حق اللجوء السياسي هو مفهوم قضائي ينص علىإعطاء الشخص الذي يتعرّض للاضطهاد بسبب آرائه السياسية أو معتقداته الدينية حق اللجوء إلى دولة أخرى ذات سيادةليستطيع العيش والتعبير عن آراءه بحرية، ويُمنح اللجوء السياسي بناء على طلب الشخص ذاته وموافقة الدولة المانحة.
إذا لا يطلب أي شخص حق اللجوء السياسي إلى دولة أخرى إلا حينما يكون هناك اضطهادا له أو لأفكاره في وطنه الأصلي.
أما عن حق اللجوء الموسيقي فهو فكرة من وحي خيالي، فقد تخيلت للحظات أن أصحاب أغاني المهرجانات المزيفة (أوكا وأورتيجا و حمو بيكا وأمثالهم) يقفون أمام بعض السفارات الأجنبية في مصر يطالبون بحق اللجوء الموسيقي لبلاد أخرى حيث أنهم يعانون من اضطهاد الشعب المصري الذي لا يقبل أفكارهم ومعتقداتهم الموسيقية الشاذة عن أعراف المجتمع المصري الأصيل، تلك الأفكار المغايرة تماما لموروثنا الشعبي وأغانينا الراقية المهذبة ذات المضامين الهادفة والموسيقى المتقنة في مقامات موسيقية معتبرة، ذلك الشعب المصري الذي انتفض بالكامل ثائرا يطالب باعتقال هذه القلة المندثة صاحبة الأفكار التي أصنفها من وجهة نظري ضمن الإرهاب الموسيقي والتي لانستبعد أبدا تمويلها من الخارج، إن الشعب المصري شعب واعٍ ينتبه لما يحاك له من مؤامرات تقصد تشويه تراثه الغني والهبوط بذوقه الفني، بل والقضاء على قاموسه اللغوي الراقي سواء العربية الفصحى أو العامية المهذبة، ذلك الشعب الذي تربت أذنه على صوت محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وأسمهان.
يذكر لي والدي أن(بائع البطاطا) سنة 1970، ذلك الرجل البسيط الذي لم ينل من التعليم المدرسي إلا القليل قد تعلم الفُصحى من الست أم كلثوم فكان يفهم كلمات القصائد بل ويحفظها عن ظهر قلب، ويردد كل صباح: "أغدا ألقاك .. يا خوف فؤادي من غدِ"، وأن (بائع العرقسوس) الذي لا يعرف القراءة والكتابة حينما يريد الغناء يقول: (أراك عصي الدمع شيمتك الصبر)، أما بائع الذرة المشوية فكان يقف على النيل يشوي الذرة للمحبين وينشد "هل رأى الحب سكارى مثلنا"، ذلك الشعب صاحب هذه الثقافة السمعية أبى أن يستسلم لعملية السطو الممنهج على مورثه وثقافته التي هي جزء أصيل من حضارته، ذلك الشعب الذي نزل إلى الميادين العامة مطالبا باعتقال (أوكا وأورتيجا و حمو بيكا وأمثالهم) أو على الأقل طردهم خارج البلاد لمحاولتهم المساس بالذوق الموسيقي المصري.
عزيزي القارئ أعلم أنني أضحكتكم بفكرة اللجوء الموسيقي، ولكنني أعتصر ألمًا لما وصل إليه حال الأغنية المصرية، ولا أستطيع تخيل إلى أي مرحلة من الهبوط سنصل، وكما أخبرني والدي عن البائعين البسطاء وما كانوا يغنوه، كيف سأخبر أولادي بعد عشرين عاما قادما أن طبقة النخبة والمثقفين عام 2018 كانوا يغنون ويرقصون في أفراحهمعلى أغاني (إلعب يله) و (صاحبي طلع أونطه)و(آسف محطوط في حزامي الناسف).
الأمر خطير، كل ما أستطيع قوله أنني فقط أحلم، فإن أصحاب المهرجانات والأغاني الهابطة لن يطلبوا اللجوء الموسيقي لأي دولة أخرى، بل سيستمرون للأسف في بث سمومهم حيث أنهم وجدوا مجالا خصبا بين الشباب لزرع الألغام بدلا من الأنغام ،،،،، دُمتم بخير وفن.