صحراء جرداء، لا مرافق فيها ولا خدمات.. هكذا أصبح مصير مشروع إسكان أبناء الجيزة، بمدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، والذي عانى أصحابه الأمرين لاستلام وحداتهم وتحقيق حلم السكن في المشروع، قبل أن يستفيقوا على كابوس الإهمال والتهميش.
على طريق الواحات البحرية، يقع مشروع إسكان أبناء الجيزة، والذي كان يسمى بمشروع إسكان مبارك، قبل أن يتم تغيير تسميته بعد ثورة 25 يناير لمشروع إسكان أبناء الجيزة، أشبه بالعمارات الخالية والخاوية على عروشها، فإن كان المشروع جديدًا في نشأته إلا وأنه يبدو وأنه قد عفا عنه الزمن نتيجة الإهمال ونقص الخدمات والمرافق حتى هجره سكانه.
المشروع الذي بدأ الحجز لوحداته في عام 2008، وكان مقررًا إنشاء 5892 وحدة سكنية في 215 عمارة على مساحة 97 فدانًا، والذي كان مقرًا وقتها تسليم وحداته في عام 2011، حتى قامت ثورة يناير وغيرت مواعيد التسليم ومراحل التنفيذ كما غيرت الحياة السياسية في مصر بأكملها.
تأخر تنفيذ المشروع وتأخر موعد تسليم الوحدات، حتى فُوجئ حاجزو الوحدات السكنية، في عام 2014 بإنذار بضرورة تسديد مبلغ 5500 جنيه فرق أسعار نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء بعد ثورة 25 يناير، والتي تم تقسيطها بمعدل 800 جنيه كل 3 أشهر، وبعدها بعام تم مطالبة حاجزي الوحدات بضرورة سداد ألفي جنيه إضافية وإلا سيتم إلغاء الحجز، وهو ما دفع الحاجزين إلى سدادها حرصًا على تحقيق حلم الشقة في المشروع الجديد.
في نهاية عام 2015 وبعد انتهاء تشطيب الوحدات السكنية بالمشروع نظم الحاجزون العديد من الوقفات الاحتجاجية للمطالبة بالاستلام، حتى تم الإعلان عن تسكين الدفعة الأولى في شهر فبراير 2016، على أن تتسلم الدفعة الأخيرة وحداتها السكنية بداية عام 2017، حتى تم التسليم بدون خدمات.
للوهلة الأولى التي تقع عينيك فيها على المشروع، يخيل إليك أنها مدينة للأشباح، فالعشوائية ونقص الخدمات وتكسير واجهات العمارات وسقوط أعمدة الكهرباء في وسط الشوارع أحد السمات الرئيسية التي جمعت غالبية عمارات المشروع وشوارعه، حتى «كابينه» الكهرباء سرقت أسلاكها وأصبحت بلا غطاء تهدد حياة المارة إن وجدوا.
«ضحكوا علينا وأخدو فلوسنا وسلمونا شقق مفيهاش أي خدمات» بتلك الكلمات بدأ «عصام العطار» أحد سكان المشروع حديثه لـ«صدى البلد»، معبرًا عن تضرره وجميع سكان المشروع من نقص الخدمات، قائلًا: «بعد ما قعدنا حاجزين المدة دي كلها وكل سنة يأخروا التسليم.. في الآخر تم تسليم الوحدات بدون أي خدمات أو مرافق».
مشاكل الكهرباء والمياه، أبرز ما يعانيه المشروع وفقًا لما وصفه «العطار» قائلا: «المشروع مفيهوش أعمدة إنارة نهائي.. والكهرباء ضعيفة جدا واللي اتسببت في أعطال للعديد من الأجهزة الكهربائية، والمياه شبه معدومه مبتجيش غير كل فين وفين».
سوء الأوضاع وتدهور الخدمات داخل مشروع إسكان أبناء الجيزة دفع العديد من أصحاب الوحدات السكنية إلى بيعها بثمن بخس، وفقًا لما وصفه «العطار» قائلًا: «ثلثي سكان المشروع باعوا شققهم علشان مفيش خدمات والدنيا خرابة، لحد ما الشقق كلها اتقفلت والمنطقة مبقتش أمان علشان الناس مشيت، والمحافظة ومديرية الإسكان في وادي والناس كلها في وادي تاني».