إن المصريين في الخارج يساهمون في نهضة البلدان التي يقيمون بها، خاصة الدول العربية حيث كانت مساهمة أبناء مصر في نهضة دول الخليج واضحة جلية، حيث تم الاعتماد على الكفاءات المصرية في كافة مناحي الحياة، وجميع الأنشطة، بداية من الأيدي العاملة البسيطة مرورا بالوظائف الحكومية، وصولا إلى التخصصات الدقيقة.
وتبدو البصمة المصرية واضحة في مجال التعليم، فكان المعلم المصري هو باني الشخصية لأجيال من أشقائنا في بلدان الخليج العربي، وكانت البصمة المصرية ظاهرة في البناء من خلال المهندسين المصريين المشهود لهم بالمهارة، وكذلك ساهم في هذا المجال العامل المصري، وفي مجال الصحة كان الطبيب المصري البارع حاضرا في مستشفيات البلدان الخليجية يقف بجانب زملائه من أهل البلاد ومن البلاد الأوروبية وغيرها؛ يعمل على ضبط المنظومة الصحية هناك، أما في مجال الثقافة والإعلام فالحديث يطول حيث كان المثقفون المصريون والكتاب المصريون هم النبع الذي شكل العقل وكانوا النبراس الذي تطلع له أشقاؤنا في الدول العربية جميعا، وكان الإعلام المصري هو المدرسة التي تخرج منها الإعلاميون في دول الخليج منها، وكانت الخبرات المصرية التي عملت في المؤسسات الإعلامية ذات كفاءة عالية وكان دورهم مشهودا وتأثيرهم عظيما.
يقر بكل ذلك الغالبية من الشعوب العربية وأشقاؤنا في الخليج العربي، وهو ما يجعل لمصر مكانة فوق مكانتها المتميزة عند أهل الخليج العربي.
وما يحدث من تجاوز في بعض الأحيان في حق نفرٍ من أبناء مصر في بعض دول الخليج، فإنه لدينا يأتي في إطار تصرف فردي وسلوك شخصي لا يعبر عن شعوب دول الخليج المحبة لمصر ومن هنا كان شجبنا للاعتداء الذي وقع على سيدة مصرية بدولة الكويت الشقيقة، مؤكدين أن هذا الاعتداء لا يعبر عن سلوك أبناء الشعب الكويتي، الذي نكن له الاحترام والتقدير، والذي نحن على يقين من احترامه وتقديره لمصر: حكومة وشعبا، يؤكد ذلك العلاقات المتينة المتجذرة في التاريخ بين أبناء الشعبين المصري والكويتي.
في ذات الوقت الذي نؤكد أن هذا الحادث يجب ألا يمر دونما عقاب يزجر كل من تسول له نفسه الاعتداء على أي مصري - ليس في دولة الكويت الشقيقة فحسب بل في أي دولة من دول العالم- حيث إنه لابد وأن يشعر المصري في الخارج أن هناك من يقف مساندا له في أي قضية أو أي اعتداء، ذلك الذي لن يتحقق إلا إذا قامت كافة المؤسسات المعنية برعاية مصالح المصريين بالخارج، وعلى رأسها وزارة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج ووزارة الخارجية، بدورها على أكمل وجه في الحصول على كافة الحقوق التي تكفلها القوانين، في ذات الوقت الذي يجب أن يعمل المسؤولين في الدولة المصرية على تعريف أبناء مصر بحقوقهم بالتفصيل.
ونطالب السفارة المصرية بدولة الكويت بمتابعة القضية، في كافة تفاصيلها، وتكليف مسؤول قانوني بالعمل مع جهات التحقيق في هذه القضية، ونحن على ثقة كبيرة في حصول السيدة المصرية المعتدى عليها، على حقوقها كاملة، نتيجة لثقتنا في القضاء الكويتي الذي لا يميز بين مواطن ووافد.
إن التصريحات التي صدرت عن السفيرة نبيلة مكرم عبد الشهيد وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج بخصوص قضية السيدة المصرية المعتدى عليها بالكويت كانت تصريحات مسؤولة ومتزنة ومتوازنة تعكس المدرسة التي تخرجت منها الوزيرة وهي مدرسة الخارجية المصرية العريقة، والتي تزن كلماتها بميزان دقيق.
فلقد عبرت عن تقديرها - وهي المسؤولة المصرية الواعية - لمؤسسة القضاء في دولة الكويت الشقيقة، في ذات الوقت الذي أعلنت فيه أن كرامة المرأة المصرية خط أحمر، وهذا مبدأ لدى كل مصري مسؤولا كان أو غير مسؤول.
إن تصدي النائبة الكويتية صفاء الهاشم بلهجة وبلغة لا تليق، لتصريحات وزيرة الهجرة ووقوفها بنبرات صوت مستفزة على كلمة "خط أحمر" يعكس ما بداخلها الذي أقل ما يوصف أنه لا يحمل ودا لمصر وشعبها، وإن الإسقاط بالمقاربة بالفتاة المصرية التي توفيت نتيجة حادث اعتداء ببريطانيا إسقاط لا محل له من الإعراب وهو نوع من الهذيان حيث إنه كان هناك اهتمام بهذه القضية بما يليق بها، وأنه لا وجه للمقارنة، وكان على النائبة الكويتية أن تعمل على تأكيد علاقة الأخوة بين الشعبين المصري والكويتي؛ خاصة أنها تكلمت باسم الشعب الكويتي الذي تمثله في البرلمان.
إن "لغة التلقيح" التي استخدمتها النائبة الكويتية في حديثها عما أسمته "الإعلام الموجه" فهو عندنا من باب "من على رأسه بطحة".
إن العلاقات المتينة بين الشعبين المصري والكويتي وبين الدولتين لن ينال منها تصريح من هنا أو سلوك خاطئ من هناك، ولا يمكن أن تتأثر بحديث الصلف والتعالي الأجوف الذي صبغ كلمة النائبة الكويتية، مرشحا أن تكون قد لجأت لهذا الحديث بحثا عن شهرة زائفة.