حبيبي الغالي .. من بعد الأشواق .. بهديك كل سلامي وحنيني وغرامي
نور عيني .. روح قلبي .. حبيبي .. حياتي
مشتاق لعينيك .. مشتاقلك .. مشتاق وانا لسه مقابلك
وف عز الشوق يا حبيبي وف عز الليل بكتبلك
لا .. لا .. قلبي اللى بيكتبلك .. هو اللي بيبعتلك
الليل صحاه .. والشوق خلاه يكتبلك...
هذه الكلمات الرومانسية السابقة هي كلمات جواب "عبد الحليم حافظ" إلى "زيزي البدراوي" في فيلم (البنات والصيف) للكاتب إحسان عبد القدوس وإخراج فطين عبد الوهاب والذي تم إنتاجه عام 1960، وقد صاغ "مرسي جميل عزيز" كلمات هذا الجواب وكأنما يجسد مشاعره لمحبوبته هو، ثم يأتي الملحن "كمال الطويل" ليضفي لمسته الأرستقراطية الراقية إلى هذه الكلمات العذبة ويخرج لنا هذه الأغنية المتفردة على مستوى العالم العربي,
حيث أن هذا هو الجواب الوحيد الذي تم تلحينه، بل وتم توظيفه دراميا بما يخدم أحداث القصة الرومانسية غزيرة المشاعر.
وهنا أتساءل أين ذهب هذا (الجواب) الورقي في زماننا الحالي، وهل له ضرورة في عالمنا الحالي المليئ بالرسائل الألكترونية (sms)، وهل الرسائل عبر بعض التطبيقات مثل الواتسب أو الماسنجر أو الفيس بوك وغيرها، لها نفس الأثر النفسي للجواب الخطي الورقي خاصة بين المُحبين؟
أعتقد أن الفجوة الجيلية ستلعب دورا كبيرًا في اختلاف الإجابة على هذا السؤال، حيث أن هناك جيل جديد لا يعلم شيئا عن الجواب الورقي، ولا يعلم أن كلا والديه أو أحدهما على الأقل مازال يحتفظ في أوراقة الهامة التي ربما يخفيها في خزانته السرية بجواب من المحبوب، وبرغم مرور عشرات السنين إلا أنه يشتاق لرؤية هذا الجواب وقراءتهمن حين لآخر، وأن والدته ربما تغلق باب غرفتها عليها وتغيب عن أعينهم بالساعات لتقرأ مثل هذه الخطابات التي استلمتها منذ سنين طويلة وفي اليد رعشة وفي القلب رجفة وفي العين دمعة أحيانا، لتستعيد ذكرياتها ولتشعر مرة أخرى بأهمية وجودها كأنثى تشعر وتحب.
أما الآن فإن الرسائل الإلكترونية تُمسح بمجرد قراءتها، ربما يرجع السبب في ذلك إلى أن كلمة الحب زمان كان لها معنى ووزن واحترام ذلك ما يدعونا للاحتفاظ بها مكتوبة في جواب لسنين طويلة، بينما كلمة الحب الآن في هذا العصر المادي فقدت بريقها مما يجعلك تمسحها من هاتفك بعد لحظات من قراءتها، الأمر مُحير.
وأنا لي وجهة نظر خاصة في هذا الأمر، وهي أن الجواب التقليدي الورقي كان يأتينا بخط اليد من صاحبه، وأن تفاصيل خطه ورعشة قلمه وهو يكتب كلمة (أحبك) كانت تنتقل إلينا لتهز مشاعرنا ونحن نقرأ هذه الكلمة، بينما الرسائل الألكترونية على الهاتف نقرأها مكتوبة بنوع وحجم الخط الذي اختاره المستقبل وليس المرسل، ولذلك فأنا أقرأ جميع الرسائل الواردة بنفس نوع وحجم الخط، مما لا يميز رسائل المحبوب!
لذلك أنصح كل من يفكر في كتابة كلمة ( أحبك ) أو مصارحة حبيبه بهذه المشاعر الجميلة لأول مرة، أنصحه أن يكتب رسالته على ورقة بخط اليد مثل جواب (عبد الحليم حافظ) ثم يصورها ويرسلها عبر الهاتف المحمول لمحبوبه، وبالتالي ستكون الرسالة هنا ورقية في أصلها وألكترونية في طريقة نقلها،،، دُمتم بحب وفن.