قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

شياطين الإنس تصارع الشيخ الحارثي

×

كانت مفاجأة مروعة أن أشاهد مقطعًا من خطبة لفضيلة الشيخ إبراهيم الحارثي في يوم جمعة بأحد مساجد المملكة العربية السعودية، أرسله لي أحد الأصدقاء التوانسة. والغريب أن مشاهدي هذا المقطع تعدوا الخمسة ملايين مشاهد بكثير رغم أنه مرفوع بتاريخ يونيو 2018، بعد أن عنونه ناشر المقطع بـ «خطيب مسجد في السعوديه يطرد المصلين ويقول لهم هذا مسجد للسعوديين أصحاب النسب الرفيع فقط وليس للمقيمين وأما غير السعودي فعليه عدم الحضور مرة أخرى للصلاة معنا».

وللوهلة الأولى صدمت من كلام فضيلة الشيخ عندما بدأ خطبته بعد الحمد لله والثناء على رسول الله وآله وصحبه أجمعين، ثم طالب المصلين ألا يحضر صلاة الجمعة التالية في المسجد كل من هو ليس سعودًيا أو عربيًا أو قبليًا، لأنهم هم أصحاب الشأن والمقام الرفيع...وهنا إنتهى المقطع، الذي لا يتعدى دقيقتين، لكنه كفيل أن يسبب حالة من الغضب والضغينة تجاه أشقائنا مشايخ المملكة العربية السعودية.

لم أبالِ بهذا المقطع، فقد عشت في المملكة العربية السعودية سنينًا من عمري، واستمعت لمشايخهم سواء في الرياض أم الدمام أم الخبر أم الطائف أم مكة المكرمة وأخيرًا المدينة المنورة، وهي جملة المدن التي تنقلت بينها، لم أجد شيخًا واحدًا يتحدث بعنصرية البتة، بل أذكر جيدًا كيف تحدث الشيخ محمد العريفي بكل جرأة وحب في آن واحد عن فضائل مصر على العرب وهو واقف على منبر أحد مساجد الرياض؛ فكيف لأحد شيوخ المملكة أن يتحدث بمثل هذه العنصرية.

بدا الأمر لي غريبًا، وعلى الفور قررت البحث عن خطب الشيخ إبراهيم الحارثي، لأعثر على الخطبة الأصلية، حيث وجدتها على موقع اليوتيوب وهي تعود لعام 2014 تحت إسم «للسعوديين فقط-خطبة للشيخ إبراهيم الحارثي». واستمعت للخطبة بإنصات شديد، لأجد نفسي متابعًا لكل تفاصيلها، وأشهد الله أنها واحدة من أمتع الخطب التي استمعت لها في حياتي، فلعنت شياطين الإنس، ممن يكنون حقدًا وبغضًا للإسلام وللمملكة العربية السعودية الشقيقة، أولئك الذين قاموا باجتزاء المقطع وتحريف الكلم عن موضعه، بغية إحداث الضغينة والفتنة بين المسلمين.

لقد بدأ الشيخ حقًا خطبته بتلك العبارات، لكنه أردف كلامه بقوله أن هذا هو المنهج المعوج الذي يسمعه من بعض الناس ممن وقعوا فريسة للجاهلية الأولى، وابتعدوا عن منهج الإسلام الصحيح، فصاروا يتباهون ويتفاخرون على بعضهم البعض. وأخذ الشيخ ينهي المصلين عن تلك الأفعال الذميمة والكف عن التباهي والتعالي والتفاخر، فلا هذا يقول أنه سعودي ولا هذا يقول أنا يمني أو مصري أو سوري وهكذا. فكلنا سواسيه، لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى. وأخذ فضيلتة يتحدث عن الأضرار التي تعود على الأمة الإسلامية وتماسكها من جراء التباهي والتفاخر والتعالي على بعضنا البعض. وتساءل: لماذ نوغر الصدور؟ لماذا نفسد الود الذي بيننا؟ لماذا نفرق جمعنا؟

تذكرت وقتها كلام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو يتحدث عن حجم الشائعات التي تطلق ليل نهار على صفحات التواصل الإجتماعي بغية ضرب الوطن في مقتل وإحداث الفتنة والوقيعة بين الشعب والقيادة السياسية، وإضعاف العزائم والهمم لتتوقف عجلة التنمية التي تشهدها البلاد.

إنهم شياطين الإنس الأشد خطرًا علينا من إبليس نفسه، الذين يجلسون خلف شاشات الحواسب على الجانب الآخر من المعمورة وربما بيننا أيضًا ليتفننوا في بث الشائعات لتفتيت الأمة العربية وإحداث الوقيعة بين شعوبها، وغرس بذور الشقاق بين أبنائها.

أشدد هنا، لاسيما معشر الشباب، علينا أن نتساءل عند قراءتنا أو مشاهدتنا لكل ما يخالف العقل والمنطق: لماذا تنشر مثل تلك المقاطع الشاذة؟ ومن الذي يقوم ببثها؟ وما أهدافه؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟ علينا إعمال العقل أولًا قبل أن نأمره بالحكم على الآخرين، إذا كنا من ذوي الألباب الذين خصهم الله عز وجل بجميل القول في كتابه العزيز.