القمصان
الزرقاء جماعات شبه عسكرية شكلها شباب حزب الوفد عام 1936، وطالبالإنجليز فى هذه الفترة أكثر من مرة بحلها وكانوا يتابعون أنشطتها عن قرب، كما طلب
أيضا الملك فاروق من مصطفى النحاس باشا حلها بعداستبعاد
النحاس باشا عند تأليفه وزارته الثانية في 3 أغسطس، بعد تولي الملك فاروق سلطته
الدستورية كلا من النقراشي باشا ومحمد صفوت باشا وعلي فهمي باشا ومحمود غالب باشا
وكان ذلك إيذانا بوقوع أسوأ الانقسامات في تاريخ الوفد.
جماعات شبه عسكرية
جاء تشكيل القمصان الزرقاء كجماعات شبه عسكرية شكلها شباب حزب الوفد لتأديب خصومه السياسيين، وفى عام 1937 شكلت جمعية مصر الفتاة جماعات من الشباب علي نمط شبه عسكري عُرفت بأصحاب القمصان الخضراء'' وكانت مصر الفتاة موالية لخصوم حزب الوفد.
وخلال عامين من الأعوام الأربعة، استطاع الوفد تمويل جماعة القمصان الزرقاء ، وكان لهما صحيفة ناطقة باسمها "الجهاد"، تشكل هذا التنظيم السياسي ذا الصبغة شبه العسكرية علي نحو علني، اعتمادًا علي المناخ السياسي الذي ظهرت فيه وهدفها الرئيسي كسب الشباب إلى جانبها.
صراع القصر والوفد
ثم انتقل الصراع بين القصر والوفد بعد ذلك من لغة المذكرات والمقالات إلى لغة المظاهرات والمصادمات في الشوارع وكان وجود تنظيمين ينتحلان الشكل الفاشي في ذلك الحين وهما: القمصان الزرقاء التي تتبع زعامة الوفد مباشرة والقمصان الخضراء (برئاسة أحمد حسين) التي تتبع القصر وعلي ماهر مباشرة مما جعل الصراع الداخلي يصطبغ بصبغة العنف.
واصطدم أصحاب القمصان الزرقاء بتشكيلات مصر الفتاة، ونتج عن ذلك قتل شخصين، ومن ثم تعرضت مقرات مصر الفتاة للإغلاق، وتوازى مع ذلك حملة سياسية شنها النحاس باشا في مجلس النواب بأن مصر الفتاة تعمل مع دولة أجنبية، خاصة بعد حادث تعرض النحاس باشا لإطلاق نار، فتم إغلاق دور مصر الفتاة، واعتقال الكثير من أعضائها، وعلى رأسهم أحمد حسين.
الوفد يسرق القمصان
وكتب حافظ رمضان بك رئيس الحزب الوطني فى ذلك الوقت مقالا فى جريدة الأهرام أكد فيه أنه كان أول من أوعز لأحمد حسين وجماعة مصر الفتاة تشكيل فرق القمصان الخضراء، وأنه صاحب فكرة القمصان الزرقاء ، وأن الوفد سرق الفكرة منه.
وذكر حافظ رمضان أنه قام سنة 1932 بتشكيل جماعة «البازي» ، وهي جماعة سعي من ورائها إلي تربية الشبيبة تربية رياضية علمية أخلاقية، وكان شعارها رسم «الباز» ذلك الطائر المعروف بالنشاط إذ يغادر وكره قبل انبلاج الشمس من مشرقها كما هو رمز الشجاعة والقوة وعلى رأسه تاجا الوجه البحري والقبلي دليلا علي وحدة المصريين وتماسكهم.
وأكد حافظ بك أن البزاة كانوا يلبسون القمصان الزرقاء منذ سنين، ولم يكن يدور بخلدهم أن يسجلوا لأنفسهم ذلك الرداء, وقاموا بتمريناتهم ورحلاتهم الرياضية في عهد الحكومات التي تألفت منذ عام 1932 تارة في وادي حوف وتارة تحت سفح الأهرام ، وأحيانا في أماكن خلوية بالصحراء ، ولم تفكر إحدى تلك الحكومات في منعهم، لأنهم لم يفكروا أن يكونوا أداة إرهاب أو وسيلة ضغط علي غيرهم.
