قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الموسيقى الكاذبة ...



الموسيقى اتصال لا كلامي بين جميع البشر، إن اختلاف البشر في الجنس واللون واللغة والثقافة والعادات والتقاليد وغير ذلك من أوجه الاختلاف بين البشر، كل ذلك يتحطم أمام جملة موسيقية واحدة تخرج من مؤلف موسيقي صادق، ولو تلاحظ عزيزي القارئ التعبير (جملة موسيقية) على غرار الجملة الكلامية، فالكلام لغة والموسيقى لغة أيضا فهي تُقرأ وتُكتب وتُسمع سواء من آلة موسيقية أو صوت بشري، وبما أنها تصدر من طرف وتوجه إلى أطراف آخرى إذا لابد أن يكون لها تأثير في المتلقي.
وكما يكذب البعض أحيانا في كلامهم، يكذب الكثير أيضا في موسيقاهم، وكما يصدق الناس كلام بعض الكاذبين نظرا لإحكامهم للأكذوبة، أيضا يصدق الكثير من الناس أنماط كاذبة من الموسيقى المطروحة، ولكن يمكن للكاذب أن يقنع من يسمعونه لفترات قصيرة ولا يستطيع إحكام كذبه ليقنع جميع المستمعين طوال الوقت، وهناك مثل شعبي قديم يقول (الكذب ملوش رجلين)، فمهما استخدم الكاذب أدواته بحرفية عالية من أفكار مرتبة وألفاظ منمقة وتعبيرات بالوجه واليدين وسائر أعضاء الجسم في محاولة لإقناعك، تجد نفسك لا تصدقه ويرجع ذلك لأن كلامه لم يصل إلى قلبك ولم يستريح له وجدانك، كذلك الحال في الموسيقىفنجد كثيرا من الألحان بالرغم من إحكام صياغتها من لحن وتوزيع هارموني وتنفيذ موسيقي على يد عازفين محترفين وتسجيل عالي الجودة إلا أنها لا تصل إلى القلب، ويرجع ذلك لغياب الصدق، نعم الصدق في الجملة اللحنية التي كما ذكرت تشبه الجملة الكلامية بالضبط.
إن الكاذب المحترف (النصاب) لديه القدرة على شد انتباهك لحديثه وإنصاتك التام لكل ما يقوله حتى آخر كلمة، ولكنك في النهاية وبمجرد أن تخلو بنفسك لتراجع ما قاله تجد أن كلامه كله قد تسرب كالماء من بين أصابعك، وكذلك الحال في الموسيقى الكاذبة فقد تشدك بعض الوقت وتنصت لها حتى نهايتها ولكنها لا تعلق بذهنك ولا بقلبك لأنها خرجت من صاحبها بغير صدق.
قضية شائكة هي (الموسيقى الكاذبة) ولا أستطيع أن أقنن لكم ما هي الموسيقى الكاذبة فليس لها توصيف لدي سوى أنها مجرد صناعة ومصدر رزق لصاحبها فقط، بينما الموسيقى الصادقة هي التي خرجت في لحظة صدق من مؤلفها لتعبر عن حالة إنفعالية مر بها المؤلف ذاته أو على أقل تقدير حالة إنفعالية شاهدها المؤلف فيمن حوله وتأثر بها وعبر عنها تعبيرا صادقا.
فقد يعبر المؤلف الموسيقي بموسيقاه عن (قُبلة أو نظرة أو ابتسامة أو حنين أو وداع أو ظلم أو قهر ...... وغير ذلك من المشاعر)، وقد يفرد المؤلف الموسيقي الصادق عشرات الجمل الموسيقية بل عشرات الصفحات المكتوبة من المدونات الموسيقية كل ذلك ليعبر عن قُبلة واحدة حظى بها من المحبوب..... الموضوع أكبر مما تتخيل عزيزي القارئ، فقد يسترسل المؤلف الموسيقي الصادق ليكتب سيمفونية كاملة وهي أكبر وأرقى قوالب التأليف الموسيقي الغربي والتي قد يزيد عدد صفحاتها عن أربعين صفحة وكل ذلك في وصف إحساسه حين أمسك بيد محبوبته لأول مرة، إحساس صادق عبر عنه بصدق ليصلنا ونصدقه نحن أيضًا.
خلاصة القول الموسيقى الصادقة تعيش والموسيقى الكاذبة سرعان ما تتلاشى وتتبخر،،،، دُمتم بحب وفن.