يخطئ من يظن أن الشعب المصري ناكر للجميل أو غادر بالآخرين الذين عاشروه في كل المواقف مهما كان عليهم من ملابسات.. ففي النهاية يتعرض الحاكم للحساب والعقاب من البعض والبعض الآخر يذكر محاسنه.. فالطبيعة والفطرة تؤكدان أننا نتحلىبسمات الطيبة غير الطبيعية ونمتلك مقومات البسمة.
والدعاية في كل الأحيان والمواقف.. فالمصريون بأي حال من الأحواللا يمكن أنينسوا أو يتناسوا من قدم لهم فضل أو اجتهد بشكل ما في مسيرة التنمية وغالبا ما تجتاحالشعوب موجات غضب علي حكامها و في ظل الازمة تخرج كل الخناجر من الجحور لتطعن الحاكم وتسفه منه و تتناسىما قدم للبلاد . حقيقة هناك البعض الذي ينصف ولكن حينها تواجه تلك الأصواتضجيجا صاخبا من سماسرة النظام الجديد والاتهام بالخيانة و العمالة و انتفاخ الجيوب وهي للأسفاتهامات جاهزة في مجتمعنا العربي في اجندة معدة سلفا . فغالبا ان كنت معارضا للنظام فأنت إما عميل لنظام اخر او تقبض بسبب مواقفك . و إن كنت مع النظام فأنت إما آفاق تنافق النظام القائم في سبيل الحصول علي جاه او منصب أو تكون مقربا لأولي الأمرأو جبان وعميل للامن . لذا يحتار بعض المثقفون و السياسيون في اعلان مواقفهم تجاه النظم الحاكمة لكي لا يواجهون تلك الاتهامات فأنت في كل الاحيان متهم . إن كنت معارضا او مؤيدا . و لذلك اعرف كثيرا من الاصدقاءالسياسيين يخشون إعلان مواقفهم الحقيقية تجاه بعض القضايا أو إعلانمساندتهم لحقبةمعينةمن التاريخ ووسط كل هذا يأتي بعض الشباب الذين يجهلون التاريخ الحقيقي لحاكم سابق ماله وما عليهوتتأثر تلك النوعية من الشباب بمن هو اقرب من اذنيه فإن كان الاقرب ناصريا فالتوجه سيكون ناصريا.
وتدور الكؤوس علي بقية الحكام اقتناعا بما يسمعونه وما ارتكب في حقهم من جريمة البث الواحد في آذانهم و السبب أن هناك الكثير الذي يرتكب حماقةمن بعض كتبه و صناع التاريخ . فكثيرا من المؤرخين يتأثرون بفكر النظام و الحاكم القائم في عصر كتابة التاريخ .
كنت جالسا مع صديقي الأستاذالدكتور سعد الدين الهلالي وهو أستاذالفقه المقارن بجامعة الأزهروسألته عن رأيه في أمر ما فوجدته يعرض لي آراء الأئمة الأربعةشرحا وافيا . فقلت له حيرتني يا صديقيماذا افعل؟
فرد الرجل بأدب جم :
فكر واختار ما يناسب تفكيرك و يرضي ضميرك ....
وتركني صديقي لاحكم عقلي فيما لا يخالف النصوص الثابته بعد ان استعرض أراء الائمة الاربعة بأمانة شديدة ..
فالامانة تقتضي ان تكون كتبه التاريخ منزهه عن غرض و تعرض لكل حاكم ماله وما عليه من مواقف في ظل الاحداث حينها ليكون التاريخ كتابا مفتوحا للجميع يري و ينتقد و يمدح و يحدد من كان أمينا في حكمه مع البلاد وماهي ظروف اتخاذ القرارات؟ .. ودعونا نحاكي التاريخ الحديث ونفرز ابرز قواده فنجد ان هناك الكثير الذي يتهم هذا الحاكم بالخيانة و العمالة و السرقة و النهب.
و لدينا في مصر اجيال تربت علي هذه الافكار المنغلقة التي لم تري الوجه الاخر للحاكم .. و لدينا في مصر خبراء في الافتاء الشعبي وايضاالديني يلوثون اذنيك باحكام و أراء قد تبدو متناقضه ..
يتناسي الجميع اننا بأيدينا ندمر عقلية جيل من الشباب ونحقر من شأن من حكموا البلاد سابقا .. فالتاريخ الحقيقي للزعيم جمال عبد الناصر محاه المنتفعون من كتبة التاريخ المقربين من حكم السادات ليكون المجد له فقط حتي في كثير من المواقف الذي غيرت من نظام الحكم . باستحياء كانوا يكتبون عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر . ونفس الشئ فعله المؤرخون مع أول رئيس لمصر و هو اللواء محمد نجيب .. وايضا اثناء حكم الرئيس مبارك كتبه التاريخ لوثوا عقولنا و صدروا لنا مثلا ان الرئيس السابق مبارك كان هو البطل الذي عبر بنا قناة السويس وهزم الاسرائيليون وحده بخلاف الكثير من المواقف البطولية التي تفردوا بها لشخص الرئيس السابق .. ونفس الشئ مع كل حاكم لمصر . فالان تعلو بعض الاصوات تطالب بمحو ثلاثين عاما من عمر تاريخ مصر قضاها الرئيس السابق محمد حسني مبارك حاكما لمصر . فأين الانصاف و العدل والحقيقة ؟ الرئيس مبارك حكم مصر في فترة جد عصيبة مرت بالبلاد وكانت له محاسنه
و مساؤه مثل الكثير منا في حياتهم
وقيادتهم . كانت هناك إنجازاتتحققت في عهده وكانت هناك اخفاقات . فلماذا يحاولون محو تلك الحقبة من تاريخ مصر وقادتها ؟ مبارك لم يكن خائنا بالصورة التي يصورها البعض الآنولم يكن لصا كذلك . ومهما حدث فالرجل له عيوبه وانجازاته وهو ما يجب ان يذكره التاريخ فكل تلك المدن الجديدة والمنشآت الهامة حدثت في عهده فلا يجب ان نتمتع بها.
ونغدر بتاريخه ونمحوه .. اذكروا محاسن كل حاكم لمصر وايضا اذكروا عيوبه ولكن بأمانه و ضمير يقظ حتي يتسني للأجيالالحالية والقادمةالحكم بنزاهةو إبداءالرأيبدون ضغوط أو غسيل لعقلية جيل جديد نطمح ان يكون الامل في مستقبل مصر مشرق .. فلننصف انفسنا بإنصافنا في كتابة التاريخ الحقيقي لمصر ....