وقامت جريدة الأهرام في ذلك الوقت بإرسال أحد مندوبيها إلى قائد فرق القمصان الزرقاء أحمد بلال ، للتعرف على أغراض الجماعة ونظمها، وقال بلال أفندي أن فكرة نشأة القمصان الزرقاء نشأت عقب أحداث نوفمبر عام1935 التي حفلت بالمظاهرات الشبابية المطالبة بالدستور، وكانت حركات الطلاب لا تختلف كثيرا عن الحركات النظامية، وكانوا يسيرون في صفوف منظمة تملأ الشوارع علي اتساعها ويرأس كل صف ضابط ، فلم تنته الثورة حتي تمخضت عن القميص الأزرق يرتديه الطالب والعامل.
وأضاف :إن لبس القميص الأزرق رمز للوحدة والمساواة بين الشباب غنيا كان أو فقيرا, كبيرا وصغيرا, متعلما أو غير متعلم, وإن لا يمنع ذلك من التدقيق في اختيار الأعضاء, فيتم فحص الأخلاق والسلوك والوطنية والصلاحية.
وأكد
أنه لا يحق له إلا حمل عصاه الصغيرة المعلقة إلى جانبه, وهى رمز الجندية, يضاف
إليه خنجر كخنجر الجوالة يعلق في الرحلات لمساعدته في أعمال المعسكر وأعمال
الرحلات ، أما الخناجر التي لا يصرح بها القانون والمسدسات وغيرها من الأسلحة
الممنوعة إلا بترخيص فغير مصرح إطلاقا لأعضاء الفرق بحملها.
دور الإنجليز
وكان للإنجليز دور كبير فى غلق مقار الجمعية، وطلبوا من حزب الوفد ورئيسه النحاس باشا حل جماعة القمصان الزرقاء، وكان رسلان باشا حكمدار العاصمة ومساعده جون لويد يتابعان نشاط الشباب بشكل يومى، حتى أن الجنرال لويد كان يظهر فى كل معسكر يتم انشاؤه للشباب سواء كان للوفد أو مصر الفتاة.
وتدخل السفير البريطاني في محاولة منه لإقناع الحكومة الوفدية بحل جماعات القمصان الزرقاء في الوقت الذي كان الوفد يستخدم أسلوب المظاهرات الشعبية كنوع من التأثير على القصر من ناحية والتأكيد أن الوفد يعني الشعب المصري كله من ناحية ثانية وتلك ورقة استعملها الوفد في جميع مراحل صراعه مع العرش وأخذت الجماهير الوفدية تطوف شوارع القاهرة تهتف «النحاس أو الثورة».
كسر شعبية الوفد
وبعد تفاقم مظاهر الخلاف بين الوفد والقصر شجع الملك فاروق جماعة مصر الفتاة لكسر شعبية الوفد، حيث اختار"فاروق" احد رجالها وهو كامل البندارى وعينه وكيلا للديوان الملكى مما زاد من حدة الأزمة بين الوفد والقصر، وتدخل السفير البريطاني في محاولة لاحتواء تلك المشاكل.
إصابة محمد محمود باشا
وفي 30 أكتوبر 1937 تدهور الموقف بشكل خطير بسبب مصادرة الحكومة لجريدة البلاغ – لسان حال القصر – لنشرها نص حديث دار بين الملك فاروق والنحاس طلب فيه الأول حل جماعات القمصان الزرقاء، وعندما تولى محمد محمود باشا رئاسة الوزراء في مصر في أواخر 1937، هاجمت مجموعة من الشباب فيلا رئيس الوزراء وتصادمت مع الحرس الخاص به واستطاعت مجموعة منهم اقتحام الفيلا وتكسير بعض محتوياتها إلى جانب اصابة محمد محمود باشا نفسه إصابة فى رأسه بعد أن حاول التصدى للمهاجمين.
مرسوم يكتب نهايتها
وبعد احتواء الموقف والقبض على بعض هؤلاء الشباب تم استصدار مرسوم يمنع عمل وإنشاء التشكيلات شبه العسكرية في مصر عندما تولى محمد محمود باشا رئاسة الوزراء في مصر في أواخر 1937، و بذلك اسدل الستار على قصة شباب القمصان الملونة، ووضعت مادة فى كل الدساتير بعد ذلك تجرم انشاء التشكيلات شبه العسكرية.