تتلمذت على يد الشيخ أسامة الأزهرى منذ عام 2003
مسجد أبو ستيت في باصونة وصل ضمن ٢٧ مسجدا للجولة الثانية في المسابقة
دراستي في كلية العمارة العريقة في لندن "أركيتكتشر اسوسيشن"
قال المهندس وليد عرفة مؤسس دار عرفة للعمارة، والمسؤول عن تصميم مسجد "باصونة" بمحافظة سوهاج، والذي تم اختياره ضمن أفضل 27 مسجدا على مستوى العالم خلال مسابقة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد، إن مسجد آل أبو ستيت الكائن بقرية باصونة مركز المراغة، سوهاج، استغرق تصميمه ٦ أشهر ثم استغرق البناء أكثر من عامين.
وأضاف عرفة ، أن أول مرة تشارك مصر في الجائزة، والقائمة الطويلة للترشيح كان فيها عدد كبير من المساجد المصرية ولكن مسجد باصونة هو المسجد المصري الوحيد الذي نجح في التصفيات الأولى ووصل ضمن ٢٧ مسجدا للجولة الثانية والتي تنتهي باختيار ٣ مساجد فائزة في ٢٧ نوفمبر ٢٠١٩ .
وأوضح أن الجائزة كانت في دورتيها السابقتين مقصورة على دول الخليج، فلم تكن على خريطة توقعاته ولكن الدورة الحالية وهي الثالثة توسعت الجائزة لترشح مشاريع من أي مكان في العالم وحدث ذلك .
حدثني عن المسجد وكم مدة العمل فيه ؟
مسجد آل أبو ستيت الكائن بقرية باصونة مركز المراغة، سوهاج تصميمه استغرق ٦ أشهر ثم استغرق البناء أكثر من عامين .
بهذا العمل المعماري كيف نرسي الصورة الحقيقية عن العمارة في خدمة المجتمع المصري؟
العمارة الحقيقية هي نتاج معرفة حقيقية للمجتمع الذي تبتغي خدمته فلا بد من معايشة ومعرفة حقيقة سليمة وامال ودوافع وطموحات ذلك المجتمع، ثم التعامل مع كل ذلك بفكر نقدي يتفهم الواقع الحالي ولكن لا يستسلم لسلبياته بل يحاول تغييرها إلى الأفضل دون تسلط أو إملاءات متعالية.
فمثلا واقع البيئة المبنية في هذه القرية ليس في أفضل حالاته خصوصا إذا ما قارنا المباني الحديثة فيه وهي الأكثر رداءة بما بنته الأجيال الأقدم من أهالي هذه القرية وهي مباني فيها الكثير من الإيجابيات الجمالية والبيئية والوظيفية والتي تندثر بتسارع مرعب وذلك كإنعكاس مباشر لتغير مفاهيم الناس والقيم الذهنية المرتبطة عندها بخامات وطرز الإنشاء المختلفة.
كلمني عن دراستك العليا في بريطانيا وكيف سخرت دراستك لتنفيذ بناء يمنح التأثير الأصيل من علم العمارة في بناء مسجد باصونة؟
دراستي في كلية العمارة العريقة المعروفة في لندن "الأركيتكتشر اسوسيشن" كانت في الدراسات العليا في الحفاظ على المباني التاريخية وقد اندرجت في تلك الدراسة بغرض أساسي هو الاستمداد من دروس العمارة التاريخية بغرض تقديم عمارة للحاضر والمستقبل ولكن من خلال التعامل المباشر مع فلسفة القيمة، وتقنيات البناء، وعلم أمراض المباني، وخواص المواد، وتاريخ العمارة، والنظم الإنشائية التاريخية.
وعليه كانت رسالتي تنظر في محاولات المسلمين البريطانيين لإنشاء عمارة مساجد بريطانية وذلك باعتباره مدخلا يميز بين المطلق والنسبي في قيم التصميم، بين الثابت والمتغير، بحيث نصل إلى ماهية المسجد أو مسجدية المسجد، فنحترم المطلق والثابت ولا نتلاعب به فيحدث إفراط، ولا نجمد النسبي والمتغير فنقع في الجمود والانفصال عن الظروف و المشخصات من زمان ومكان وثقافة ومزاج وتاريخ ، وبالتالي تكون الاستفادة من مثل ذلك ليس حكرا على بريطانيا وإنما هو مدخل جيد يمكن المعماري المعاصر في مصر وغيرها من إعادة النظر في قيم التصميم لمساجدنا اليوم وغدا بحيث لا ننفصل عن الأصل ولا نتجمد في حلول بعينها.
