إن العملية الإرهابية الخسيسة التي وقعت مساء يوم الجمعة بحي الهرم بالجيزة تعكس مدى الحصار الذي تطبقه الأجهزة الأمنية على الجماعات الإرهابية؛ حيث تم تصفية العديد من أفرادها، كما تم تجفيف مصادر التمويل الخاصة بهم، ومنع وصول الأسلحة لأفراد هذه الجماعات، ما جعلهم يلجأون إلى الأساليب البدائية لتصنيع قنبلة تم استخدامها في هذا العمل الإرهابي البائس.
من الصعب على أية دولة تكون هدفا للإرهاب، خاصة لو دولة كبيرة بحجم مصر، أن تقضي على هذه الظاهرة في وقت قصير قضاء تاما، ولكن نجاعة الأجهزة المصرية جعلت الإرهاب يترنح، وهو ما يجعل الجماعات الإرهابية تسعى بكل الوسائل الإتيان بأي عمل يثبتون من خلاله أنهم مازالوا على قيد الحياة، كما حدث مساء أمس.
وعلى الرغم من الحزن والألم الذي أصاب المصريين نتيجة لهذا العمل الإرهابي، فإن هناك جوانب مضيئة تجلت على خلفية الحدث المؤلم، كان أبرزها التفاف أبناء الشعب المصري حول المؤسسة الأمنية المصرية متمثلة في القوات المسلحة المصرية الباسلة والشرطة المصرية البطلة، وكذلك عكس التعاطي مع هذا الحادث الإرهابي إيمان المصريين بأن النهضة التي يقوم عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي تصيب أعداء مصر من الإرهابيين بالهلع وهو ما يدفعهم لمحاولة النيل من استقرار مصر الذي لا يمكن لأية نهضة أن تتم بدونه، ولذلك قام المصريون بتجديد الدعم للرئيس، ليستمر على خططه في محاربة الإرهاب، وتحقيق النهضة التي ينشدها أبناء الشعب في آن واحد.
إننا على يقين أن الإرهاب لن يستطيع أن ينال من مصر، وذلك بفضل الخطط الأمنية المدروسة بعناية، ولأن الشعب المصري يرفض الإرهاب، ويحاربه يدا بيد مع المؤسسات المصرية المختلفة، ولكننا في ذات الوقت نطالب دول العالم بالتعاون سويا في محاربة ظاهرة الإرهاب، حتى يتم القضاء عليه - ليس في مصر فحسب بل في العالم كله - ذلك الذي لن يتحقق إلا بتبني رؤية واحدة، قدمتها مصر متكاملة على لسان رئيسها من على منبر الأمم المتحدة.
لقد عانت العديد من الدول في العالم من ظاهرة الإرهاب، ولم تنج منه دولة - كبيرة كانت أو صغيرة - إلا تلك الدول التي ترعاه، فهي في مأمن منه، هذا المأمن لن يطول، فالتاريخ: قديمه وحديثه يؤكد أن الإرهابيين ليس لهم أصدقاء، وأنهم ينقلبون على من يرعاهم، كما انقلبوا على من صنع الإرهاب نفسه.
هناك فرق بين أن يستهدف الإرهاب دولة - كما هو حادث في مصر وسوريا على سبيل المثال - وبين أن يبعث الإرهابيون ومن وراءهم برسالة تحذيرية لدولة أخرى - كما يحدث في الدول الأوربية.
فالأولى يستهدفون سقوطها، وكادوا يحققون هذا الهدف تحقيقا كاملا في سوريا الشقيقة، لولا تلك التضحيات التي قدمها أبناء سوريا، ولولا ذلك الدعم الذي تلقته سوريا من القيصر الروسي فلاديمير بوتين.
أما محاولتهم إسقاط الدولة في مصر فلقد مرت بالعديد من الخطوات، واستخدم فيها المختلف من الوسائل، التي لم تُجْد نفعا، حيث أن تلك الوحدة العضوية التي تحيل كل الشعب المصري ومؤسساته وفي القلب منها الجيش والشرطة جسدا واحدا كانت الصخرة التي تفتت عليها كل المحاولات التي يقوم على تخطيطها عتاة المخططين الدوليين لإسقاط الدولة المصرية.
ربما أصابت ندبة هنا وأخرى هناك الجسد المصري الكبير والقوي، ولكن ظل الجسد متماسكا صامدا قويا عفيا متحديا الإرهاب، ضاربا بقوة جماعاته، مانعا عن أفراده منابع تمويلهم، مغتنما أسلحتهم، مزهقا أرواحهم من خلال ضربات المؤسسة الأمنية المصرية متمثلة في القوات المسلحة المصرية الباسلة والشرطة المصرية البطلة التي يقف الشعب المصري صفا واحدا متلاحما معها.
استشعر أن الشعب متأهب هو الآخر مع القوات الأمنية التي هي في حالة تأهب لتأمين أعياد إخواننا الأقباط، التي ينشط فيها الإرهابيون، ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة النيل من مصر متمثلا في عمليات إرهابية تطول أقباطها.
إن هذا الاصطفاف الشعبي مع قوات الأمن المصرية لحماية وتأمين أعياد الميلاد المجيدة، إنما يدحض دحضا تاما بعض الادعاءات التي يحاول البعض أن يثبت فيها أن هناك انشقاقا طائفيا في مصر.
إن من يستهدف أقباط مصر بالفعل أو القول أو حتى بالصمت عما يحدث من استهدافهم، هم هؤلاء الإرهابيون، أما عموم أبناء الشعب المصري المسلمين وهم الأغلبية الساحقة، فإنهم لا يفرقون بين مسلم ومسيحي، ولا ينطلقون من منطلق طائفي، ويقفون صفا واحدا في خندق الوطنية المصرية التي هي السلاح الفتاك لكل من يعمل على النيل من مصر، التي لن ينال منها أبدا الإرهاب.