"أرى إيه؟ أرى إيه؟ أرى أرى أراجوز.. أراجوز أراجوز، إنما فنان.. فنان أيوة إنما أراجوز ويجوز يا زمان إن كنت زمان غاوي الأرجزة طياري.. يجوز"، بهذه الكلمات عبر الفنان عمر الشريف عن حالة الأراجوز ودوره الفعال في حياة المواطنين وذلك خلال فيلمه الذي حمل نفس الاسم "الأراجوز"، هذه الدمية الشعبية التي تبلغ حجم كف اليد وظهرت منذ القدم في الموالد والمناطق الشعبية لتناقش مشكلات المجتمع اليومية وتسخر من الأوضاع السياسية بشكل بسيط، ليتم الانتصار لها الآن بعد مضي زمن كادت أن تندثر فيه، وتدرج على قوائم التراث الثقافي العالمي.
وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، الأراجوز المصري، أمس الأربعاء، على قوائم التراث الثقافي العالمي غير المادي.
وقالت الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، في بيان، إن تسجيل الأراجوز بالقائمة يُعد إنجازًا جديدًا للجهود الرامية إلى الحفاظ على الموروثات الشعبية غير الملموسة ونصرًا غاليًا فى ميدان حماية الهوية.
ويعد "الأراجوز" النوع الثالث من الفنون المصرية، التي يتم تسجيله في قائمة التراث الثقافي غير المادي في اليونسكو، حيث تم إدراج السيرة الهلالية في عام 2008، وفن التحطيب في عام 2016.
ويرجع أصل كلمة "أراجوز"، إلى اللغة الفرعونية المصرية القديمة والتي تطورت إلى اللغة القبطية، فكانت كلمة إروجوس في القبطية تعنى الشخص الذي يصنع الكلام ومنها اشتقت كلمة أراجوز التي أصبحت شائعة اليوم، واستخدمها العثمانيون بعد غزو مصر، فاطلقوا كلمة "قارا قوز" والتي تقسم إلى مقطعين "قره" بمعنى سوداء، و"قوز" بمعنى عين، للدلالة على اسوداد الحياة، فيما كانت تشير عند الأطفال إلى البهجة والسعادة حيث يهللون ويصفقون مع كل كلمة يخرج بها الأراجوز.
ووصفه علماء الحملة الفرنسية فى كتاب "وصف مصر"، "وقد شاهدنا فى شوارع القاهرة عدة مرات رجالًا يلعبون الدمى، فيلقى هذا العرض الصغير إقبالًا كبيرًا والمسرح الذى يستخدم لذلك بالغ الصغر يستطيع شخص واحد حمله بسهولة، ويقف الممثل فى المربع الخشبى الذى يمده بطريقة تمكنه من رؤية المتفرجين من خلال فتحات صنعت لهذا الغرض دون أن يراه أحد ويمرر عرائسه عن طريق فتحات أخرى".
وكان يصنع هذا الأراجوز قديما من الخشب الخفيف والقماش الأحمر اللون، بالإضافة إلى طرطور من نفس القماش، يتحكم لاعبه في تحريكه بأصابعه، مستعينًا بقطعة من الاستانلس يضعها في فمه لتغيير صوته، ليبدأ في عرض حكاياته وقصصه بشكل فكاهي على الناس من وراء ستار أو مسرح.
ومن أبرز الفنانين الذين اهتموا به، كان الفنان محمود شكوكو، الذي كان يجلبه دائما عند تقديم عروضه، فكان يرتدي جلبابه وطرطوره الشهيرين، ويمسك في يديه صاحبه الأراجوز، ويتحدث معه بمرح وفكاهة، وتوارث فنه صابر المصري الذي لقب بـ"شيخ لاعبي الأراجوز".
فيما كان فيلم "الزوجة الثانية" من أشهر الأفلام التي اعتمدت على الأراجوز لطرح قضية الفيلم وحكيها بشكل يدعم فكرته الأساسية، بالإضافة إلى فيلم "كل دقة في قلبي" للفنان محمد فوزي.
وخشية اندثاره، أسس الدكتور نبيل بهجت فرقة "ومضة" لخيال الظل والأراجوز، عام 2003، لإعادة إحياء هذا التراث المصري الأصيل، وتقديم عروض في بيت السحيمي وورش عمل بـ 30 دولة، للحفاظ على هذا الفن الشعبي من الاختفاء.