عم ظاظا.. جزار حوّل منزله لدار مجانية لأطفال مستشفى 57357.. فيديو وصور
لافتة كبيرة كتب عليها باللون الأحمر «يوجد سكن واستراحة يومية مجانا لمرضى السرطان» تظهر بوضوح بعد الخروج من الباب الرئيسي لمستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال، بجوار هذه اللافتة مبنى مكون من عدة طوابق ليس مؤسسة أهلية، ولا تابعا للمستشفى، فصاحب المنزل قرر ألا يقف مكتوف اليدين أمام مشاهدة المئات من الأطفال المرضى بلا مأوى خلال تلقيهم جلسات الكيماوي، وقرر استغلال موقع منزله بالمدبح بالسيدة زينب في عمل خيري، فأبواب هذا المنزل مفتوحة أمام أي طفل مريض بالسرطان مغترب أو بحاجة إلى استراحة مؤقتة بعد تلقي جرعات الكيماوي هو وأسرته وبشكل مجاني تماما.
"مكنتش أعرف إن فيه أمراض صعبة كده.. المستشفى لما اتبنت هنا فتحت عيني على حاجات تقطع القلب"، بهذه الكلمات افتتح الجزار صيام عبده، الشهير بـ "ظاظا عُجز" حديثه عن عمله الخيري، خطرت هذه الفكرة لظاظا بعدما شاهد رجلا يجلس في الشارع هو وابنه وزوجته ولا يملكون أي مال، وطلب من ظاظا البحث عن سكن بمبلغ رخيص، هذا الموقف جعل ظاظا يستقبلهم في شقة حماته المتوفاة، وبعدها قرر تخصيص شقته الأخرى في الطابق الأرضي لهؤلاء المرضى.
ثلاثة أعوام مرت على تخصيص ظاظا لشقته لإيواء مرضى السرطان وأهاليهم بالمجان، فمستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال جعله يرى آلام وأحزان لم يشهدها من قبل، خاصة مع تزايد جشع أصحاب المنازل المحيطة بالمستشفى "الأوضة إيجارها بيكون 3000 جنيه"، فمريض السرطان يستنفد الكثير من المال خلال رحلته العلاجية والتي تشكل عبئا على الأهل، ففكر الجزار بفتح منزله لكل من يرغب بالإقامة به بشكل شهري أو مؤقت "فيه ناس كتير من الأقاليم والإيجار غالي عليهم وكفايا العبء للمرض والسفر فعملت حاجة مجانا لله.. والله لو عندي عمارة كاملة لاعملها لهم" كما قال ظاظا لـ«صدى البلد».
المنزل الذي قرر ظاظا وهبه لعمل الخير هو نفسه الذي كان يمكث فيه طيلة عمره الواحد وخمسين عاما "ده بيتي ومكان أكل عيشي"، وهو نفسه المنزل المهدد بالإزالة جراء عملية توسيع الميدان بجوار المستشفى، والتي تهدد كل المنازل بالإزالة مقابل حصول أصحابها على مبالغ تعويضية "الفلوس مش هتكفي، وبدل ما آخد شقة بعيد، أنا عاوز بيتي جمب المستشفى حتى لو عاوزين مني فلوس هدفعها.. لأنهم متشحططين بعيالهم وكل واحد عنده طفل مريض بالسرطان متمرمط، ومش بيبقوا عارفين هيباتوا فين ولا هياخد الجرعة ازاي" كما قال ظاظا لـ «صدى البلد».
على مدار الأعوام الثلاثة لم يتوقف الرجل الخمسيني عن استقبال مرضى السرطان والمرافقين لهم في منزله، حيث جهز شقته بالطابق الأول والمكونة من ثلاثة غرف بكل شيء كالأسرة والأجهزة المنزلية وطعام طوال اليوم، لتستقبل 7 أسر بدون أي مقابل، هذه الشقة التي تحولت لمأوى لأصحاب «المرض الوحش»، "شكل الأطفال وأسرهم وهما نايمين على الأرض قدام المستشفى يقطع القلب والطفل بيبقى مريض ومناعته ضعيفة لازم مكان يأويه".
يقدم الحاج صيام هذه الجهود وبدون جمع تبرعات من أي شخص أو أي مؤسسة، وطوال الأعوام الثلاثة لم تتوقف الدار يوما عن استقبال المرضى وأهاليهم "جه ناس كتير أوي باخد منهم صور البطايق أو الكارت بس ويقعدوا زي ما هما عاوزين" كما قال ظاظا.
لم تقتصر جهود ظاظا على تخصيص الدار، حيث خصص عربة لنقل المرضى وأسرهم من المستشفى وإليها، "التوك توك بياخد للمترو بس 10 جنيه وفي ناس بيبقى مش معاها فلوس"، ويتمنى ظاظا ألا ينتهي مشروعه الذي قرر بدءه ووهب ثوابه لروح والدته وحماته المتوفاتين، ففي رأيه مريض السرطان هو الذي له الأولولية في أي مشروع، ومنهم الأطفال الذين يعيشون معه باستمرار.
في تعاون ونظام تجلس الأسر وأطفالهم المرضى بالسرطان في الدار، بعضهم لأيام وآخرون لأسابيع، فالمنزل المكون من ثلاث غرف كبيرة أصبح بمثابة منزلهم الحقيقي، جمعتهم الظروف الصعبة ليصبح كل من في دار ظاظا يشترك بمعاناة واحدة.
أم بسملة التي لم تتخيل أن ابنتها الثانية ستكون سببا في انتقالها من مكان لآخر بحثا عن مأوى مناسب لهم خلال جلسات الكيماوي، فمنزلهم في أرياف بني سويف بعيد جدا عن مستشفى ٥٧٣٥٧، "كنا بنخلص جلسات الكيماوي الساعة ٤ العصر ومعرفش هروح بيها ازاي بالليل"، لاحظت أم بسملة اللافتة التي علقها ظاظا عن وجود استراحة مجانية للأطفال، قررت أن تستريح فيها لعدة ساعات "لما دخلتها مكنتش متخيلة إنها هتبقى جميلة كده.. أوضة بسملة في الدار أحلى من بيتها"، كما قالت أم بسملة لـ"صدى البلد".
"أنا بحب عم ظاظا أوي.. بيجبلي كل حاجة نفسي فيها.. وبعد جلسة الكورتيزون كنت جعانة جابلي أكل كتير" هذه الكلمات التي قالتها الطفلة بسملة في سعادة كانت عاملا في تخفيف آلام المرض عنها، فكل ما تطلبه من عم ظاظا يُنفذ" قولتله نفسي في تابلت وواي فاي وجابهم ليا"، لا تتمنى الطفلة صاحبة الستة أعوام إلا ظهور شعرها مرة أخرى "لما يطول مش همسكه بتوكة وهاسيبه مفرود طول اليوم زي زمان".