الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصة حزينة للعرب في سوريا واليمن


الكتابة في الشأن الإقليمي ليست ترفًا يمارسه بعض الكتاب والمفكرين للابتعاد عن المشاكل الداخلية للأوطان والهروب منها، لكنها واجب مقدس لرصد متغيرات اللحظة الراهنة في المنطقة العربية وتداعياتها على الجميع، خصوصًا بعدما دخلت المنطقة أتون الحرب وأصبحت عرضة لتغيرات إقليمية ودولية هائلة على حساب" الدولة العربية".

وما يجري في اليمن وما يجري في سوريا هو مثال حي لمواجهة كبرى على الأرض العربية.

بين حلم فارسي يقوده نظام الملالي الحاكم في إيران يواصل التمدد، وقضم الدول العربية الواحدة تلو الأخري.

وبين انتفاضة أمريكية استيقظت فجأة بعد وصول الرئيس ترامب إلى سدة الحكم في واشنطن. فأنهى حقبة أوباما التي كانت -موالية ومؤيدة ومغمضة العينين- عما تقوم به إيران في المنطقة، بعدما وصلت ترامب أصداء صرخة عربية وخليجية كبرى بخطورة المشروع الإيراني على تماسك ووحدة دول الخليج العربي بل ووجودها ذاته.

فاستغل ترامب الفرصة وبدأ يدفع بالسياسة الأمريكية من جديد ناحية المنطقة العربية، ويبدو في مظهر المدافع عن المنطقة العربية.. الحامل لواء مقاومتها ضد إيران.

لكن هذا بالطبع له ثمن فادح لا يداريه ترامب ولا يخجل منه، ولا من طلب مئات المليارات من الدولارات ثمنا للتحركات الأمريكية بل إنه قال مباشرة" ينبغي على الدول العربية الثرية أن تدفع لواشنطن ثمن دفاعها عنها!".

وفي كل من الملف السوري والملف اليمني تبدوا هناك قصة حزينة للعرب. بعدما دخلت إيران اليمن مستغلة الأوضاع بعد الثورة اليمنية في عام 2011 وقامت بتغذية وتربية ميليشيات الحوثي التابعة لها وساندتها للانقلاب على العملية السياسية في اليمن. وإدخال هذا البلد الفقير أصلا في آتون حرب أهلية لم تبق ولم تذر على الأرض اليمنية اي شىء من موارد وإمكانيات.

واليوم ومع فاتورة ضخمة تدفعها دول الخليج وخصوصا كل من السعودية والإمارات ودول التحالف العربي، تبدو هناك بشائر للانتصار على ايران في اليمن وهزيمة ميليشيات الحوثي الموالية لها بعدما قتل قادة بارزون لها وتم استعادة مطار الحديدة الاستراتيجي..

لكن هل انتهت مأساة اليمنيين بهذا الشكل أو هل هى في سبيلها للانتهاء؟

المؤكد أنه حتى مع هذه الانتصارات التي يحققها التحالف العربي على الأرض في اليمن، فإن هناك أمام اليمنيين ما بين عامين أو ثلاثة في حال سارت الأمور بشكلها الطبيعي حتى يتم الرجوع إلى شكل من الاستقرار في صنعاء، وإستعادتها من أيدي الحوثيين.

إن الوجود الإيراني في اليمن، أثر تأثيرا كبيرًا على المقدرات العربية ويمثل جبهة مفتوحة تبلع المليارات من دول الخليج. وقد تخرج الأزمة عن السيطرة بمواصلة الضغط على الحوثي وقد تكون هناك تصرفات إيرانية مفاجئة تقلب الطاولة وتدخلنا في دوامة أكبر للجحيم..

فاليمن قصة عربية ليست حزينة فقط ولكنها مفزّعة لبلد دخلته إيران وأصبح ساحة لمواجهة دولية على أرضه..

اما في سوريا فإن المصيبة أعظم، صحيح أن الرئيس السوري بشار الأسد استطاع تحقيق العديد من الانتصارات على داعش والفصائل السورية المعارضة خلال الشهور الأخيرة وخصوصا في محيط العاصمة دمشق..

لكن الأسد الذي حرر دمشق أو بالأحرى استطاع استعادة الأحياء والمناطق حولها، أخذها من أيدي الفصائل الإرهابية السنّية داعش والنصرة ليعيطيها لفصائل إرهابية إيرانية شيعية هى الحرس الثوري وفاطميون وحزب الله..

فقد أخذها من فم عصابات سن!ية ليعطيها لارهابيين شيعة ويتصور أنه حرر سوريا

القضية في سوريا، التي قتل فيها نحو نصف مليون سوري ووصل عدد الفارين منها نحو 6 ملايين لاجىء وتم تدمير الدولة السورية تدميرًا وحشيًا ممنهجًا

ومع ذلك لا تقف عند عصابات السنّة داعش والنصرة ولا عصابات إيران الشيعية حزب الله والحرس الثوري..

ولكنها تحولت إلى مواجهة دولية، بعدما رأت واشنطن بعد سنوات من ترك الملف لروسيا انها لابد أن تدخل سوريا من جديد وتدافع عن المصالح الأمريكية العليا في المنطقة وتواجه إيران..

حتى أعلن وزير الخارجية الأمريكي بومبيو، أن واشنطن موجودة في سوريا ليس لمواجهة داعش الإرهابي فقط ولكن لمواجهة نفوذ إيران.

هكذا أصبحت المنطقة العربية "كعكة حجرية"، يقضهما هذا ويعبث بها ذاك، وآخر يمر لينفذ أجندته ورابع يرى أنه لابد لمزيد من القتل والتدمير والعالم العربي أو النظام لعربي الرسمي لا وجود له..

لقد ماتت الجامعة العربية، ومات النظام العربي الرسمي وأصبحت روايتنا للقصص الحزينة، وللأوطان العربية المدمرة قصصًا نتلوها كل مساء

وفي النهاية..

تظل أبيات نزار قباني مرثية على أطلال صنعاء ودمشق

إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ

لأننا ندخُلها..

بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ

بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ

لأننا ندخلها..

بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ

السرُّ في مأساتنا

صراخنا أضخمُ من أصواتنا

وسيفُنا أطولُ من قاماتنا

خلاصةُ القضيّهْ

توجزُ في عبارهْ

لقد لبسنا قشرةَ الحضارهْ

والروحُ جاهليّهْ..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط