قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

العروسة طلعت بلاستيك..



بعد أيام قليلة تطل علينا ذكرى المولد النبوي الشريف، ذكرى ميلاد خير الأنام (محمد) عليه الصلاة والسلام، وتُعد هذه المناسبة الطيبة من أجمل المناسبات الدينية التي تحمل طابعا روحانيا يجعلنا نتذكر ما كانت تعانيه الإنسانية قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم من فساد وظلم وظلام حتى جاء مولده الكريم لينير العالم بنور الإسلام.
ولهذه المناسبة ملمحا اجتماعيا هاما، حيث يتزاور الأهل ويحتفل الجميع في جو مليئ بالبهجة والسعادة، وهنا أذكر والدي الحبيب حيث كان يصطحبني في زيارة لبيت جدي وهو يمسكني بيده اليسرى ويحمل في يده اليمنى علبة (حلاوة المولد).
إحساس رائع للأطراف الثلاثة (الأب والإبن والحفيد)، ولكن ربما اختفى هذا الملمح الاجتماعي من أيامنا الحالية، قد يكمن السبب في ضيق الوقتوانشغال الجميع بالسعي والعمل لجلب قوت العيش، وربما لانتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مرعب، مما جعل الأبناء يرسلون عشرات من (علب حلوى المولد) بضغطة إصبع على الهاتف المحمول لتصل الهدايا الزائفة لكل الأهل والأصدقاء بل ولمن لا نعرفهم أصلا (وكده أسهل وأرخص).
في السطور القادمة سأحكي لكم ما حدث معي أنا شخصيا في هذا المجال، منذ يومين دخلت أحد محلات الحلوى الشهيرة لأشتري علبة حلاوة المولد (التقليدية)، فلم أجدها بالرغم من كثافة الحلوى المعروضة، وجدت أصنافا غريبة بالرغم من فخامتها إلا أنها لم تستهويني ولم تلمس وجداني الذي يعتصر حنينا لأيام حلوة عشتها مع أبي وجَدي، فعلى سبيل المثال وجدت أصنافا تُدعى (فخفخينا باللوز، قشدة المارون جلاسية بالكاجو، بسيمة الفواكه، شكلمة بالكريز، طوفي بالشوفان،..... وغيرها من الأسماء الأعجمية)هذه ليست (حلاوة المولد) التي أبحث عنها.
هنا تذكرت تلك العلبة البسيطة التي كان يشتريها أبي وما تحويه من أصناف ومشاعر، تذكرت قرص السمسمية والفولية والحمصية، تذكرت الملبن السادة والملبن الأحمر بالسوداني، تذكرت كيس الحمص الملون (أبيض وبمبى)، وسألت البائع عن صنف كنت أحبه وهو (الملبن الحبل)، وحيث أن البائع صغير السن لم يفهم ماذا أقصد، وحين شرحت له أنني أعني الملبن المحشو بعين الجمل قال لي قصدك (ملبن جوز) إنه موجود، وأحضر لي علبة رقيقة مستطيلة بطول 10سم وعرض 3سم، وقمت بفتحها حتى أجد كيسا شفافا مغلقا يحوي بداخله قطعة ملبن محشوة بعين الجمل ولكنها بدون (حبل)، ولما سألته عن الحبل ضحك وقال لي (إنت عاوز الحبل ف إيه؟ إنت هتاكل الحبل!)، وهنا تيقنت أنه لن يفهمني ولن يُقَدِّر أنني أبحث عن معنى أفتقده ولا أبحث عن حلوى آكلها.
سألت البائع عن عروسة المولد، فقال لي موجودة وعندي تشكيلة كبيرة هتعجبك أوي، وأخذني إلى الجانب الآخر من المحل لأجد نفسي فجأة في محل لبيع العرائس البلاستيك ذات الفساتين الملونة الأبيض والأحمر وكأني في يوم الفالنتين (دي بتغمض بـ 200 جنية ودي بتفتح بـ 250 جنية ودي بتغني بـ 300 جنية)، ظننت في البداية من غُلُوِ ثمن العروسة البلاستيكية ذات الفستان المنفوش أنها محشوة من الداخل بحلوى المولد أو على الأقل ترقد على علبة حلوى مستديرة، وسرعان ما تيقنت أنني واهم، فهي مجرد لعبة بلاستيكية بهذا المبلغ الكبير لكونها فقط تُباع يوم المولد.
سألته عن الحصان والفارس الذي يمتطيه ويحمل سيفا من الحلوى وخلفه العلم المصري القديم الأخضر ذو الهلال الأبيض والنجوم الثلاثة، فقال لي لا يوجد حصان نهائيا، وهنا تألمت كثيرا وشعرت أن اختفاء الحصان بمثابة إعلان عن انتهاء زمن الفرسان.
ولماذا لاينتهي زمن الفرسان والعروسة طلعت بلاستيك،،،،، دُمتم بخير وفن.