ثم كان القدر أن كلفت بهذا العمل بعد الإنتهاء من بحثي ورسالتي فكان الجامع تطبيقا عمليا لما خلصت إليه في بحثي ودراستي.
من الراعي الأول للمشروع؟
لجأ أهل "باصونة" إلى ذوي الشأن، تحدثوا إلى العالم الأزهري الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، وإمام وخطيب مسجد الفتاح العليم، فالدكتور أسامة الأزهري هو المحرك الأول للمشروع .
حدثني عن دور الشيخ أسامة الأزهري تجاه المسجد.. خاصة وأنه دائما ما يتحدث عن أهمية بناء العمران والحضارة ؟
الشيخ أسامة تعود أصوله إلى القرية وقد لجأ أهلها إليه بعد فقدانهم مسجدهم الرئيسي فتصدى هو لتنظيم المسألة و استدعاني من لندن وتوفير التمويل والقيام بدور العميل الأمين على احتياجات من ناشدوه المساعدة، وهذا جانب .
أما الجانب الآخر فيتمثل في علاقتي الشخصية به وتربطني به علاقة صداقة قوية، كما تتلمذت عليه فكريا منذ عام 2003 وارتبطت به ضمن عدد من الباحثين الشباب في مجالات علمية متنوعة، والذين التفوا حول مشروع الأزهري المتمثل في إحياء الحضارة وإعادة بناء الإنسان.
هو بفهمه للمنهج الأزهري بمثابة مرجعية علمية مؤسسة تعلمت منها على مدى أكثر من ١٦ عاما -ولا زلت- بالجلوس المباشر إليه لتلقي المعرفة، والمصاحبة له في كثير من أسفاره البحثية والعلمية داخل وخارج مصر، فضلًا عن قيامه بترجمة بعض كتبه المهمة للإنجليزية مما انعكس بشكل مباشر على اتجاهي المعماري عموما وتصميم مسجد باصونة خصوصا.
ومصداق ذلك قضايا بعينها مثال أن التدين الحقيقي هو تدين صانع للحضارة، محفز على التفوق في العلوم وخصوصا في بلد كمصر التي أنتج تدينها صروحا لا مثيل لها كالأهرامات والمعابد المعجزة والمساجد الفائقة كالسلطان حسن والكنائس كالمعلقة.
ومنها أيضا التعامل مع التراث بالإسناد المتصل في العلوم سواء كانت الشرعية أو المعمارية فقد تعلمت منه التعامل مع التراث وما تركه السلف تمسكا بالمناهج لا بالمسائل ، ومنها التمسك بالجمال دائما عموما وكملجأ لمكافحة كل الظواهر السلبية كالتطرف والإرهاب وثقافة إراقة الدماء .
واستمداد الوعي الروحي والديني الصحيح من عالم فذ مثل الشيخ اسامة الازهري في تطبيقات العمارة التي تعود لتلقي بأنوار معانيها على مستخدميها فتصل نفس الرسالة بطرق شتى
فكرة التقديم للجائزة .. من أين جاءت؟ وهل أول مرة مصر تشارك فيها؟
لم أتقدم للجائزة بل رشحت لها، ونعم أول مرة، والقائمة الطويلة للترشيح كان فيها عدد كبير من المساجد المصرية ولكن مسجد باصونة هو المسجد المصري الوحيد الذي نجح في التصفيات الأولى ووصل ضمن ٢٧ مسجدا للجولة الثانية والتي تنتهي بإختيار ٣ مساجد فائزة في ٢٧ نوفمبر ٢٠١٩ .
هل كان في توقعك ترشيح المسجد لجائزة عبداللطيف الفوزان؟
الجائزة كانت في دورتيها السابقتين مقصورة على دول الخليج، فلم تكن على خريطة توقعاتي ولكن الدورة الحالية وهي الثالثة توسعت الجائزة لترشح مشاريع من أي مكان في العالم وحدث ذلك وتوقعت ومعي الكثيرون من الزملاء والاساتذة المعماريين أن يترشح المشروع فعلا وقد كان ولله الحمد.