انشغل الكثير منا إبان العام الحزين الذى حكمت فيه الجماعة مصر بكثير من الأمور، فانشغل البعض بأوراق الهجرة وانشغل البعض الاخر بالكوميديا السوداء التى كانت نتاج تصرفات أعضاء مكتب الارشاد الذى كان يتحكم فى كل شيء.
وتغافلنا جميعًا وقتها عن الصراعات التى كانت تدور بين مؤسسة الرئاسة التى احتلتها الاخوان والقوات المسلحة الشريفة التى كانت تنقل رغبات القوى السياسية المختلفة من أطياف الشعب باجراء انتخابات رئاسية مبكرة والتى كانت تٌقابل بمنتهى التهكم والسخرية والاهانة للشعب والمسئولين الشرفاء .
ولكن جاءت رحمة السماء وكل التبريكات السماوية لمصر لنخلص من الجماعة الاثمة ببيان الثالث من يوليو لعام 2013 م بصوت الرئيس عبد الفتاح السيسى .
ولكننا نجلس اليوم نمصمص الشفاة ونتوسم فى أنفسنا محللين اقتصاديين ننتقد قرضا دوليا وننتقد سعر الدولار دون أن نتخيل السيناريو الاخر الذى كنا سنصبح أبطاله فى حال أن ثورة الثلاثين من يونيو لم تقم أو قامت ولم تتوج ببيان الثالث من يوليو الذى حمي ثمارها .
فالثورة هى عبارة عن مثلث لابد أن يتوافر كل أضلاعه : الأول : شعب فى حالة غضب تصل لدرجة الغليان تجاه نظام سياسى معين, الثانى: نظام فاشى وفاسد , الثالث: قوات مسلحة وأمن مركزى شريفة تستطيع حماية ثمار ذلك الغضب المشروع للشعب.
وفى ثورة الثلاثين من يونيو توافرت كل اضلاع المثلث تلك ولولاها لكنا اتجهنا بسرعة كرة الثلج من اعلى الجبل للسيناريو المخيف .
ذلك السيناريو الذى كان سيحدث حتميًا كنتاج لما كان قائمًا وقتها مثل موارد فى حالة تناقص حاد لتهريبها من معبر رفح تارة ولسرقتها تارة , مؤشرات البورصة المصرية فى نزول حاد , حوادث فى كل مكان , قوات شرطة وكمائن مهددة ليس من الارهابيين ولكن من النظام الفاشى !
مصانع مغلقة وشلل تام فى الانتاج بل ايقاف عجلة الانتاج بأكملها , أى اغلاق الحكومة كلها ,تمرير اتفاقيات دولية خائنة للوطن مثل سد النهضة واهداء سيناء – ربما بأكملها- لإخواننا فى فلسطين لتكون الوطن البديل لهم لا رحمة بهم ولا مساعدة لهم فالشعب الفلسطينى يريد أرضه لا وطنًا بديلا ولكن باعتراف الرئيس محمود عباس حينما قال إن مرسى عرض اعطاءهم قطعة من سيناء كان ذلك تسهيلا لاسرائيل لا مساعدة للفلسطينيين .
فلنا أن نتخيل اليوم فى ذلك السيناريو المفترض المخيف كيف كانت ستبدو صفقة القرن اليوم كانت ستقعد فى تل أبيب مثلا ؟ برعاية المعزول مرسى وخيرت الشاطر والسفير الامريكى ورئيس وزراء اسرائيل لتسليم سيناء ؟ حاشا لله !
ولا أظن وقتها أن الرفاهية التى ننعم بها الان كانت ستتوافر لكى ننتقد شروط صندوق النقد الدولى واعادة تسعير الخدمات الحكومية واعادة الترسيم المائى بيننا وبين المملكة العربية السعودية مثلا لانه وقتها ستكون اختفت مصر من على الخريطة على يد الجماعة الارهابية .فالحمدلله على نعمة بيان الثالث من يوليو العظيم.