الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرفض = الطرد


هكذا هي أمريكا الدكتاتورة إذا قررت أن تسير عكس إرادتها، أدارت لك ظهرها، وربما ألقت بك في المحيط إذا كنت تعيش على أراضيها.. فإما "نعم" أو "إجراءات عقابية".. وهو ما قامت به مؤخرًا كردة فعل على الرفض الفلسطيني لصفقة القرن؟!

حيث ألغت السلطات الأمريكية تأشيرات الإقامة لعائلة السفير الفلسطيني في واشنطن وطالبتهم بمغادرة أمريكا فورًا، كما أغلقت الحسابات المصرفية للسلطة الفلسطينية في الولايات المتحدة.

ونقلت وكالة "معا" عن السفير الفلسطيني، حسام زملط، تأكيده أن السلطات الأمريكية أغلقت حسابات البنوك وألغت تأشيرات الإقامة لعائلته، زوجته وأبنائه، وطالبتهم بمغادرة أمريكا فورًا رغم أن التأشيرات مستمرة حتى عام 2022.

وأضاف السفير أنه بعد هذه الإجراءات أصبح مكوث عائلته في أمريكا غير ممكن، وهم في طريقهم إلى رام الله.

واعتبر زملط هذه الإجراءات جزءا من الهجمة على القيادة الفلسطينية على إثر موقفها الرافض لـ "صفقة القرن".

وعلى صعيدٍ آخر، قال مسئول أمريكيٌ بارز إن الإدارة الأمريكية تستعد لإظهار وإعلان "صفقة القرن" سواء وافق الطرف الفلسطيني أو رفض.

ومن جانبها، ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، مساء السبت الماضي، أن مسئولًا أمريكيًا بارزًا أوضح أنَّ إدارة الرئيس، دونالد ترامب، تستعد لإعلان ونشر الخطة الأمريكية لإحلال السلام في الشرق الأوسط، المعروفة باسم "صفقة القرن".

وأفادت الصحيفة بأن الإعلان الأمريكي سيظهر سواء وافق الطرف الفلسطيني أو رفض، وبأن الجزء الاقتصادي من الخطة الأمريكية للسلام لم يظهر بعد أو لم يكتمل.

وأوردت الصحيفة على لسان المسئول الأمريكي البارز -دون ذكر اسمه وكنيته-، أن طاقم المفاوضات الأمريكي الخاص بصفقة القرن ضاق ذرعًا بالفلسطينيين، وبأنه لديه قناعة بالإعلان عن السلام مع إسرائيل، سواء وافق الفلسطينيون أو رفضوا أو تمت الصفقة بدونهم، من الأساس.

سلسلة من التدابير العقابية التي اتخذتها واشنطن مؤخرًا ضد الفلسطينيين أظهرت محاولة لإرغامهم على التخلي عما نصّ عليه اتفاق أوسلو عام 1993 من قيام دولة فلسطينية.. إن دبلوماسية ترامب القسرية، والمرفوضة من جانب القادة الفلسطينيين، تتجاهل حقيقة ما قام عليه اتفاق أوسلو من أن استبعاد سيادة الفلسطينيين يعني منح هيمنة دائمة ليهود إسرائيل على أغلبية منزوعة الامتيازات من العرب الفلسطينيين على نحو يُمهّد الطريق لدولة فصل عنصري.

لكن من الواضح أن ترامب وفريقه الخاص بصفقة القرن عازم على تقويض كافة وعود اتفاق أوسلو، ورسم إطار للسلام مشابه لمطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

ديفيد ميلر، خبير المفاوضات الشرق أوسطية المخضرم، قال إن "ترامب يستهدف تقويض ثلاثة عناصر أساسية نص عليها اتفاق أوسلو: القدس، وقضية اللاجئين، وتقسيم الأرض لدولتين".

وتعريف اتفاق أوسلو، لحل الدولتين، هو مثار الاعتراض الأساسي للبيت الأبيض في ظل قيادة ترامب.. ويبدو أن كوشنر يؤيد الطرح الذي عرضه نتنياهو حول "دولة منقوصة" يحظى فيها الفلسطينيون بحكم ذاتي محلي على نسبة 40% من الضفة الغربية على مناطق منفصلة عن بعضها البعض الأمر الذي يستحيل معه حصول السيادة للفلسطينيين في الضفة، وتكون غزة صوريًا تحت سيطرة قيادة فلسطينية، بينما تكون لإسرائيل السيطرة الفعلية على الأمن وعلى معظم الأرض والبحر والجو والطاقة والتجارة.

ترامب قام في الأشهر القليلة الماضية باتخاذ قرارات ومواقف ضرب بها عرض الحائط غير عابئًا بالعرب مطلقًا بل صفعهم بها، حيث أعلن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ما يتعذًر معه قيام عاصمة فلسطينية في المدينة المقدسة.

من كل قلبي: صفقة القرن التي يزعم الرئيس دونالد ترامب أنها ستجلب السلام للشرق الأوسط مصيرها الفشل ما لم تضمن سيادة للفلسطينيين في دولة مستقبلية أما النظام العنتري الذي ينتهجه ترامب هو وصهره المنفذ للأوامر كوشنر، فلن يُجدي نفعًا مع العرب حتى إذا قام بلّي ذراعهم.. ولن يتحقق السلام بين العرب والإسرائيليين إلا بإعادة الحق لأصحابه والاعتراف بحقوقهم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط