قضية الأسلحة الفاسدة من أشهر القضايا التي ارتبطت بحوادث جسيمة في تاريخ مصر، أهمها هزيمة مصر في حرب فلسطين عام 1948 ثم قيام ثورة يوليو عام 1952.
في البداية سأقوم بسرد المعلومات الأساسية عن قضية الأسلحة الفاسدة التي تم توريدها للجيش المصري أثناء حرب فلسطين 1948.
قررت القيادة السياسية المصرية ممثلة في الملك فاروق و رئيس الوزراء النقراشي باشا دخول حرب فلسطين عام 1948 قبل نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين بأسبوعين، و أقر البرلمان المصري دخول الحرب قبلها بيومين فقط.
ونظرًا لضيق الوقت والقصور الشديد في السلاح و العتاد الحربي اللازم لدخول الجيش الحرب، تم تشكيل لجنة سميت لجنة احتياجات الجيش كانت لها صلاحيات واسعة بدون أي قيود أو رقابة لإحضار السلاح من كل المصادر و بأسرع وقت ممكن.
و كان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد أصدر قرارًا بحظر بيع الأسلحة للدول المتحاربة في حرب فلسطين، و هو قرار كان يقصد منه الدول العربية بالذات، وللتحايل على هذا القرار اضطرت الحكومة المصرية أن تجري صفقات الأسلحة مع شركات السلاح تحت غطاء أسماء وسطاء وسماسرة مصريين و أجانب، مما فتح الباب علي مصرعيه للتلاعب لتحقيق مكاسب ضخمة و عمولات غير مشروعة، فكان التلاعب يتم في شيئين أساسيين هما: سعر شراء السلاح الذي كان مبالغ فيه بدرجة كبيرة، ومدى مطابقة السلاح للمواصفات و صلاحيته للاستعمال وهذه هي الطامة الكبرى.
وقد قررت لجنة احتياجات الجيش اللجوء إلي مصادر كثيرة سريعة و غير مضمونة لتوريد السلاح و هي:
أولًا: تجميع الأسلحة و المعدات من مخلفات الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية و اختيار الصالح منها و إرساله للجيش، و لقد وصلت من هذه المعدات إلي أرض المعركة، ذخيرة مدافع عيار 20 رطلًا، و التي ثبت في التحقيقات أنها كانت غير صالحة للاستعمال و تسببت في انفجارات داخل الجيش المصري.
ثانيًا: إرسال ضباط في زي مدني لشراء دبابات انجليزية من طراز "لوكاست" تباع خردة في المزاد العلني في معسكرات الإنجليز بقناة السويس بعد نسف فوهات مدافعها، و بالتالي كان مدي إطلاق كل مدفع يختلف حسب الطول المتبقي من الفوهة، مما أدى إلى سقوط قتلى كثيرين من الجيش المصري.
ثالثًا: تسببت قنابل يدوية إيطالية الصنع و التي وردها أحد سماسرة السلاح للجيش المصري في حدوث أضرار كبيرة في صفوف الجيش المصري.
و بالتالي يمكن القول أنه كانت هناك بالفعل صفقات أسلحة فاسدة لا تصلح لاستعمال الجيش كانت من أهم أسباب الهزيمة.
وتقودني قضية الأسلحة الفاسدة إلى قضية الأغاني الفاسدة التي قد لا تطابق المواصفات الفنية أيضا، والتي يقوم بتوريدها للشعب المصري سماسرة الفن الذين انتشروا بشكل مرعب في الفترة الحالية بهدف تحقيق مكاسب شخصية وثروات فادحة على حساب قتل الذوق العام للشعب المصري، وبالفعل تقوم هذه الأغاني الفاسدة على تدمير صفوف المستمعين من الشعب المصري بطريقة ممنهجة واضحة، وكأنها قنابل يدوية فاسدة أو مدافع قصيرة الدانة تفتت جماليات الفن المصري الأصيل.
ويبقى السؤال: متى ستنتهي هذه الحرب القذرة، ومتى ستأتي انتفاضة المستمعين؟ ،،، دُمتم بحب وفن.