وزير الأوقاف: الرسول كان يعفو عمن ظلمه ويحسن إلى من أساء إليه
قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن لفظ العفو ورد في القرآن الكريم خمس مرات، في قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا» (النساء : 43)، وقوله تعالى: «فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا» (النساء : 99)، وقوله تعالى: «فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا» (النساء : 149)، وقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ» (الحج : 60)، وقوله تعالى: «وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ» (المجادلة : 2).
وأضاف الوزير في مقال له: «أما اسم الله (الكريم) فقد ورد في كتاب الله مرتين: في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ» (الانفطار : 6)، وقوله تعالى: «وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ» (النمل : 40)، أما (الأكرم)، فقد ورد في قوله تعالى: «اقرأ وربك الأكرم» (العلق:3).
وتابع: فرحمة الله واسعة، وسعت كل شيء، حيث يقول سبحانه: «وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ» (الأعراف: 165)، ويقول عز وجل في الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا»، ويقول سبحانه في الحديث القدسي أيضًا: «يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً».
وواصل: ويقول نبينا -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الخَلاَئِقِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ البَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لاَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لاَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فَإِنَّهُ لاَ ظُلْمَ عَلَيْكَ اليَوْمَ، فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ البِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلاَّتِ، فَقَالَ: إِنَّكَ لاَ تُظْلَمُ، قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلاَّتُ فِي كَفَّةٍ وَالبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلاَّتُ وَثَقُلَتِ البِطَاقَةُ، فَلاَ يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللهِ شَيْءٌ».
واستطرد: أن أولى الناس بهذا العفو هم أهل العفو، حيث يقول سبحانه: «وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» (آل عمران: 133-134».
وأردف: ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «حُوسِبَ رجلٌ ممنْ كَان قَبْلَكُم، فَلم يُوجَد لَهُ مِنَ الخَيرِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا يُخَالِطُ النَّاسَ، وكانَ مُوسِرًا فَكَان يَأمُرُ غِلمَانَهُ أَن يَتَجَاوزُوا عَن المُعْسِر، قَالَ اللَّهُ -عز وجل-: فَنَحنُ أَحَقُ بِذلكَ مِنهُ، فَتَجَاوزُوا عَنْهُ».
وأكمل: وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يعفو عمن ظلمه ويعطي من حرمه ويحسن إلى من أساء إليه، يقابل السيئة بالحسنة حيث يقول الحق سبحانه: «وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ» (فصلت: 34).
وذكر: يروى أن غلامًا لسيدنا عمر بن عبد العزيز أخطأ في حضرته، فنظر إليه سيدنا عمر بن عبد العزيز، فقال الغلام: «والكاظمين الغيظ» فقال سيدنا عمر رضي الله عنه: كظمت غيظي، فقال الغلام: «والعافين عن الناس» فقال سيدنا عمر: عفوت عنك، فقال الغلام: «والله يحب المحسنين» فقال سيدنا عمر: اذهب فأنت حر لوجه الله».