عُدنا بالذاكرة لمنتدى شباب العالم بشرم الشيخ السابق، نجد التأكيد على البُعد الأفريقي في الشخصية المصرية من خِلال شعار المُنتدي "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية".

فلنقرأ جميعًا كأبناءٍ بررة لتلك القارة تاريخ بَعضُنَا البعض، فلنقفز فوق الخلافات ونتبادل الخبرات ونتعاون من أجل ما هو آت، فنحن كالأخوة الذين فرقتهم الظروف والأيام وعند لحظة اللقاء كانت الفرحة الممزوجة بالشعور بالغُربة !

لذا أناشِد رئيس دولتنا الواعي المستنير بأن يتم اعتماد القراءة في المدارس و العودة للمكتبة والعمل علي فتح نقاشات وندوات داخل المدارس وتستضيف الكُتاب والمفكرين والبواسل من جنودنا المُحاربين ، لتجري مناقشات حول تلك الكُتب التي توطِد الإنتماء وتدعم أعمدة الشخصية المصرية، في كافة المناحي وليكن #أقرأ هو شعار المرحلة التعليمية القادمة، وما ينشأ عليه الجيل القادم.

و مِن دولتنا لدول القارة الشقيقة، فلنجتمع جميعًا علي الكلمات و نطوِّعها لتروي للأجيال القادمة عن الملحمات التي صنعناها عندما إجتزنا كلَ الخلافات ، وليكُن # إقرأ تكئة في نهضةِ القارة ، وإحدى الدرجات التي نعتليها لنرسل رسائل السلام لكل من يعادينا، فهيا إلي القراءة وحيا على المعرفة.

فلنبادر بأنفسنا ونفتح أغوار عقولنا ، فلنتهادى بالكُتب ، ونتسابق على قراءتها ، فلنغير ما بأنفسنا لتتغير أحوالنا إلى ما تهوى الأنفُس ، وليكن # أقرأ مبادرة لكل شخص وفِي كل مدرسة وجامعة وعمل، ولتكن القراءة وسيلة للم الشمل وغاية لتقبل الآخر ، وأذكرك ونفسي # اقرأ.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-